الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الموقف الشعبي الأردني تجاه ما يحدث في القدس ... د. دانييلا القرعان

إن موقف الاردن وشعبه تجاه القضية الفلسطينية وشعبها ثابت وراسخ لا يتغير مهما كانت الظروف والأسباب، وهذا ما أكد عليه جلالة الملك عبد الله الثاني أبن الحسين وأثنى عليه في العديد من لقاءاته ومشاركاته في المحافل الاقليمية والدولية. الاردن يشكل شريان حياه للشعب الفلسطيني، وسيبقى المسجد الاقصى المبارك والقدس في أعماق وجداننا، رافضين كقيادة وحكومة وشعب كل الخطوات الأحادية الجانب التي أعلنتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي أخلّت ببوصلة السلام والأمن الدوليين، وبكل المعاهدات والمواثيق الدولية فضلا عن متطلبات عملية السلام والاستقرار ومقاييس العدالة.

إننا كشعب أردني نرتبط دائما مع أشقائنا الفلسطينيين في كل المحن والانتفاضات، وإننا نقف خلف قيادتنا الهاشمية الحكيمة بمواقفها الحازمة تجاه تلك المستجدات، ومواقف جلالة الملك حول القضية الفلسطينية والدفاع عن القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية وحماية الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها تتطلب المساندة والتأييد والدعم الموصول.

موقف القيادة الهاشمية والموقف الشعبي الأردني تجاه القضية الفلسطينية والقدس تحديدا وما يجري فيها من انتهاكات عدوانية، ومنع المصلين من الصلاة في باحة المسجد الاقصى، والاحداث التي تجري الان في رحاب القدس، ودعوات الشعب الاردني من اجل تحقيق إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف عطلت الكثير من المخططات الاسرائيلية في التغول على حق الشعب الفلسطيني، وإعادة البوصلة العالمية لقضية الشعب الفلسطيني، وهذا الدعم الملكي والشعبي ساهم بتعزيز نضال الشعب الفلسطيني وصمود المقدسيين في ظل الاحداث الاخيرة بالحفاظ على وجودهم ونيل هويتهم المطموسة رغم الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية بحقهم.

ليس من دم يمتزج تاريخيا كدم الأردنيين والفلسطينيين، إنها علاقة موقعة بالدم في الأرض والسماء، موقعة على أسوار القدس وأراضي اللطرون وباب الواد، في سهول جنين وأغوار أريحا وطوباس وجبال نابلس والخليل علاقة وحدها نهر الأردن ودم الشهداء لن يفرقها بشر، لقد علمنا أجدادنا بإن دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن وفلسطين، جزء منا ومن عقيدة الأردنيين الدينية والسياسية والاجتماعية الى يوم الدين.

على الرغم من جائحة كورونا وتداعياتها على الشعب الاردني، وعلى الاقتصاد الاردني، وتأثير الجائحة على حياتهم اليومية وممارسة اعمالهم وفقدان أحبة عليهم، وانشغالهم بالإجراءات الحكومية وإعلان الحظر او فك الحظر أو التمديد، إلا أن القضية الفلسطينية وتحديدا ما يجري بالقدس الشريف حاضرا في قلوب وعقول الاردنيين، ورغم الاحداث الاخيرة التي عاشها الاردن إلا أن موقفنا كشعب اردني واحد هو موقف ثابت لا تغيره الأمكنة ولا الأزمنة ولا الظروف، وسنبقى دائما الملاذ الآمن لأشقائنا الفلسطينيين، ودعواتنا تتجه دائما اليهم بنيل استقلالهم وحريتهم المسلوبة، ولا بد من الإشارة هنا إلى تطابق الموقف الشعبي مع الدور الحكومي الاردني بثوابته ومبادئه الراسخة، ومنها استنكاره ورفضه الدائمين لإجراءات الاحتلال، ومعارضة سياسة نتنياهو تجاه فلسطين والقدس تحديدا، فعلى الرغم من صفقة القرن وخطة تهويد القدس وسياسات الضم الاخيرة واسلوب الضغط على الحكومة الاردنية والشعب الاردني الا ان موقفنا ثابت كقيادة وحكومة وشعب لا يتغير بأساليب الصفقات والضغط وهذا ما علمنا اياه قائد المسيرة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.

لا يكاد أن يخلو بيت أردني من أصل فلسطيني، فهذا التلاحم والتأصل والتعاضد والتعاطف هو إننا كشعب أردني وشعب فلسطيني ضفة واحدة فرقها التقسيم والمشاريع الاستعمارية، ومع ذلك سنبقى شعبا واحدا بهدفنا وإصرارنا وطموحنا وإرادتنا الحرة العربية المستقلة، وبنضالنا وصمودنا وإيصال صوتنا في كل المحافل الوطنية والإقليمية والدولية بإقامة دولة فلسطينية على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف، فنحن كشعبين بروح واحدة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

فلو كانت فلسطين في أقصى أرجاء المعمورة ولم تكن قريبة كل القرب من الحدود الاردنية، لكان الموقف هو ذاته، فعلاقتنا كشعب اردني بفلسطين لا تحكمها الحدود ولا الموقع ولا القرب وإنما تحكمها رابطة الدم الممزوجة بعبق التاريخ، إنها علاقة موقعة بالدم في الارض والسماء، أنها فلسطين القلب النابض في جسد كل أردني.

*كاتبة ومحاضرة جامعية أردنية

2021-04-30