ماذا لو كان العمل الفني ينتقد موقف الإمارات من التطبيع، سؤال إلى لجنة مسابقة جائزة "التميز والإبداع".
رامي معين محسن، محام وباحث
بعيداً بعض الشيء عن جو الانتخابات الفلسطينية، المزمع عقدها وفقاً للمرسوم الصادر عن السيد الرئيس أبو مازن، قديماً كانت القوى والأحزاب والحركات تعبر عن نفسها وعن جمهورها بالفعل الثوري، خصوصاً بعدما أيقن الفلسطينيون أن الاعتماد على الأنفس أولاً، والانفضاض عن عباءات الأنظمة والوصاية ثانياً، هو الطريق الوحيد لتحرير الوطن من أبشع احتلال، فكان التأكيد على أن الشعب الفلسطيني ذو شخصية مستقلة، وصاحب الحق في تقرير مصيره، وله السيادة المطلقة على جميع أراضيه، بما في ذلك المشاريع والاتفاقات والقرارات التي صدرت، أو تصدر عن هيئة الأمم المتحدة أو مجموعة من الدول، أو أي دولة منفردة في شأن قضية فلسطين، والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه باطلة ومرفوضة.
ناضل الفلسطينيون باستخدام كل أدوات النضال الوطني، ببندقية على كتف ثائر، وبمبضع جراح، وبقصيدة شاعر، وهنا نتذكر جميعاً قصائد محمود درويش التي تغنى فيها بالوطن قائلاً: هو ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي، إنه حياتك وقضيتك معاً. وهو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض، ليس الوطن أرضاً، ولكنه الأرض والحق معاً. وبريشة فنان، حنظلة أو ناجي العلي وكلاهما دلالة لشخصية واحدة، شخصية فذة تنبأت رسوماته بخيانة ذوي القربى منذ أكثر من 30 عاماً، حيت حملت إحدى رسوماته حواراً عميقاً استشرف خلاله تردي المشهد العربي بقرابة السطر: طوشت سمانا يابا حاجة تحكيلنا عن وعد بلفور، احكيلنا عن التخاذل العربي، عن الدعارة السياسية، عن اللي وعدونا بتحرير فلسطين ولحسوا كلامهم. وكأنه كان ينبئنا بأن الخيانة باتت وجهة نظر أو كما قال.
بالصدفة شاهدت دعوة وجهتها لجنة جائزة "دحلان" للتميز والإبداع، للجمهور لمشاهدة حفل توزيع الجائزة على الفائزين، وبدافع الفضول بحثت عن التفاصيل عبر صفحة "الجائزة" عبر السوشيال ميديا، فكانت أنها تشمل مجالات "السينما وأفلام الكرتون، المسرح، الأدب، الفن التشكيلي، المشروع الريادي، العمل التطوعي والمبادرات، الاختراع، التميّز المهني، الإعلام المميز، الرياضي المميز". قيمة كل جائزة 1000 دولار، وعن شروط المشاركة فأهمها أنّ يكون المشارك فلسطيني الجنسية، وأنّ يكون العمل الفني والإبداعي عملاً وطنياً ويخدم القضية.
إن ما تقدم أعلاه قد فتح شهية التساؤلات، تساؤلات مشروعة حول ماهية مفاهيم "الوطني والفن والإبداع والتميز"، وما هي المعايير التي يمكن من خلالها الحكم بوطنية وإبداعية وتميز الفكرة، سيما لو تمت مقارنته بالفن والإبداع الثوري الذي يلامس الروح والوجدان الوطني، وتساؤلات أخرى حول ماذا لو تقدم مبدع أو متميز فلسطيني، بأي عمل من مجالات المسابقة المعلن عنها، وكان هذا العمل الفني أو المبدع أو المتميز، ينتقد موقف الإمارات من صفقة القرن مثلاً؟، أو ينتقد موقفها من التطبيع المجاني؟، أو أن ينتقد خلاله المال السياسي المسموم، المتوقع أن يزيد ضخه هذه الأيام، سعياً لشراء الذمم بطرد أو قسيمة، بعد أن تكالب كثيرين لإفقار الوطن والمواطن ليسهل السيطرة عليه، وألف ماذا وماذا؟، كل هذه الأسئلة لم أجد لها إجابة، وللحقيقة نأمل أن نجد الإجابة عند لجنة المسابقة والقائمين عليها، خصوصاً أننا في جو حساس ودقيق تعصف بنا كلنا التساؤلات، وكان الله في عون اللجنة، والله من وراء القصد.