الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
جهاد حرب يكتب يلا نحكي: تدمير أهم مركز لاستطلاعات الرأي العام في فلسطين

دأب المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية على إجراء استطلاعات الرأي العام كل ثلاث أشهر (أربع استطلاعات سنويا) منذ تاريخ انشائه عام 2000. كما قام بإجراء استطلاعات خاصة أثناء الانتخابات بما تشمل استطلاع رأي يوم الاقتراع (exit polls) في الانتخابات الرئاسية عام 2005 والانتخابات التشريعية عام 2006. يحوز المركز على ثقةٍ واسعةٍ لدى جمهور عريض من المواطنين والسياسيين في البلاد، وعلى احترامٍ واسعٍ على المستوى الدولي؛ خاصة مراكز البحث العالمية والباحثين في الجامعات الأمريكية والأوروبية.

لكن هذا العام لن نستطيع الحصول على نتائج مسح يوم الاقتراع أي معرفة اتجاهات التصويت للناخبين في يوم الاقتراع أو الاستطلاعات المسبقة؛ وذلك بسبب إصرار الحكومة على منع المركز من الحصول على التمويل اللازم لإجراء استطلاعات الرأي العام بحجة وجوب حصول الشركات غير الربحية على إذن مسبق لتلقي أي تمويل خارجي بموجب قرار لمجلس الوزراء، في محاولة للسيطرة على منظمات المجتمع المدني من خلال حجب التمويل من ناحية، وتدمير مؤسسات المجتمع المدني من ناحية ثانية.

إن استمرار الحكومة باستخدام الإذن المسبق للتمويل يمس بشكل جوهري بمفهوم استقلالية منظمات المجتمع المدني بما فيها الشركات غير الربحية من جهة، ويفضح عجز وزارات الإشراف والاختصاص وتقاعسها عن ممارسة اختصاصاتها وعملها الرقابي المنصوص عليه في القوانين المنظمة لعمل هكذا مؤسسات في طوال سنوات حجم السلطة.

إن رفض المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية الانصياع إلى قرار مجلس الوزراء، غير المعمول به إلا في نظم استبدادية تسلطية، لحماية استقلالية وحيادية عمله؛ خاصة في مجال استطلاعات الرأي العام التي تنقل انطباعات واتجاهات الجمهور الفلسطيني ومواقفه من القضايا المركزية التي تواجهه لجهات الحكم المختلفة في البلاد، وعدم خضوعه لضغوط الحكومات المتعاقبة وأهوائها.

إن عدم فهم السياسيين في البلاد لنتائج استطلاعات الرأي العام المتعلقة بتقييمهم أو الإفصاح عن أولويات واتجاهات المواطنين ومواقفهم ليس ذنب المواطنين أو مراكز الأبحاث، بل لقصور الفهم لديهم بمعنى هذه الأداة العلمية. فاستطلاعات الرأي العام مهمتها التوضيح للسياسيين هذه الاتجاهات وبالتالي وضع خططهم وسياساتهم وإجراءاتهم ليس فقط للتكيف مع هذه الانطباعات، بل لتوضيح قراراتهم في أغلب الأحيان؛ أي أن السؤال المطروح على السياسيين، بعد الاطلاع على نتائج استطلاعات الرأي العام التي تعتمد منهجا علميا كما هي آلية العمل في هذا المركز، ليس تصديقها أو تكذيبها أو التشكيك فيها إنما إنتاج سياسات وتدابير وإجراءات تلبي احتياجات المواطنين أو إعادة النظر في السياسات هذه أو توضيحها بشكل يقنع المواطنين بصوابها. فالسؤال الذي يجب أن تطرحه الحكومة والرئاسة وقادة الأحزاب والأحزاب ذاتها وأصحاب الحكم هو كيف يمكن تغيير هذه الانطباعات والمواقف بشكل إيجابي لصالحها وليس تدمير مراكز البحث العلمي في البلاد، وحرمان المواطنين من الحصول على نتائج استطلاع عينات التصويت يوم الاقتراع.    

2021-04-02