عن ماذا يجب ان تكتب ليقرأ لك العرب وبأي لغة يمكن ان تقول لهم " لك " بأنكم لا تستحقون شيئا الى جانب أمم الأرض ... أي الرسائل يمكن ان تصل للحكام العرب من الخليج الى المحيط ومن المحيط الى الخليج وأنت تدرك جيدا ان أحدا منهم لا يقرا إلا في حالة واحدة ان كنت تطاولت على ذواتهم السامية وذوات الذوات المحيطين بعروشهم فلم يعد هناك عربيا واحدا لم يصنع لنفسه عرشا ... من يمكنك ان تشتم ومن سيقف معك ان فعلت ليناصرك حين تطحنك دواليب موتهم ان فعلت ... أي سهام للنقد يمكن ان تصل إلا إذا كان نقدك للحاشية مدافعا عن السلطان وهو ما يتقنه العرب في شتيمة الحاشية والانحناء لحذاء السلطان الذي لم تلد النساء مثله من قبل ومن بعد وهي قطعا لن تستطيع ان تفعل ما دام حيا على وجه الأرض وان فعلت فسيصيبه ما أصاب موسى عليه السلام.
فقط في بلاد العرب يموت الفقير من الجوع ويموت الغني من الشبع وفقط في بلادنا يسكت الناس على جوعهم فيأكل المواطن " م " على سبيل المثال هو وأولاده الخبز والشاي ولا شيء أكثر منذ شهور بصمت وأمثال المواطن " م " كثير في وطن يخجل به الجائع من الشبعان وليس العكس, في وطن يتباهي من يأكل خبزك متعاليا عليك ويضحك على خيبتك لأنك لم تأكل خبز غيرك, في وطن يسمى بها الحرامي " حدق " والبلطجي " جدع " والفاسد " ذكي ".
فقط العربي أي عربي لو تجرأت ورفعت صوتك أمامه لوجدت نفس الكلمة ونفس اللهجة " انت بتعرف مع مين بتحكي؟؟؟؟ " وخلف هذه التورية مآسي ومآسي لا حدود لها قد تصل بك حد الموت أو حد القتل لتصبح اما قاتل او مقتول وتدور الحكاية من بيت لبيت فكل عربي " اله " وعليك ان لا تقترب من حدوده ولا احد سواه يعرف هذه الحدود فعليك اذن ان تصطحب معك منجما ليقول لك الاحتمالات وما خلف الاحتمالات لتتقن التعامل مع المحيط فماذا إذن وماذا بعد ولذا فإذا ارتد ان تعيش بسلام في هذا الوطن الذي لا يعرف السلام لا من أبنائه ولا من أعدائه فان عليك ان تسال من ترغب بمجادلته عن ظهره فإذا كان يتكئ على حائط الحزب او العشيرة او الجاه او المال او السلطة فان عليك ان تقبل بالهزيمة مسبقا وتدعو الله بالسر فقط لعل وعسى.
في بلادنا حيث يجثم الاحتلال والغباء والتشرذم والأنانية على صدورنا مسموح لك ان تلعن العرب والعروبة والوطن والوطنية لكن من المحرم عليك ان تقترب من حرمة أيا كان إذا كان الموضوع شخصه الكريم فالعربي لا يثور إلا لذاته وهو أناني من الطراز الأول ويعتبر كل ما خارج أناه لا قيمة له إلا بمقدار صلته بأناه فهو لا زال حتى اليوم رعويا بدائيا لا علاقة له بالمدينة والمدنية ولذا يعتبر اللجوء الى القانون والانتماء للجماعة والقبول بما تريد الأغلبية ضعف لا يجوز ان يقبله وهو قد يسكت عن تدمير الشارع الذي يمر به ويسكت على من يفعل وقد يسكت عن سرقة ماء المدينة وكهرباء المدينة وتدمير أشجار الزينة والاعتداء على المال العام بلا أدنى ردة فعل اللهم إلا من بعض تمتمة حروف الرفض سرا او في زاوية مظلمة في مقهى مظلم.
الأمثال الشعبية العربية نموذج للعقلية العربية الأنانية بإفراط والقابلة بالواقع الراضخة له بإفراط ومن هذه الأمثلة التي تفسر نفسها " ان لك عند الكلب حاجة احكيله يا سيدي " " إلي بوخد أمي هو عمي " أنا واخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب " " انج سعد فقد هلك سعيد " " الهريبة ثلثين المراجل " " الكذب ملح الرجال " ولا تنسوا ان للكذب عند العرب ألوان كذب ابيض وكذب اسود وبالتأكيد هناك كذب احمر او اصفر.
نمطية الأنا الأوحد عند العرب هي التي تدير الأمور في علم السياسة وشؤون الوطن على طريقة علم الطبيخ فكل شيء جائز وزيادة الماء قد توجب زيادة الملح ونقص الملح كزيادته وعلينا ان نأكل ما تطبخ الأم او نقبل بما هو متاح ونطيع ما يأمر به السيد ونتذوق عاليا ما يحب ونكره ما يكره ونأكل مما يطبخ لنا أيا كان ذاك الطبيخ ثم نهلل له ونحمده على نعمه " أي نحمد الكبير وليس الله " ونبسمل باسمه لا باسم الله وقد نسكت ان سمعنا شتيمة الذات الإلهية او شتيمة الوطن ولكننا نثور حد ارتكاب الجريمة إذا كان المشتوم الزعيم او العشيرة او الأنا الخاصة وما تملك.
النمطية العربية نمطية الملموس وهي عاجزة عن التجريد ولذا تقبل نمطية الأنا الأعلى او الأنا الأوحد الاعتداء على الشارع العام والوطن العام والأم العام والأملاك العامة لأنها لا تعترف بالعلاقة بين اناها والعام بينما ترفض الاعتداء على البيت الخاص والعشيرة الخاصة والأم الخاصة فان تشتم أم شخص او تذكر جزءا منها ستموت لكن ان تشتم أم العرب او تذكر شيئا منها فسيضحك لك الجميع ان تقترب من الجدار الخارجي لبيت العربي سيفرمك بأسنانه ان لم يجد سلاحا أما ان يراك تقتلع شجرة في حديقة عامة فقد يساعدك فأي عقلية هذه يمكنها ان تقود ذاتها الجماعية الى النصر او الارتقاء او حتى الحصول على المهابة أمام الجماعات الأخرى أيا كانت صديقة او عدوة.
نحن نعيش نمط العزبة في كل مكان فالبيت عزبة الرجل وعلى الزوجة والأبناء إطاعته وخدمته والسهر على راحته كما هي البلد عزبة الزعيم وعلى الجميع بلا استثناء طاعته وخدمته والسهر على راحته وحين يجد الزعيم الملايين خانعة مطيعة حامدة شاكرة منبهرة بكل ما يفعل وما يقول يجد نفسه قد استغنى عن التفكير حتى فيما عليه فعله فما دام الجميع قابل فما الفائدة من التعب لإسعادهم ما داموا سعداء وما الداعي لإقناعهم وتقديم الإثباتات وإبراز الأفعال الايجابية لإثبات جدارته بالقيادة وحقه بها ما داموا مقتنعين به اكثر من قناعته بذاته فهذا الوطن العربي ليس اكثر من مجموعة عزب ريفية صغيرة لا يربطها ببعضها إلا الاسم وتضخيم الأنا لتصبح أعلى من رعاياها وأدنى من سيدها فوحده العربي من يضرب زوجته ويمشي خلف سيدة أخرى بكل قبول ورضا ان تصادف وكانت مسئولته في عمله فالمرأة الوزيرة مثلا تستحق الثناء والمديح والمرأة الزوجة تستحق الضرب وما ينطبق على مواطن عادي ينطبق على الأكبر الذي يسحق رعاياه ويخنع لسيده حتى لو كان أجنبيا ومعاديا في حقيقة الأمر.