الجمعة 11/6/1446 هـ الموافق 13/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عدالة مُنتظرة....أحمد طه الغندور

  كما كان متوقعاً؛ أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية أمس قراراً يقضي بأن للمحكمة ولايتها القضائية على جرائم حرب أو فظائع ارتكبت في "الأراضي الفلسطينية" مما يفتح المجال أمام تحقيق محتمل، وبرر القضاة قراراهم بأنه استند على قواعد الاختصاصات القضائية المنصوص عليها في ميثاق روما، ووثائق تأسيس المحكمة.

 لذلك فإن القرار المذكور لا يشمل أي محاولة لتحديد وضع دولة أو حدود قانونية متنازع عليها، مما يفرض بأن الوضع يقع ضمن ولاية المحكمة القضائية، وبينوا أن اختصاص المحكمة في الوضع في فلسطين، يمتد إلى الأراضي التي تحتلها "إسرائيل" منذ سنة 1967 وهي غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

وكما هي العادة؛ كانت هناك ردود سياسية متباينة على القرار الصادر، بين الترحيب الفلسطيني الذي وصف الأمر بـ "يوم تاريخي"!، والرد الإسرائيلي الرافض الذي عبر عنه "ناتنياهو" بوصفه: "أن المحكمة بقرارها هذا تلحق ضرراً بحق "الديموقراطيات" في الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب"! وأضاف؛ "بأن "تل أبيب" ليست عضواً بالمحكمة، أنها ستحمي كل مواطنيها وجنودها من المقاضاة"!

بينما أعربت الإدارة الأمريكية الجديدة عن "قلقها العميق" حيال القرار على لسان المتحدث باسم الخارجية "نيد برايس" الذي قال: "نحن قلقون بشدة لمحاولات المحكمة الجنائية الدولية ممارسة اختصاصها على "العسكريين الإسرائيليين"، لقد تبنينا دائماً موقفاً مفاده أن اختصاص المحكمة يجب أن يشمل حصراً البلدان التي تقبله او "القضايا" التي يحيلها مجلس الأمن الدولي على المحكمة، وهذا الموقف التقليدي ينبع من خشية احتمال خضوع جنود أو أفراد أمام المحكمة لجرائم دولية يجري اتهامهم بها!

  لذلك يمكن القول؛ بأن القرار وكما وصفت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بأنه "يقدم أخيراً بعض الأمل الحقيقي في العدالة لضحايا جرائم خطيرة بعد نصف قرن من الإفلات من العقاب"!

لكن في الحقيقة؛ إن ما أخشاه، أن تُصبح " العدالة المنتظرة " محلاً للابتزاز السياسي من أجل بعض التسهيلات الشكلية لـ "السلطة الفلسطينية"، التي لا نسعى إلى تحويلها إلى الدولة التي أحرزنا مكانتها القانونية، والسياسية، والدولية بموجب اعتراف غالبية دول العالم، والمنظمات الدولية بها!

ولعلني هنا أقدم نموذجاً واقعياً على طريقة تفكير "أفراد في السلطة" للقاء محتمل مع الدول المانحة، وهو غاية ما تصفنا به وسائل الإعلام العالمية!

 بأننا "نتطلع للحصول على دعم مالي أكبر من الدول المانحة، وأن يكون لتلك الدول دور في الضغط على "إسرائيل" من أجل وقف الاقتطاعات المالية من العوائد الضريبية، وكذلك إعادة التفاوض حول "اتفاقية باريس" الاقتصادية، وذلك خلال الاجتماع المقبل المتوقع في النصف الثاني من هذا الشهر، في أوسلو!

إذن، حل قضيتنا الوطنية لن يكون بتجميل "السلطة" التي رفضها "الغربيون" أمثال "بانجمين بارت " في كتابه "حلم رام الله " أو بالأحرى "رحلة في قلب السراب الفلسطيني"!

حلم فلسطين يتحقق من مراكمة وتوظيف الإنجازات المعمدة بالدماء والتضحيات طيلة قرن من الزمن أو يزيد، وعدم إهدارها!

نعم يؤمن العالم بعدالة قضيتنا، ولكنه لا يؤمن بنا لكثرة تنازلاتنا، وإهدارنا لحقوقنا مقابل وعود زائفة!

هل رحمتنا "المحاكم الإسرائيلية الظالمة" في يوم من الأيام؟!

هل ستغيّر الإدارة الأمريكية الحالية "الأوضاع الظالمة" ـ وأولها القدس والاستيطان ـ التي فرضها "ترامب"؟!

علينا أن نعي ذلك جيداً، وأن ندرك ـ حتى وإن لم نرغب في التخلص من السلطة ـ بأن القضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية هي للأفراد؛ أشخاصاً وأموال، لا حق للحكومات التنازل عنها، حتى لو جرت محاكمة بعض أفراد الحكومة، أو التنظيمات!

هذا إذا كنا نعتقد حقاً بأن صدور القرار التمهيدي للمحكمة الجنائية يُعتبر يوماً وحدثاً تاريخياً!

 

2021-02-06