السبت 15/10/1444 هـ الموافق 06/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الرئيس محمودعباس وإستراتيجية الغوص!!...دكتور ناجى صادق شراب

 ليس من إستراتيجيه محدده أو رئيسه يمكن ان تسير عليها السلطة الفلسطينيه.الإستراتيجيه والقرار السيايى تحكمه كثير من المحددات والمعيقات التي تحاول ان تعرقل اى إنجاز ولو بسيط تعيد الحراك السياسى إلى قلب المقاطعه. الإستراتيجيه السياسيه التي يمارسها الرئيس تسير في بيئات يجمعها الصراع والتضاد أكثر من التقارب، ولذلك هو كمن يقود سفينه في وسط أمواج عاصفه، او وسط تنبؤات مناخيه غير مؤكده. لكن ألأساس في أي إستراتيجيه تستند عليها السلطة الفلسطينيه انها لا بد من ان تتحرك، وتسمى إستراتيجية الغوص حتى في ألأجواء العاصفه، فلا بديل السكون والهرب من هذه ألأجواء يعنى الجمود وموت اى فعل سياسى.والبديل لهذه ألإستراتيجية إستراتيجية الغوص مع امل في البقاء والحياة. القضية الفلسطينية إستراتيجية حياه او موت، والإستراتيجية الوحيده التي ينطلق منها الرئيس أن تبقى هذه الإستراتيجية في حالة من الحراك السياسى والبعد عنها عن غرفة العناية السياسية ، او غرفة الغيبوبة السياسية لأنها لو دخلت هذه الحالة يصعب ان تفيق منها. هذه المدركات والتصورات السياسية هي التى تحدد مسار الإستراتيجيات الفلسطينية، ومسار الحراك السياسى الذى يسير عليه الرئيس. الأساس في هذا الحراك ثلاث بيئات :الفلسطينية وهى البيئة ألأساس التي تحدد نجاح أو فشل اى إستراتيجية أخرى، والبيئة الإسرائيلية وهى البيئة المستهدفه على إعتبار ان إسرائيل هي من تحتل الأراضى الفلسطينية، وهى من تعيق حتى ألآن قيام الدولة الفلسطينية، وتشكل البيئة المجهضة للحراك السياسى الفلسطيني . والبيئة الثالثه بمفهومها الواسع والشامل تشمل البيئة العربية وهى البيئة التي يفترض انها البيئة الداعمة والمساندة والحاضنة وهى ليست كذلك في كثير من مظاهرها لكنها تبقى البيئة الموازنه والمقابله لأى حراك وبيئة مضاده، والبيئة الدولية بكل تناقضات القوة وتحولاتها ، ولكنها تشكل بيئة واسعة للحراك، وتعطى السلطة الفلسطينية هامشا أوسع من الحراك السياسى، وخصوصا في الساحة الدوليه التي تقدمها منظمة الأمم المنحده ومنظماتها الدوليه المتعدده.وما يميز هذه البيئة وقبلها البيئة العربيه انها خارج سيطرة وقوة إسرائيل، هي بيئة يمكن للرئاسة الفلسطينية ان تحقق فيها إنتصارات وإنجازات كبيره. في هذا السياق تتبلور الإستراتيجيات الفلسطينيه في ثلاث إستراتيجيات أو أربع رئيسه.وقبل الولوج في هذه الإستراتيجيات كل منها تشكل عقده في حد ذاتها، هي إستراتيجية وعقد سياسيه في الوقت ذاته، وهنا تكمن صعوبة القرار والحراك السياسى للرئيس. الإستراتيجيه ألأولى إستراتيجية إعادة بناء النظام السياسى الفلسطيني على أساس وحدانية منظمة التحرير ووحدانية برنامجها السياسى. وهذه تستوجب بداية التخلص من كل شوائب الإنقسام، وإعادة العمل للحكومة الفلسطينية وتمكينها تمهيدا للوصول للبناء النظام السياسى الذى يوفر إطار الشرعية السياسية الداخلية الملزمة للجميع، مكونات هذه الإستراتيجيه متعدده معقده ومتشابكه ، ومرتبطه بالإستراتيجيات ألأخرى وبيئاتها. وهذا يتطلب منا تخصيص مقاله كامله لها. لكن بدون هذه الإستراتيجية قد يصعب الحراك في البيئات ألأخرى. اما الإستراتيجية الثانية وهى إستراتيجية إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ، وهنا المستهدفه إسرائيل كدولة وسلطة إحتلال، وتتبنى الرئاسة إستراتيجية المقاومة السلميه الداخلية والخارجية، وتفعيل دور المؤسسات الحقوقية والناشطة الإنسانية، والتغلغل داخل المجتمع الإسرائيلي وتفعيل دور عرب الداخل وقوى السلام واليسار على ضعفها، إلا أن هذه الإستراتيجية تواجه معضلات وتحديات تمثلها الحكومة اليمنيية المتطرفه التي يقودها نتانياهو. الذى يرفض وإئتلافه الحاكم المفاوضات، وتتبنى حكومته سياسات تهويد للآراضى الفلسطينيه بإصدار قوانين الضم، وتطبيق القانون الإسرائيلي على كافة المستوطنات. ورغم تطرف الحكومة إلا ان الإستراتيجية الفلسطينية لم تيأس، بل ان أهم الخطوات التي يقوم بها الرئيس في سياق هذه الإستراتيجية او ما ينبغي التركيز عيه التأكيد على الطابع ألإحتلالى لإسرائيل ، والتاكيد على انها دولة إحتلال .أما ألإستراتيجيه الثالثه إستراتيجية تفعيل المقاومة السلميه داخليا وخارجيا، ولا شك في أهمية هذه الإستراتيجية من منطلق المكون الدولى والإنسانى للقضية الفلسطينية، ومن منطلق أهمية وتأثير الدور الذى تلعبه القوى المجتمعية في الدول الغربية،ولقد حققت هذه الإستراتيجيه نجاحات مهمه وإن كانت ليست كبيره في شكل المقاطعة للبضائع الإسرائيلية،وفى الإعترافات البرلمانيه بالدولة الفلسطينيه، وهذه الإستراتيجيه تحتاج إلى مزيد من التفعيل من خلال ما يمكن تسميته بأنسنة المقاومة الفلسطينية ، وبعقلنة الخطاب السياسى والإعلامى والبعد عن خطاب العنتريات التي تصورالشعب الفلسطيني وكانه يملك القوة النووية.والإستراتيجيه الرابعة وهى ألأكثر فعالية بفعل حراك الرئيس الذى لا يكل في التنقل من عاصمة إلى أخرى ومن منتدى دولى إلى آخرـ ومن خلال إقامة علاقات شخصيه مع العديد من رؤساء الدول إستراتيجية تثبيت وتفعيل وجود الدولة الفلسطينيه ديبلوماسيا وقانونيا على المستوى الدولى، ومن حصادها حصول فلسطين على دولة مراقب، والإنضمام للعديد من المنظمات الدولية الوظيفية، ورفع علم فلسطين على منصة ألأمم المتحدة، إلا أن هذه الإستراتيجية تواجه تحديات وإجهاضات من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، ولكنها تبقى الإستراتيجية الأكثر حراكا، وألأكثر إنجازا وصولا للدولة الكاملة العضوية تحت الاحتلال ، ووصولا إلى تحمل الأمم المتحده مسؤوليتها بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكنها تبقى إستراتيجية فيها قدر من المثاليه الحالمه لكنها ليست بعيده عن التحقيق. هذه إلإستراتيجيات والبيئات السياسية التي تعمل في سياقها أشبه بلعبة شد الحبل التي تمارس ضد السلطة الفلسطينية ، والتي تحاول من خلالها إسرائيل شد القضية إلى ملعبها. وتبقى قدرة الرئاسة والسلطة على شد الحبل رهينة الموقف الفلسطيني الداخلى والدعم العربى والإسلامى والدول الصديقة، وهى ما زالت قائمه على ضعفها وتضمن قدرة الرئاسة على الحفاظ على قوة شد الحبل.ويبقى أكبر تحدين تحدى صفقة القرن وتحدى السلام العربى الإسرائيلي ، هذان التحديان يجتاجان إسراتيجية تتجاوز المكان والزمن، وهو موضوع المقالة القادمة .
دكتور ناجى صادق شراب
[email protected]

 

2020-10-08