الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مقام النبي موسى والاعتداء الرأسمالي والسلفي.....بقلم: فراس ياغي

هذا مقام سمي بإسم النبي موسى عليه السلام رغم أن النبي موسى لم يدخل فلسطين حيث وقف على جبل نبو في الاردن وأراه الرب الأرض الموعودة ولكن حرمه من دخولها وفقا للعهد القديم (التوراة), وقد أقيم هذا المقام في عهد الظاهر بيبرس كمكان استراحة للجند وقيادته ومكان للصلاة اثناء الترحال بين الضفتين، لاحقا أصبح مقام ومزار للناس وفيه مواسم وبالذات في نهاية الشتاء وبداية الربيع تأتي إليه الناس من كل حدب وصوب، وهذه المواسم يتخللها تجارة وامسيات فنية تراثية في الساحات الخارجية، وفي  تسعينيات  القرن الماضي استخدم لعلاج المدمنين على المخدرات حيث المكان فيه من الروحانية والهدوء بما يؤهله لذلك. للأسف السلفية الدينية التي انتشرت وتساوق معها الاخوان المسلمين وغيرهم من احزاب الاسلمة أدت لهجرتها بأعتبارها من البدع رغم ان قدوم الناس للمقامات والمزارات ومنها مقام النبي موسى هي روحانية ويتم فيها الصلاة لله وليس للأنبياء والأولياء والصالحين المسمية بإسمهم، وفجأة ظهر أصحاب البزنس والفساد ليستفيدوا منها ووفقا للانفتاح الليبرالي الرأسمالي الذي لا يمت لثقافتنا بشيء، بل جاءوا بتقليد غربي ليقفوا الى جانب السلفية ولكن عبر الفساد والافساد...لقد تم الاعتداء على حياتنا البسيطة وثقافتنا الروحية الجميلة بجانبين، جانب الأسلمة السياسية التي عقدت الحياة بإسم الدين، بل إن البعض منهم يتفاخر ويقول ادخلنا الاسلام الى غزة، وهو يقصد ادخل مفاهيمه ونظرته للاسلام الى غزة لأن غزة هاشم سبقته للإسلام بقرون، والجانب الآخر هم الفاسدين اتباع الرأسمالية الشرهة والقذرة والتي جلبت لنا مفاسد الغرب وعملت على نشره ونسيت ان في الغرب ايضا علم وتكنولوجيا وقيم اخلاقية...

 وقانون.

مجتمعاتنا للأسف تتقاذف بين هذين المفهومين ونحن أمة الوسط وأمة محمد صلى الله عليه وسلم الذي خاطبه رب العباد عز وجل بقوله (إنك لعلى خلق عظيم)، والاخلاق هنا تتعلق بالصدق والامانة والتواضع والمسامحة وعدم الاعتداء وعمل الخير...الخ، أي ما يعرف بالقيم الإنسانية، وليس وفق مفهوم التشدد او مفهوم الانفتاح.

علينا أن نعود لروحانياتنا وطيبتنا وبساطتنا الداخلية وان نعزز تلك الامور بتحويل هذه المقامات والمزارات لما كانت عليه قديما، لذلك حادثة النبي موسى تستدعي منا لبس فقط محاسبة كل من اعتدى على روحية هذا المكان، ولكن بالعودة لروحانية الماضي ووقف كل الاعتداءات على هذه المقامات من الرأسمالية الفاسدة المتوحشة وانتشالها من عقلية الأسلمة السياسية وعلى رأسهم السلفيين.

2020-12-28