الجمعة 14/10/1444 هـ الموافق 05/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
موجعة كلمات المناضل صالح ابو مخ يا فصائلنا وقادتنا .... بقلم :- راسم عبيدات

الأسير المنتهية مدة محكوميته صالح ابو مخ ابن بلدة باقة الغربية،دخل المعتقل في عام 1986 مع مجموعة من رفاق دربه، الرفاق وليد دقه وابراهيم مخ ومعهم ابراهيم بيادسة الذي غادر الى فصيل آخر ...دخلوا في عز شبابهم وكانوا واثقين بان مكوثهم في المعتقل لن يطول كثيراً وخاصة بانه حكم عليهم بالسجن المؤبد لكونهم شاركوا في عملية قتل جندي صهيوني ....ومع توالي صفقات التبادل وما يسمى ببوادر حسن النية وصفقات الإفراج عن الأسرى التي رافقت اتفاق أوسلو،كان هاجسهم بأنهم سيتصدرون قوائم تلك الصفقات او الإفراجات،ولكن في كل مرة كانوا يصابون بخيبة امل ...وازدادت خيبة املهم،عندما تبين بأن المفاوض الفلسطيني في مفاوضات أوسلو تخلى عنهم،وكأنهم ليسوا بفلسطينيين وأسرى مناضلون من اجل حرية شعبهم،حيث رفضت اسرائيل ان يمثل المفاوض الفلسطيني أسرى 48 لكونهم من حملة الجنسية الإسرائيلية قسراً وأسرى القدس لكونهم من حملة الهوية الزرقاء الإسرائيلية قسراً ....ومن بعد ذلك قالوا ربما صفقات التبادل الأسرى القادمة نكون جزء منها،ولكن تلك الصفقات أيضاً تجاوزتهم،صحيح بان هؤلاء الأسرى والذين العشرات منهم من الداخل الفلسطيني - 48- والقدس مضى على وجودهم في الأسر اكثر من ربع قرن يتقدمهم عميد الأسرى الأخ كريم يونس الذي دخل عامه الإعتقالي الثامن والثلاثين لم تهن ولم تضعف إرادتهم ولم تنحن قاماتهم ولم يقبلوا أن يساومهم الإحتلال على وطنيتهم وإنتماءتهم،مقابل تحسين شروط وظروف حياتهم في الأسر....ولكن مما شك فيه بأن هذا التنكر لهم والتخلي عنهم وتركهم وحيدين يواجهون مصيرهم في غياب سجون الإحتلال،ترك الكثير من الندب العميقة في داخلهم...وساورتهم الشكوك والظنون بان ما قدموه من نضالات وتضحيات وأثمان باهظة دفعوها على المستويات الشخصية والأسرية والوطنية،لم يجر تقديرها كما يجب،بل لسان حالهم كان يقول بان المناضل أصبح أرخص ما لدينا وليس أغلى ما نملك ....فدولة الإحتلال حتى من يعتقل من مواطنيها بتهم جنائية يواصلون ليلهم مع نهارهم من اجل إستعادته،والجاسوس جونثان بولارد الذي تجسس على الدولة الحلفية لدولة الإحتلال امريكا،بقيت اسرائيل وقيادتها تطرح قضيته على كل محافل وعلى كل إدارة امريكية جديدة حتى تمكنوا من تحريره من السجون الأمريكية .

أما نحن قادة وفصائل واحزاب فنكثر من البيانات والشعارات والخطابات التي تتحدث عن تحرير الأسرى وبان حريتهم باتت قريبة،ونوظف قضيتهم لخدمة مصالح وأجندات خاصة وفئوية،دون ان يكون أي رسم لإستراتيجية او رؤيا فلسطينية موحدتين،من أجل العمل على تحرير أسرانا من السجون الإحتلال،وممارسة الضغوط على دولة الإحتلال لكي تعمل على إطلاق سراحهم،ومن هنا وجدنا العشرات من الأسرى المصابين بأمراض مزمنة إس ت ش ه دو ا داخل السجون الصهيونية،او بعد فترة قصيرة من تحررهم من الأسر....عندما يقول المناضل صالح أبو مخ الذي خرج من سجون الإحتلال بعد إنتهاء مدة محكوميته البالغة 35 عاماً ....انا لست بأسير محرر ولم يحررني أحد ...أنا خرجت من السجن بعد إنتهاء مدة محكوميتي البالغة 35 عاما ولست مدين بحريتي لا أحد ولا أحد يزايد علي او يبيعنا شعارات وخطابات .....هذه الكلمات تشكل لائحة اتهام الى كل فصائلنا الفلسطينية وطنية وإسلامية والى قياداتنا وسلطاتنا القائمة ،بأنكم قصرت واهملتم بحق أبناء الحركة الأسيرة وبالذات القدماء منهم،والأسرى لا يحتاجون الى تحسين شروط وظروف حياتهم في المعتقل،على الرغم من اهمية ذلك،هم يريدون نيل حريتهم...عندما يُصر أبناء الحركة الأسيرة ان يكون لهم أسر وعائلات ،ويعملوا على تهريب نطفهم من السجن،ويصبح لهم أبناء وبنات محرومين من رؤية ومعرفة أبائهم بسبب المنع من الزيارات او العقوبات على تهريب تلك النطف وعدم قدتهم على ضمهم وحضنهم ومناغاتهم والضحك واللعب معهم ..الخ،فهذا ليس له فقط معنى التحدي للإحتلال والإصرار على التواصل وإقامة أسر رغم كل قيود وموانع إدارة السجون واجهزة مخابراتها،بل تعبير بأن هؤلاء الأسرى فقدوا الثقة بأن فصائلهم واحزابهم لا تعمل بشكل جاد وحقيقي من أجل تحريرهم من سجون الإحتلال .

كلمات موجعة وعميقة المعاني أيها المناضل العنيد أبا مخ ...ولسان حالك يقول لا نريد منكم فقط بعد تحررنا مهرجانات وإحتفالات وزيارات آنية ولحظية وخطابات والحديث عن الصمود والبطولات،فنيل الأسير لحريته اهم من مئة خطاب....الأسير المريض الذي يموت في اليوم ألف مرة لن يحرره لا شعار ولا خطاب ولا مهرجان.

أبو مخ قال الحقيقة التي لم يجرؤ على قولها مناضل أو أسير آخر،أبا مخ يدق جدران الخزان بقوة ويقول  لا يعقل أن يبقى أسرانا في سجون الإحتلال ثلاثين عاماً فما فوق ....لا يعقل أن نبقى نردد نفس " الكليشهات" والإسطوانة المشروخة،بأننا سنعمل على تحريركم من سجون الإحتلال وبأن قضيتكم على رأس  سلم اولوياتنا ....وفي أرض الواقع لا نرى أي فعل جدي او تطبيقات عملية للشعارات المرفوعة،وهي التي تأتي في الإطار العاطفي والشعاري،واثرها سرعان ما يتبخر  ويختفي.

قضية الأسرى ليست قضية فئوية،بل هي قضية وطنية عامة بإمتياز،يتساوى فيها كل أسرانا من مختلف مشاربهم ومكوناتهم ومركباتهم الحزبية والتنظيمية،فهم إعتقلوا  وضحوا من اجل الوطن،وليس من أجل هذا الفصيل او ذاك،فالفصائل والأحزاب،هي الوسائل للتعبير عن الإنتماء وليست هي الغاية....ولذلك نقول لكل فصائلنا واحزابنا في أي صفقة تبادل أو إفراجات يجب ان يكون على رأسها وفي مقدمتها،من أجحفت بحقهم اتفاقيات اوسلو الكارثية  من أسرى الداخل الفلسطيني- 48 – والقدس وبغض النظر عن إنتماءاتهم الحزبية ....أبا مخ يقول أنا أسعفني الحظ وخرجت بعد قضاء محكوميتي البالغة  35 عاماً،ولكن قد يكون من لا يسعفهم الحظ ممن مضى على وجودهم في الأسر من الأسرى ثلاثين عاماً فما فوق ...وقد لا يخرجون على أرجلهم،بل يخرجون على ضهورهم محمولين ....هم لن يغفروا لكم  ولا أسرهم وعائلاتهم ستغفر لكم أيضاً ....ولذلك السلام والمفاوضات التي لا تحرر الأسرى وتخرجهم من ظلمات السجون والزنازين ،بئس ذلك السلام وتلك المفاوضات العبثية والمارثونية.

تمثلوا كلمات الأسير المنتهية مدة محكوميته صالح أبا مخ ،فهي تعبير مكثف عن كل ما يجول في خاطر الأسرى وأسرهم وعائلاتهم...تداركوا  الأمور قبل فوات الآوان ...

 

فلسطين – القدس المحتلة

7/4/2021

[email protected]

2021-04-07