الأربعاء 15/10/1445 هـ الموافق 24/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عندما تتغير قواعد "اللعبة" الميدانية والسياسية/ بقلم: د.حسن عبد الله

ربما ادركت الحكومة الاسرائيلية بعد العدوان على القطاع، ان المحيط العربي قد تغير حقاً، وان قواعد اللعبة مع العرب تغيرت، والاعتقاد ان مصر الجديدة هي نسخة كربونية عن مصر خلال حكم مبارك من حيث المواقف السياسية، وبخاصة تجاه القضية الفلسطينية، كان اعتقادا يستند الى وهم  احتلالي يرفض ان يتعاطى مع الواقع بعناصره وحيثياته ومعطياته الجديدة، ويصرّ على التشبث بما يصوره "خياله".

قطاع غزة في مواجهة هذه الحرب العدوانية المستعرة، التي تستهدف المقاومة بأسرها بكل مكوّنتها وأطيافها، يقلب المعادلة رأسا على عقب، بعد ان استوعبت المقاومة الضربة الأولى، وراحت تمسك بزمام المبادرة، بهجمات معاكسة، شكلت مفاجأة للمستويين الاسرائيليين العسكري والسياسي. فلم يعد دور الفسطينيين مقتصراً على تشييع جثامين الشهداء والبكاء أمام عدسات التلفزة، بل اكدوا انهم يمتلكون الان  استراتيجيات دفاعية وهجومية تتمتع بالدقة والقدرة على المباغتة.

ان ما يجري في قطاع غزة، وهذا ما لم يحسبه نتنياهو، قد وحد الساحة الفلسطينية عملياً حتى دون قرار سياسي من المستويات القيادية، وحدها وطنيا ووجدانيا وأخلاقيا، لاسيما و ان الضفة برمتها تبدو ملتحمة مع القطاع، ولا وجود في أذهان المواطنين ولا الفصائل بأن الاحتلال يستهدف حماس، فحين يقع العدوان تذوب الفصائل والاتجاهات ويعلو صوت الوطن والقضية.

ومعلوم ان اية حركة دبلوماسية ضد العدوان تقوم بها السلطة الفلسطينية، فإنها تعزز الوضع في القطاع، وان صمود الفلسطينيين في القطاع وتلاحمهم يعطي هذه الدبلوماسية قوة، لأنها مضطرة  للارتقاء الى مستوى الحدث، والا فإنها تفقد مصداقيتها.

التغير على الأرض في القطاع وكذلك في الضفة التي تهب  اسنادا ودعما للأهل المستهدفين في غزة ورفح وخانيونس والمدن والبلدات والمخيمات  الاخرى في القطاع، سيتبعه تغير في السياسة من خلال التوجه الى الجمعية العامة للحصول على عضويتها، رغم الضغوط والتهديدات الاسرائيلية. وكل المؤشرات  تفيد ان المسعى الفلسطيني سيتوج بالنجاح، حتى لو  تبعته اسرائيل بقائمة طويلة من العقوبات والاجراءات، فالقطار نحو الجمعية العامة قد انطلق، ولا يمكن لأية تهديدات ان توقفه، لتدخل القضية الفلسطينية مرحلة جديدة متسلحة بالقانون الدولي ، الذي سيفتح ابوابه للفلسطينيين، من خلال المؤسسات والمحاكم الدولية، التي سيكون بمقدور الفلسطينيين  التعامل معها وفق ما يقدم لهم الحماية والمنعة.

ميدان قطاع غزة، والميدان الدبلوماسي يجب ان يتكاملا ويتناغما، على طريق تجسيد مصالحة شاملة، انطلاقا من الوطن والقضية والمصالح المشتركة والتطلع  للاستقلال والحرية، وانطلاقاً من ان الكل مستهدف، وان اللعب في ملعب منفرد ثبت انه لا يقود  الى الاستقلال الحقيقي بل الى   كيانات ضعيفة متناقضة.

الميدان الفلسطيني والدبلوماسية الفلسطينية، من المفروض ان يقدمان لبعضهما بعضاً السند والتغذية والقوة وصولاً الى الهدف، حينها سيدرك الاحتلال اذا لم يدرك بعد،  ان قواعد اللعبة قد تغيرت وتغيرت

2012-11-18