الأربعاء 15/10/1445 هـ الموافق 24/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عيدُ القدّيس فالنتايْن عيدُ انتصارِ الحُبِّ على الحرب....د.روزلاند دعيم

يتلوّن شهرُ شباط في أماكنَ عديدةٍ بالعالم بألوانِ الأحمر القاني الّتي تصبغُ الورودَ والقلوب، والأبيضِ النّاصع الّذي يصبغ الدّببة (الدّباديب) بأحجامِها المختلفة، وتنتعشُ محلّات بيع الورود والشّوكولاطة والبطاقات الخاصّة.

بعضُهم يُسمّي العيدَ: "الفالنتايْن"، و"عيد الحُبّ"، و"عيد المحبّة"، و"عيد العشق"، و"عيد العشّاق" وغيرها.. وتتعإلى الأصواتُ بينَ مُنفعِلٍ من العيدِ وأجوائِهِ الاحتفاليّة الدّافئة، فيُسارعُ لاقتناءِ البطاقاتِ والورد والهدايا والقلوب الحمراء وتقديمها للأحبّة، فيَحتفلُ بالعيد ليس فقط مَن هُم في علاقةٍ عاطفيّة، بل مَن تربطُهُ بالآخر علاقةٌ إنسانيّةٌ خاصّة، وبينَ مُعارضٍ لكوْنِهِ عيدًا وثنيًّا، أو عيدًا للمسيحيّين، وبدعةَ غيرَ مُستَحبّة.

ومَهما تعدّدتِ الأسبابُ لأصول العيد، إلّا أنّنا لا نستطيعُ أن نتجاهلَ حقائقَ عدّة ومنها:

  • الحاجة العاطفيّة لدى الإنسان الّتي تُعتبرُ مِن احتياجاتِهِ الأساسيّة، فتبحثُ دوْمًا عن أسبابٍ للفرح والاحتفال.
  • العولمة وانفتاح العالم على أنماطِ الاحتفال على مستوى الأفرادِ، والجماعات.
  • الجانب التّجاريّ الاستهلاكيّ المتزايد وانتشار رموز العيد ووفرتها، ممّا يُؤدّي إلى سهولة تبادلها.

وإن كنتُ أضيفُ أنّ العيدَ يأتي قبلَ الصّوم الفِصحيِّ المبارك، حيثُ يَمتنعُ المسيحيّونَ في  الصّوْم عن مظاهرِ الاحتفال على أنواعِها، وخاصّةً احتفالاتِ الزّواج، وفي فترة عيد فالنتايْن تكثر احتفالات الخطوبة، ويتمّ تحديد مواعيد الأكاليل والزفاف بعد الفصح، وما يُرافقُها من ترتيب وتنظيم؛ لذلك قد تتزامنُ المواعيدُ وتُعزّز بعضَها، فيزدادُ الفالنتاين روْنقًا.

في حواري اليومَ سوفَ أتناولُ سيرةَ القدّيس فالنتاين (فالنتايْنوس) الشّهيد، بحسبِ السّير الكنسيّة، وما تبعَتْها مِن حكاياتٍ تراكميّة، كما سوف أتطرّقُ إلى أصولِ الاحتفالاتِ الوثنيّة الّتي تداخلت مع سيرةِ القدّيسِ فالنتاين، وانعكاسِها في معاني العيد واحتفالاتِهِ.

حملَ عددٌ مِن شهداءِ المسيحيّةِ الاسمَ "فالنتاين"، وتعدّدتِ الرّواياتُ حولَ شخصيّتِهِ، بينَ تلك

الّتي تعتمدُ على المصادر الكنسيّة، وبين تلك الّتي تطوّرتْ عبرَ العصور، ويجوزُ أن تكونَ الرّواياتُ قد امتزجتْ وتقاطعتْ، ولكن عيدَ القدّيس فالنتاين يَرتبطُ، بحسب المصادر الكنسيّة، مع فالنتاين الشّهيد الّذي تحتفلُ بهِ وتُكرّمُهُ الكنيسةُ الغربيّة في الرّابع عشر من شباط فبراير.

   كان فالنتايْن الشّهيد أسقفًا في تورني (الإمبراطوريّة الرّومانيّة، إيطاليا)، وكانَ يُساعد ويشجّعُ المُعترِفينَ بالمسيحيّة على تحمُّلِ المعاناةِ، وتحمُّل الاضطهاد الّذي تعرّضَ له المسيحيّونَ زمنَ الإمبراطور كلاوديوس الثاني؛ (المعروف بـكلاوديوس جوثيكوس أو القوطي) (268 - 270 م).

كانَ فالنتايْن يقومُ بتزويج المُحبّينَ مِنَ المسيحيّين، بحسب "سِرّ الزّواج المقدّس"؛ أحد أسرار الكنيسة السّبعة" في المسيحيّة. وفي حين أنّ المسيحيّة كانتْ ممنوعةً في الإمبراطوريّة الرّومانيّة، فإنَّ مَن يُمارسُ أحدَ أسرارِها، كانَتْ تتمُّ مُعاقبتُه على الفوْر، لذلك تمَّ اعتقالُهُ والتّنكيل به في السّجن، بضربه بالهراوات والحجارة، وحاول الإمبراطور كلاوديوس الثاني محاورتَهُ، ومحاولةَ إقناعِهِ بالعدول عن المسيحيّة، واعدًا إيّاهُ بوعودٍ كثيرة، إلّا أنّهُ رفضَ، فتمّ قطعُ رأسِهِ في الرّابع عشر من شباط حوالي سنة 270 م، ومن هنا اشتهرَ بأنّهُ شهيدُ الحُبّ.

وبحسب المصادرِ الكنسيّة أيضًا، أنّ الأُسقُفَ يوليوس الأوّل (337 - 352 م) بنى كنيسةً قرب Ponte Mole شماليّ روما، تذكارًا للقدّيس فالنتايْن، وأنّ القسمَ الأكبرَ مِن رفاتِهِ انتقلَ إلى كنيسةِ St. Praxedes أو Santa Prassede في روما، على عهد البابا نيكولاوس الرّابع سنة (1287 - 1288 م).

   في الرّابع من شباط عام 476 م أعلنتْهُ الكنيسةُ قدّيسًا، وبالرّغم مِن تعدّد الرّوايات حول شخصيّتِهِ، إلّا أنّ اسمَهُ ارتبطَ بعيدِ الحُبِّ لكونِهِ شهيدَ الحُبّ، بالرّغم مِن أنّهُ شفيعُ المُصابينَ بالصّرَع أيضًا.

ومِن الرّواياتِ الّتي ارتبطتْ بهِ على مرِّ العصور، أنّ الإمبراطورَ كلاوديوس الثّاني كان قد أصدرَ أمرًا بمنع الزّواج، وفرضَ عقوبةً شديدةً على كلِّ مَنْ يُقدّم على الزّواج، أو مَن يقومُ بتزويجِهِ، لأنّ الإمبراطوريّةَ الرّومانيّة كانتْ عُرضةً لبعضِ اضطراباتٍ تَطلّبتْ حالةَ استنفار، ونظرًا لأنّ الجنودَ العازبينَ أشدُّ صبرًا في الحروب، مِن المتزوّجين الّذين يرفضون الذّهاب إلى المعارك، أمرَ بمنعِ الزّواج وإبطالِ الخطوباتِ القائمة، إلّا أنّ فالنتايْن عارضَ هذا الأمرَ، وزوّجَ الشّبابَ بحسب سِرّ الزّواج المقدّس.

ومِنَ الرّواياتِ الّتي ارتبطتْ باسمِهِ أيضًا، أنّهُ استمرَّ بتزويج الشّباب وهو في السّجن، فكانَ يَشكرُهُ المُتزوّجونَ، بأن يُلقوا عليه الورودَ الحمراء تقديرًا وعرفانًا، وحينَ كانَ في السّجن، شفى ابنةَ سجّانِهِ الكفيفةَ، مِن شدّةِ إيمانِهِ باللهِ، وأحبَّها، ويُقالُ في بعضِ الحكاياتِ إنّهُ تَزوّجَها. وقد اعتنقتِ المسيحيّةَ مع 46 شخصًا مِن أقربائها، ممّا أدّى بالإمبراطور إلى إصدار أمرٍ بإعدامِهِ، وقبلَ أن يُعدَمَ، أرسلَ لها بطاقةً كُتبَ عليها "من فالنتاينك"، وقد وردتْ قصّتُهُ في كتاب "الأسطوّرة الذّهبيّة" (Legenda Aurea) الّتي اشتهرتْ في القرن الثالث عشر، وهي مجموعةٌ أدبيّةٌ مِن سِيَرِ القدّيسين، وضَعَها وجَمَعَها أُسقفُ جَنَوا "يعقوب دي فراجين".

لمْ يَرِدْ أمرُ منْعِ الزّواج مِن الجنودِ بأيٍّ مِنَ المصادرِ الرّسميّة، بل وردتْ رواياتٌ بأنّ كلاوديوس اقترحَ على جنودِهِ العائدينَ مِنَ الحرب بعدَ انتصارِهم على القوطيّين اتّخاذَ زوجتيْن أو ثلاث، وبحسب الرّوايات، فإنّ فالنتايْن قصَّ بطاقاتٍ على شكلِ قلوبٍ وزّعَها على الجنود، ليتذكّروا تَعَهُّدَهُم في سِرّ الزّواج المقدّس.

ومن الرّوايات أيضًا، أنّ فالنتاين وضعَ في إصبعِهِ خاتمًا بحجر الأماتيست (جمشت)، كعادةِ الأساقفة، ولكن عليه رسم كيوبيد رمز الحُبّ في الإمبراطوريّة الرّومانيّة، فحين رأى الجنودُ الخاتمَ بيده، طلبوا منه تزويجَهم، وقد يكون هذا السّببُ لكوْن حجر الأماتيست حجر شهر فبراير.

وتعدّدت الرّواياتُ لاحقًا، بين مَن يقولُ إنّهُ كان كاهنًا يَعيشُ في أمريكا الجنوبيّة، وكانَ يُقدّم مساعداتٍ مادّيّةً ومعنويّةً للشّباب المُقدّمين على الزّواج، ويَطلبُ منهم أن يبقى الأمرُ سرًّا. ومنهم مَن قالَ إنّهُ كان كاهنًا برازيليًا أعجبتْهُ قصّة القدّيس نيكولاوس (بابا نويل)، في تقديم الهدايا للأطفال أيّام الأعياد، إلّا أنّه اختارَ فئةَ الشّباب وقدّم لهم المساعدة. ولن نجزمَ هنا بصِحّةِ هذه الرّوايات، فللذّهنيّةِ الشّعبيّةِ الحقّ في تخَيُّلِ وإبداع وتأليف القصص الجميلة، الّتي تُغذّي احتياجات المجتمع العاطفيّة. 

في القرن الرّابع عشر تلاشتِ الاختلافاتُ بينَ سيرة القدّيس الذّاتيّةِ برواياتِها المتنوّعة، وارتبطَ اسمُهُ بعيدِ الحُبّ الّذي اكتسبَ معانيهِ العاطفيّةَ، مِن خلال الأعمال الأدبيّة ومنها أعمال "تشوسر"، وكتاباته عن عيد القدّيس فالنتاين الّذي يصادفُ بدايةَ تزاوُجِ الطّيور بحسب رواياته.

أصولُ العيدِ الوثنيّة:

قد تعودُ احتفالاتُ عيدِ الحُبِّ إلى تقاليدِ وجذورِ عيدِ الخصب الرّاسخةِ في الذّاكرة الشّعبيّة، والّتي كانت تُقامُ في الخامس عشر مِن شباط، لضمان الخصب للنّاس وللقطيع، فكانتْ تتمُّ التّضحيّة بالخرافِ والكلاب، ولا يوجدُ إثباتٌ قاطعٌ على علاقةِ الفالنتاين، بأعيادِ وطقوسِ إغريق - رومية الّتي تُقدّسُ الخصبَ والحُبّ، إلّا أنّ المصادرَ الحديثةَ تَميلُ إلى الرّبط بينهما. 

مهرجان الخصب العيد الرّومانيّ الوثنيّ 

بحسب التّقويم الوثنيّ القديم في الفترةِ الواقعةِ بين منتصفِ كانون الثاني ومنتصف شباط، يقعُ شهرُ "جامليون" الشّهر السّابع من التّقويم الإغريقيّ اليونانيّ، وهو شهر الخصب، نسبةً إلى الزّواج المقدّس الّذي تمَّ بين زيوس ربّ الآلهة والبشر؛ إله السّماء والصاعقة وأخته هيرا وزوجته، ربة الأرباب وربة الزّواج. وبحسب الميثولوجيّا اليونانيّة فقد كانت تُعبد وحدها ومع زوجها، وكانت تلجأ إليها النّساءُ زمنَ الشّدّة.

وقد تكونُ الاحتفالاتُ على شرف "بان" (Pun) إله الطّبيعة في الميثولوجيّا اليونانيّة، وهو واحدٌ مِن أقدّم الآلهةِ الإغريقيّة، إله الرّعاة والمواشي والصّيّادين، ويُعتبر أيضًا رمزًا للخصوبة والفحولة.

أمّا في الميثولوجيّا الرّومانيّة، فقد يعودُ قيامُ المهرجان على شرفِ الإلهة "خونو" (Juno) ملكة الآلهة، كبيرتهنّ وأكثرهنّ نفوذًا؛ ابنة ساتورن وزوجة جوبيتير كبير الآلهة، ودوْرُها مُوازٍ لدَوْرِ هيرا في الثّقافة الإغريقيّة، قدّستْها النّساءُ بشكل خاصّ، حيث كانت حاميةً للنّساء أثناءَ المخاض، وخلالَ الاستعداد للزّواج. وقد سُمّيّ المهرجانُ Febrauta Juno، بسبب حدوثِهِ في الفترةِ الواقعة بين 13 حتّى 14 فبراير، ومِن طقوسِهِ العديدةِ مهرجان لوبركاليا، طقس الخصب في روما القديمة.

مهرجان لوبركاليا الرّومانيّ Luper Calia

يرتبط الاسمُ لوبركاليا بالحضارةِ الوثنيّةِ القديمة، إذ اعتادَ الوثنيّون الرّومان إجراء شعائر عيد الخصب في روما القديمة، في الفترة الواقعة بين 13 حتّى 15 شباط، من أجل تطهير المدينة من الأرواح الشّرّيرة، وتحرير الصّحّة والخصب. وفيه يقطع رأس أحد المحتفلين اليافعين الشّباب كضحيّة للإله لوبركوس، وهو إله في الميثولوجيّا الرّومانيّة كان يحمي الفلّاحين والحصاد وحيوانات البرّ، ومن أجله أقيم في روما مهرجان لوبركاليا.

وتعودُ أصولُ الميثولوجيّا إلى أنّ لوبركوس ساعدَ الذّئبة الّتي أرضعتْ روملوس وروموس، لذلك كانَ المهرجانُ أيضًا لحمايةِ النّساء الحوامل، وقد أقيم المهرجان في مغارة لوبركال في روما، حيث أرضعت الذّئبة روملوس وروموس بها، على هضبة بلانين حيث أسّس روملوس روما.

وقد كانت في لوبركاليا كهانة مستقلة.

تم تقديم ذكر كلب أو ماعز تحت رعاية إله الصدق، وشملت التقدّمة كعيكات مالحة تم إعدادها من العذارى.

بعد تقدِمة الدم يقترب اثنان من كهنة لوبراكسي من المذبح بعد أن تم مسح جبينهما بدم الذبيحة فيتم تنظيف الدم بصوف مشبع بالحليب. ويبدأ الاحتفال بالضحك. وبعدها يتم قص قطعة جلد لتكون إزار للخصر ويركضون عراة أو شبه عراة حول التلة بالاتجاه المعاكس. وتُعتبر هذه القطعة من أدوات التطهير الّتي تُسمى فبراوس ومن هنا أتى الاسم فبراير.

وكان من عاداتهم أن يضعوا أسماء الفتيات المراهقات في صندوق يجره الرجال البالغون بشكل عشوائي، وبعدها يقوم كل منهم باختيار اسم بشكل عشوائي وتكون صأحبّة الاسم رفيقته للمتعة والتسلية طوال العام، حتّى العام المقبل، لتعود الكرة.

وفي مصادر أخرى يقوم الشّباب والشابات بهذه القرعة من أجل اختيار شريك أو شريكة الزّواج، وقد يكون هذا مصدر رسائل فالنتاين.

تقديم الفالنتاين على الطقوس الوثنيّة

نهجت الكنيسة الغربيّة في عصورها الأولى على تحويل الأعياد الوثنيّة إلى أعياد مسيحيّة من أجل ترسيخ العقيدة المسيحيّة دون محاربة العادات والتقاليد الّتي ترسخت عميقًا في وجدان الشعوب، فقد تمت ملاءمة الممارسات والرموز الوثنيّة لرموز مسيحيّة مع تعديلات حضاريّة ودينية مناسبة.

وقد قام البابا جيلاسيوس الأوّل (492 - 496 م) بإلغاء مهرجان عيد الخصب الرّومانيّ لوبركاليا.

وفي محاولة آباء الكنيسة آنذاك بوضع نهاية لهذه الممارسات القاسية فقد بحثوا عن قدّيس يستقطب ألوهية لوبركوس الوثنيّة، ورشحوا لذلك فالنتاين الشّهيد الّذي كان قد قتل قبيل ذلك بمئتي عام.

كان فالنتاين المرشح المثالي ليصبح شفيع عيد الحب، فتم تقديم اليوم إلى 14 شباط تاريخ إعدام فالنتاين إحياء لذكراه لدفاعه عن حق الشّباب في الزّواج والحب وعن قيامه بذلك بحسب سِرّ الزّواج المقدّس.

بالرّغم من إلغاء جلاسيوس سنة 496 م مهرجان عيد الخصب، إلّا أنّه كان حكيمًا ومتسامحًا فأبقى على لعبة الحظ وعدل بها، بحيث وُضعت أسماء القدّيسين بدل أسماء الفتيات، فيسحب كل رجل أو امرأة بطاقة عليها اسم قدّيس من الصندوق ويحاول أن يمثل صفة من صفات القدّيس.

وهكذا أصبح فالنتاين شفيع المتزوّجين الروحي واستطاع أن يحل محل العيد الوثنيّ القديم.

وردت في بعض المصادر إن البابا استبدل مهرجان عيد الخصب باحتفالات السيدة العذراء عليها سلام الله، والّتي استبدلت لاحقًا بعيد دخول السيد إلى الهيكل الّذي يحتفى به في الثاني من شباط، إلّا أنّ المصادر الكنسيّة لا تذكر ذلك، لا بل من المؤكد أن أصول عيد دخول السيد إلى الهيكل في أورشليم وليس في روما.

ويُعتبر أول توثيق لاحتفال عيد الحب على يد شارل السادس ملك فرنسا من سنة 1400 م.

احتفالات عيد الحب المعاصرة

تعدّدت احتفالات الفالنتاين في الحياة المعاصرة واكتسب صبغة رومانسية قد تكون نتيجة حاجة الإنسان الملحة إلى العاطفة في عصر مليء بالضغوط والتوتر والقلق وعدم الاستقرار، وقد تكون نتيجة العولمة وتحول الأعياد إلى استهلاكيّة. ومما يزيد الأمر انتشارًا ورواجًا وسائل التواصل التكنولوجي والاجتماعيّ على أنواعها. ومن الملفت للنظر أن معظم الرموز المستعملة في عيد الفالنتاين لها أصول تربطها بحياة القدّيس الشّهيد بشكل مباشر، كالبطاقات والورود الحمراء والقلوب الحمراء. ودخلت هدايا جديدة على هدايا العيد مثل الدّببة لطيفة الملمس، والشّوكولاطة والحلي الماسية.

بطاقات عيد الحب

تعود أصول بطاقات عيد الحب إلى الرسالة الّتي أرسلها فالنتاين إلى ابنة سجانه قبل إعدامه، وإلى القلوب الّتي وزعها على الجنود العائدين.

قد تحتوي الرسائل على كلام مكتوب أو قصائد وأشعار يكتبها المحبون لبعضهم، نجد نماذجها منتشرة في البطاقات الورقية والإلكترونية. وقد صدر في بريطانيا في العام 1797 م كتابًا تحت عنوان "The Young Man's Valentine Writer"، وهو كتاب معد لمن لا يعرف كتابة الأشعار، فيختار منه لمحبوبته.

انتشرت بطاقات الحب في القرن التاسع عشر في بريطانيا بشكل كبير، واستبدلت الرسائل المكتوبة بخط اليد. وفي العام 1847 م بدأت إستر هاولاند بمشروع تجاريّ في منزلها بولاية ماساشوستش. وقد استلهمت الفكرة من بطاقة كانت قد أرسلت إليها. وتأتي بطاقات عيد الحب في المرتبة الثانية بعد بطاقات عيد الميلاد في الولايات المتحدة. ومنذ عام 2001 م تخصص الرابطة جائزة سنوية تحت اسم أستر هاولاند لأفضل تصميم لبطاقات المعايدة. وكثيرًا ما نرى صورة كيوبيد على بطاقات المعايدة، وهو الرّسم الّذي وضعه فالنتاين على خاتمه. وهو في الميثولوجيّا الرّومانيّة إله الحب، ابن الإلهة فينوس، يظهر باستمرار على شكل طفل يحمل سهمًا يصيب البشر ويوقعهم في الحب. وفي عصر التواصل التكنولوجي تنتشر البطاقات الإلكترونية لتغزو شبكات التواصل التكنولوجي على أنواعها وتصل لكل فرد بأشكال عديدة.

الورود الحمراء

من الهدايا المنتشرة في الفالنتاين الورود الحمراء ويعود أصلها إلى تلك الورود الّتي رماها المتزوّجون الجدد على القدّيس فالنتاين حين كان في سجنه عرفانًا له على تزويجهم. وأصبح عيد الحب من المناسبات الّتي تنتعش بها أسواق الورد. وفي الأصل كانت الورود الحمراء مقدّسة لفينوس، واعتبرت رموز "أرشيفية" للحب والجمال مطبوعة في الذاكرة الإنسانيّة على مر العصور، وتُعتبر رسل المحبّة في العالم.

في المسيحيّة الغربيّة ترمز الورود إلى السيدة العذراء، سلطانة السّماء والأرض، وخلال العصور العذراء الوسطى ازدانت حدائق الأديرة بشجيرات الورد الّتي استخدمها الرهبان والراهبات لتزيين الكنائس ولأغراض طبية. وتظهر الورود في ظهورات السيدة العذراء على رأسها أو ملابسها أو حتّى على حذائها. منذ القرن الثاني عشر اكتسبت الورود الحمراء رمزية إضافية إذ أن لونها الأحمر يرمز إلى آلام المسيح ودم الشّهداء.

القلوب الحمراء

الأحمر لون الحب والحياة. وقد وزع فالنتاين بطاقات القلوب على الجنود لتذكيرهم بعهدهم المقدّس، وقد حمل بنفسه رسم كيوبيد، الّذي يصيب بسهمه القلب ويشطره.

الدّببة البيضاء (الدّباديب)

في الدول الشمالية يحتل الدّب مكانة ملك الحيوانات. اكتسب رمزه للبعث والحياة لآنّه ينام في الشتاء ويستيقظ في الربيع. وبنظرنا، من هنا أتت علاقته بعيد الفالنتاين الّذي يصادف في أواخر الشتاء وقبل الربيع، إذ يتهادى المحبون الدّببة البيضاء وأحيانًا الحمراء وقد تكون كبيرة أو صغيرة. ويرى البعض أنها تعزّز العلاقة العاطفيّة كأغراض الانتقال في الطفولة (كالدمى اللينة والدّباديب).

وقد تظهر الرموز بأشكال متنوّعة في عصرنا الاستهلاكيّ.

وأنهي حواري بنداء من الأعماق في عصر تفشي العنف والتنمر والألم...

إذا كانت المحبّة ملينة للقلوب فلنحب بعضنا بعضًا ونتهادى الهدايا كقول مثلنا الشّعبيّ "أنا غنية وبحب الهدية" لأن "المحبّة لا تسقط أبدًا" ولأن "الله محبّة".

 

2021-02-14