الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
صابرحجازي يحاور الشاعرة والإعلامية المصرية فابيولا بدوي

 في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها  بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافيةعبر انحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم يتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا  

ويأتي هذا اللقاء رقم ( 131 )  ضمن نفس المسار
وفي ما يلي نص الحوار


  كيف تقدمين نفسك للقراء؟

إنسانة مصرية تعتز بانتماءاتها الحضارية وتحاول أن تجادل الواقع المعاش علها تستوعب التغيرات التي تحدث في مجتمعاتنا. قارئة جيدة تمتلك طاقة وتبذل جهدا كي تترجم هذا الجدال من خلال صور متعددة ككتابة المقال أو نظم الشعر. لا يهمني كثيرا أن أكون مصدر لإجابات واضحة حول غالبية قضايانا الفكرية والثقافية والاجتماعية، بقدر محاولتي الدائمة للتوصل إلى صيغ سليمة في طرح التساؤلات حول هذه القضايا، فالسؤال الصحيح هو نصف الإجابة كما علمتنا الحياة.

 انتاجك الادبي : نبذة عنة ؟
الإنتاج الأدبي بشكل عام ليس فقط ما نشر ووصل إلى القاريء، فنتاج أي كاتب هو محصله ما كتبه ويكتبه بغض النظر عن النشر، لهذا هو بالنسبة لي مراحل. بالنسبة لما نشر، لدي ديوان يحمل عنوان (قصائد ظامئة) والأخر هو (الوشم) ثم مؤخرا صدر لي في القاهرة (تداعيات من الماضي) وهو ديوان يجتمع فيه أفضل قصائد، من وجهة نظري، كتبت في فترة سابقة شكلت مرحلة لدي أتصور أني قد تخطيتها الآن، لهذا كان من الأفضل طرحه قبل ديوان تحت الطبع الآن بعنوان (أنثى من رمال) وهو يجسد مرحلة شعرية مختلفة تماما.
بعيدا عن الشعر صدر لي كتابان أحدهما من دار المعارف في مصر (إرهابيون ولكن) وكان بالاشتراك مع الطبيب النفسي المعروف محمد شعلان حول خصوصية تكوين المتطرف عامة والتطبيق كان على الجماعات الاسلامية المتشددة، أما الكتاب الآخر فقد صدر عن دار لارماتان للنشر والتوزيع في فرنسا (الأزمة العراقية ومستقبل القومية العربية)
أما المرحلة الأخيرة في النتاج الأدبي فهو ما اعتبره خطتي القادمة في الكتابة حيث أكثر من موضوع وأكثر من تجربة إبداعية ما بين الشعر والقصة القصيرة والروائية بدأت في كل منهم ولكني لم انته من احدهم بعد.

  هل كتابة الشعر والانفتاح على العالم من خلال الشبكه العنكبوتيه - هل تسبب  صعوبات او
اشكاليات في المجتمع  - وهل مقص الرقيب ما زال يهدد الاقلام المبدعه ؟

الانترنت بشكل عام له الكثير من الايجابيات والسلبيات مثله في ذلك مثل أي شيء في الحياة. وفي مقدمة هذه السلبيات انتشار ثقافة الـ (تيك آوي) بمعنى سرعة الحصول على المعلومة وقراءتها بشكل موجز، مما أثر بطبيعة الحال على المستوى الثقافي وعلى علاقة الانسان بالقراءة والكتاب المطبوع. وبالتبعية تأثر الشعر بذلك من حيث الشكل وليس المضمون، فالقصيدة المكثفة القصيرة أصبحت هي الاكثر انتشارا. أيضا اللبس العجيب الذي بتنا نرصده في الخلط ما بين الشعر وقصيدة النثر والخاطرة. ولكن هذا لا يعد أحد الصعوبات التي تواجه الشاعر، فلكل أسلوبه وقدراته، هناك من يمتلك قدرة كبيرة على التكثيف، ربما الصعوبة اليوم لدى الشاعر الذي يتميز بالقصيدة الطويلة. وإذا ما تحدثنا عن الايجابيات والانفتاح عن العالم فسنجد الأمر كله يصب في صالح قصيدة النثر التي لم تكن تلقى قبولا لدى الكثيرين، إلا أن الأمر قد اختلف كثيرا الآن بعد التفاعل مع شعراء من مختلف أنحاء العالم، والاقتراب بشكل أكثر نضجا وفهما للقصيدة النثرية.
أما فيما يخص مقص الرقيب لا أتصور أن هذا هاجسا يؤرقني على المستوى الشخصي وحديثي هذا لا يجب أن ينسحب على الآخرين. الرقيب لم يكن يوما هاجسي سواء اليوم أو في الماضي، أنا اكتب ما اشعر به، وحينما اختار للنشر يكون معياري فقط ما اريد للآخرين تقاسمه معي وما أرغب في أن يظل ملكية خاصة بي. ولكن إذا ما تحدثنا بعمومية أكثر أتصور أن مسألة الرقابة على الابداع في ظل الانترنت قد تقلصت كثير، على الرغم من أنها لازالت موجودة بدرجات متفاوتة من بلد لآخر. المشكلة الحقيقية تكمن دائما في الرقيب القابع في أعماق كل منا. المبدعون العرب لدي كل منهم خطوطا حمراء في داخلهم، سواء عن وعي أو بدون، لهذا نجدهم يكتبون وفي أعماقهم هذا الرقيب الخفي القابع في مكان ما، والمبدع الأكثر جرأة ومصداقية هو المبدع الذي تمكن من مواجهة الرقيب الداخلي وليس الخارجي والقضاء عليه أو تخطيه وتجاهله، ومن ثم هو دائما الأكثر إبداعات وقدره على الخلود بأعماله، باختصار هو الاكثر بقاء واستمرارية .
وهذا رابط صفحتي 
https://www.facebook.com/badawy.fabyola.7?fref=pb&hc_location=friends_tab

 بوصفك كاتبة وصحافية - هل الاعلام يعطي المبدع حقه بتسليط الاضواء علية والاخذ بيده حتي يظهر للجمهور؟
لا اعتقد أن الاعلام العربي بشكل عام مهتم بمثل هذه الأمور، نحن أمام إعلام في غالبيته موجه، ويركز في عمومه إما على السياسة على اختلاف توجهات كل منهم أو على السطحية الرائجة هذه الأيام. حتى البرامج القليلة المعنية بتقديم المبدعين نجدها جامدة فاقدة للقدرة على جذب المشاهد، حتى أنها تبدو دائما كالوجبة صعبة الهضم التي لا تشجع على تناولها.

 من سيقود في المرحلة المقبلة الثقافي أم السياسي خصوصا بعد الاحداث الاخيرة في الوطن العربي -  وما علاقة الثقافة بالسياسة ؟.
سوف يقود السياسي المثقف، أي السياسي الذي يمتلك خلفية ثقافية تمكنه من التعامل مع المتغيرات في مجتمعاتنا. في السابق كان المثقف هو من يستنهض والسياسي يقود. اليوم نشطاء المجتمع المدني هم من يستنهضون ثم يأتي دور السياسي. وبالقدر الثقافي الذي يتمتع به هؤلاء الناشطين بقدر ما ستنجح دعواتهم وممارستهم، وإلا تبقى دائما فقاعات في الهواء تنطلق ثم تخبو، مشكلتنا أن غالبية نشطائنا منحازون إلى فكر أحادي يتسم بالجمود، نادرا منهم من هو بعيد عن الشعارات العتيقة والذي يمتلك بعدا ثقافيا يجعله أكثر اندماجا وتفاعلا وإيجابية. الخلفية الثقافية وحدها هي التي ستحصن الناشط السياسي وتمكنه من البقاء والتعامل مع معطيات الواقع للنفاذ إلى المستقبل بشكل راق.
في كل الحالات تبقى علاقة الثقافة بالسياسة علاقة أزلية، يرتبط كلاهما بالآخر ارتباطا وثيقا بحيث يصعب الفصل بينهما، فما المثقف سوى مرآة للواقع المعاش، سواء بالرصد أو النقد أو الحلم بالتغيير. وإن أردت الصدق مشكلتنا الكبرى اليوم تنحصر في قصور إمكانيات المثقف الشخصية وفي الجمود الفكري للنشطاء وفي جهل منقطع النظير للسياسيين.

 هل هناك إسقاطات للتحولات الاجتماعية والسياسية في أعمالك الأدبية الحالية ..ب معنى آخر هل ترى كتاباتك تعبر عن الواقع ؟
كتاباتي تنقسم إلى جزءين، المقال الأسبوعي هو مقال سياسي أو ثقافي بشكل مباشر يتعاطى مع متغيرات الأحداث، والشعر الذي اجتهد دائما أن يخرج من بوتقة الخاص والشخصي ليلتحم بالهم العام والوجع المجتمعي، فأنا جزء من هذا الوجع سواء شئت أم أبيت، وأبنة هذه الأرض التي انجبتني واصارع معها كي أكون جزء من الكون، بدلا من الخضوع لإرادتها بنفي. لذا احمل في داخلي كم هائل من المتناقضات مثلي في ذلك مثل الجميع، أحاول المحافظة على ثوابت يصيبني الفزع حينما أجدها تتسرب من بين يدي كالقابضة على الماء، وفي الوقت ذاته أحاول الاقتراب من كل ما يفزعني علني أجد فيه نفسي بشكل أو بآخر أو ارفضه عن قناعة بإرادة واعية.  كل هذا وغيره من العوامل التي تعيد تشكيلي وتتأثر بها كتاباتي.

  لكل مبدع محطات تأثر وأب روحي قد يترك بصماته واضحة خلال مراحل الإبداع، فما هي أبرز محطات التأثر لديك، وهل هناك أب روحي ؟
اعتقد أني من الأشخاص المحظوظين، فمنذ بداياتي لم اشعر بالتجاهل بل على العكس وجدت دائما من يقف إلى جواري ويسديني النصح والنقد البناء. لدي في كل مرحلة من مراحل حياتي أساتذة أفخر أني تتلمذت على أيديهم، سواء في الصحافة أو في الشعر، فالشعر نصفه موهبة والنصف الأخر أن نجتهد على أنفسنا، من هنا بالطبع أدين بالولاء لكثيرين. ولكني لا أظن أني قد تأثرت بأي منهم، فجميعهم من دون استثناء حرصوا على أن أكون ذاتي، لهذا ومن قلب امتناني لهم أؤكد أني منذ اللحظة الأولى سواء في عملي الصحفي أو حينما بدأت أنشر قصائدي لم أعان مما يقال عنه أنه أزمة تبن أو اهمال من الأساتذة، بل على العكس وجدت ترحابا ومصداقية في التعامل وأول ما تعلمته هو الاجتهاد وتقبل النقد الصادق حتى أخر لحظة في حياتي. من تجربتي الخاصة أرفض تعميم مقولة أننا جيل بلا أساتذة، هذا غير صحيح على الاطلاق.

 ما الرسالة التي يجب علي الأدباء تقديمها للمجتمع في الوقت الراهن ؟
هنا تحكمني طبيعة شخصيتي في الإجابة، لأنني لا أجيد التنظير أو إسداء النصح للآخرين، فأنا أخر من يصلح لهذا الأمر. المبدع الحقيقي يعرف طريقه ورسالته ودوره في كل زمان ومكان ولا يحتاج لمن يملي عليه مفردات الرسالة التي عليه أن يحملها. أما المبدع المصطنع أو الذي يرى نفسه فوق الجميع ولايزال يتمسك بشرنقته وبرجه العاجي، هو دائما خارج المعادلة طال الزمن أو قصر.

 مشروعك المستقبلي - كيف تحلمي به - وما هو الحلم الادبي الذى تصبو الي تحقيقة ؟
اتمنى ديوان مشترك مع أحد الشعراء أو الشاعرات تكون فكرته مختلفة وكذلك أسلوب كتابته، وأحلم بأن أصل لمكانة أشعر من خلالها أني لم أخذل كل من وقف بجانبي وساعدني، لدي من الأحلام ما يتسع لهذا العالم، فأنا كائن عاشق للحياة بتفاصيلها، لدي طاقات ومساحات هائلة من الحلم احترمها واقدر مساحتها في داخلي، لهذا احلم بأن أظل دائما ابنة شرعية لخطواتي البطيئة الراسخة.

حينما يكون الانسان بعيد عن وطنة (حضرتك مصرية تعيش في فرنسا)يصنع صورة عن وطنة تكون مختلفة عن الموجود بها ..ما رايك في الاحداث الجارية بمصر؟ ما الاسماء الادبية المصرية المتصدرة الساحة الان ؟ .
الحقيقة هذا يرتبط بالشخص المسافر منذ سنوات قليلة ولكن حينما تغادر الوطن منذ فترة طويلة جدا وتكون دائم التردد عليه فأنك لا تصنع صورة مختلفة، لكنك تتمكن من رؤية الصورة بتفاصيلها من الخارج، لا اقصد خارج الوطن بل خارج الصورة، ايضا يكون المرء قد عايش ثقافات مختلفة الى جانب ثقافته الأم، لهذا قد تختلف احكامنا على الاحداث، قد نكون اكثر وسطية او حزما لكننا لا نعيش ابدا في صورة مغايرة للوقائع بل في قلب الوقائع بأعين وذهنية مختلفة
لا ادري ما المقصود بالأحداث الجارية، كل بلدان العالم بها احداث متلاحقة بشكل عام نحن لسنا ملائكة توجد ايجابيات كما السلبيات، الى جانب اننا جزء من كل ولا نعيش بمعزل عن الاحداث الجارية في العالم بكل جنونها وحماقتها وايجابيتها واطماعها
لا يعني ان تتصدر اسماء بعينها المشهد الابداعي انهن الاكفأ فقط، هناك عدد هائل من المبدعات لم ينلن حظهن في الشهرة، لهذا سأذكر الاقرب إلي والاهم من وجهة نظري
مصر عادة ما تتمتع بالعديد من الأسماء الأدبية من الجنسين، لم تعدم مصر يوما أبناءها الذين يحفرون اسمائهم على المشهد الثقافي والفكري. لهذا من الطبيعي أن يزخر عالم الأدب في مصر بأسماء أديبات متميزات على سبيل المثال فقط وليس الحصر، اقبال بركة ، ميرال طحاوي، نجوى شعبان، سلوى بكر، إيمان مرسال وفاطمة قنديل وغيرهن كثيرات.

  واخيرا ما الكلمة التي تقوليها في ختام هذه المقابلة ؟
أود اولا  ان شكرك على هذه المقابلة  الاديب المصري د.صابر حجازي
وأقول في الختام أني قد بت أكثر قلقا وربما خوفا، فجيل العمالقة من حولنا يتساقط واحد بعد الآخر. تركوا لنا رصيدا هائلا من الابداع وأخشى في ظل ما يحدث من حولنا، وبسبب الايقاع السريع وأنصاف الموهوبين في كل المجالات وليس الادب فقط، ألا نشكل أي امتداد أو استمرارية، وأن نغادر هذا العالم من دون بصمة أو إضافة .. ليتنا نتنبه إلى هذا ونحاول بقدر استطاعة كل منا، أن نستدرك الأمر وإلا سنكون حلقة ضعيفة ما بين الماضي والآتي.
 .. ————
الكاتب والشاعر والقاص المصري د.صابر حجازي
http://ar-ar.facebook.com/SaberHegazi
– ينشر إنتاجه منذ عام 1983 في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة
- اذيعت قصائدة ولقاءتة في شبكة الاذاعة المصرية 
- نشرت اعماله في معظم الدوريات الادبية في العالم العربي
– ترجمت بعض قصائده الي الانجليزية والفرنسية
– حصل علي العديد من الجوائز والاوسمه في الشعر والكتابة الادبية
–عمل العديد من اللقاءات وألاحاديث الصحفية ونشرت في الصحف والمواقع والمنتديات المتخصصة

 

2020-10-04