السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إسرائيل: الرابعة قابعة والخامسة حابسة!.. د. ناجي صادق شراب

أربع انتخابات خلال عامين أبرز عيوب وصور السياسة الإسرائيلية، وهو ما يعنى أمران متناقضان:

الأول قوة النظام السياسي البرلماني وقدرته على استيعاب التغيرات السريعة، وأبرزها عدم إكتمال الحكومة وهى من أبرز سمات السياسة ألإسرائيليّة، ومن ناحية أخرى تعبر عن ظاهرة عدم الاستقرار السّياسيّ مما قد يخلق حاله من الفوضى والصراع على السلطة، فإلى مدى سيبقى النظام قادرا على توفير ملاذ آمن للأحزاب والقيادات المتنافسه؟

 الانتخابات الثلاث ورغم فوز نتانياهو فيها كرئيس وزراء، لكنها فشلت في أن يحقق اى حزب أغلبية مريحة تضمن له تشكيل حكومة مستقره، فجاءت كل الحكومات إئتلافية لغياب ظاهرة الحزب الكبير.

ويبدو أنّ ما تبقى من النظام السّياسيّ الإسرائيليّ ظاهرة القائد الكارزمى المسيطر والمهيمن، والتى يجسدها للحظة نتانياهو الذي يسعى للفوز في الانتخابات وباى ثمن، متبعا النهج الميكيافيلى الغاية تبرر الوسيلة.

ولذلك الانتخابات الرابعة هي أقرب للإستفتاء حول شخصية نتانياهو، وغايته الإحتفاظ بالمنصب مها كلفه الثمن، ليدخل التاريخ السّياسيّ لإسرائيل لأطول رئيس وزراء من قبله ومن بعده، وفى سبيل هذا الهدف يلجأ للميكيافيلية، فهو لا يترك وسيلة حتى لو كانت التحالف مع الشيطان.

الإنتخابات الرابعة المقررة في  23مارس القادم أي بعد أقل من شهر إستفتاء على إستمرار حكمه، ولذلك لا يترك صوتا إلا ويذهب إليه، وكما صرح الهدف الوصول للرقم 61 مقعدا في الكنيست ليضمن رئاسة مستقره.

لقد دخل نتانياهو رئاسة الوزراء عام 1996 متغلبا على شيمعون بيريز بفارق 29 ألف صوتا، وخسر الرئاسة بفارق كبير أمام أيهود باراك عام 1999، ومنذ عام 2009 وهو رئيسا للوزراء.

هذه الانتخابات ليست كسابقاتها، فالتحدى ألأكبر يأتي من قلب الليكود نفسه، وإنسحاب جدعون ساعر وتشكيل حزبا جديدا باسم حزب ألأمل.

والتحدى الثانى منافسة بائير لبيد على المنصب.والتحدى ألأصعب تهم الفساد التى ما زالت تلاحقه، ووباء كورونا الذي يحاول أن يسابق الزمن بتطعيم كل إسرائيل مع شهر مارس.

وإستطلاعات الرأي حتى ألآن تضع الليكود في المقدمة بالحصول ما بين 29 إلى 30 مقعدا، وتضع نتانياهو ألأكثر حظا كرئيس وزراء لإسرائيل.

إلا إن هدفه أبعد من ذلك حصول الليكود على أربعين مقعدا، وإستعادة دور الحزب الكبير، ولتحقيق هذا الهدف البعيد  يسعى لكل الوسائل:

الإقتراب من الصوت العربى ومحاولة تفكيك هذا الصوت، ووعده لهم بوعود كثيره ودعوته لهم بالتطعيم، مستغلا الإنقسام في القائمة العربية المشتركة، وخروج الحركة الإسلامية منها التي قد لا تنجح في الحصول على نسبة الحسم، يدرك نتانياهو أهمية ووزن الصوت العربى الذي يمثل عشرين في المائة، وأنه باستمالته لهم قد يحقق المزيد من المقاعد، ولا ننسى تصريحاته السلبية تجاه هذه الأقلية ونوابها فى الكنيست، لكنها الغاية التي تبرر هذا التوجه والإستعطاف.

الآلية الثانية توقيع إتفاق ما يعرف فائض ألأصوات مع متطرفى الصهيونية الدينية وهم من أتباع حركة كاخ المحظورة برئاسة الحاخام الراحل مئير كاهانا، ووقع الاتفاق مع سمو طريتش وبن غفير الداعى لترحيل العرب، ويعلق في صدر بيته صورة باروخ غولدشتاين مرتكب جريمة الحرم ألإبراهيمى الذي راح ضحيته أكثر من ثلاثين مصليا.

وفى الحقيقه إسرائيل ليست في حاجة لإنتخابات رابعه،وليست في حاجة لسياسة بديله لأن السياسه ثابته، ولكنها محاولة إستبدال قياده بقياده، وقول جدعون ساعر: أطلب من كل من يريد نتانياهو  ألا يصوت لى.وورقته محاربة وإبراز مساوئ نهج قيادة الزعيم.

ويرى زلمان شوفال عضو كنيست وسفير سابق في وأشنطن أن الانتخابات القادمه إستفتاء حول شخصية نتانياهو والحديث لا يدور حول الإنجازات التي حققها نتانياهو والكل يعترف بها، ولكن حول نهج الحكم، ويضيف أن 62،5 في المائة يمنحون علامة جيد وممتاز لإدارة السياسة الخارجية، و52 في المائة للأمن القومى.

ويرى الإعلامى الإسرائيليّ يواف شطرن ان السبب الوحيد للإنتخابات الرابعه إعتبارات نتانياهو الشخصية، ويريد حكومة يمينية قويه تضمن له التحصن من المحاكمه وتفعيل تشريع القانون الفرنسي الذي يحول دون توجيه لوائح إتهام له.

ويضيف أنه نجح في تفكيك حزب أبيض أزرق، وبذر الفتنة في صفوف القائمة العربية المشتركه ومحاولة جذب الصوت العربى، وهذه الانتخابات كما السابقة لا وجود لقضية فلسطين والسلام.

ولن تنهى أزمة النظام السّياسيّ الإسرائيليّ، وفى كل نتائجها ستشكل تحديا فلسطينيا ودوليا. وستخلق تحديات كثيره تعيق معها القدرة على إتخاذ قرارات في التعامل مع الحكومة الإسرائيليّة. وفيها الفائز هو اليمين أما خسارة نتانياهو ممكنه، وخسارته في عدم قدرته على تشكيل حكومة يمينة قويه مريحه تضمن أربع سنوات من الحكم، لتدخل إسرائيل في دوامة جديده من الإنتخابات لا تنتهى إلا بذهاب نتانياهو، لكن الأرجح سنياريو نجاح الحكومة اليمينية المتشدده برئاسة نتانياهو قائم.لكن لا أحد يضمن ان هذه الانتخابات سوف تضمن لإسرائيل الاستقرار السّياسيّ، ويبقى أن التحدى ألأكبر يأتي من قلب المعسكر اليمينى وقياداته التى ترى في نفسها بديلا لقيادته.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2021-02-19