الثلاثاء 18/10/1444 هـ الموافق 09/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هويتنا الفلسطينية خالدةٌ باقيةٌ لا تموت...د. نادين فراس ياغي

 نحن الآن نقفُ على مفترقِ نقطة تحوّلٍ جوهرية ومحوريّة في القضية الفلسطينية، والتي سيشهد لها التاريخ المشرّف لاعوامٍ طوال، في حكاياته عن مشهد الأبطال.

 

فإذ بنا نرى جيلاً جديدا من الشباب والشابات الفلسطينيّ، وهم يلملون أشلاء قضيّتهم الأمّ من تحت هيكل الماضي القريب القسريّ، ليتسربلوها درعا حامٍ أمام حربِ كيّ الوعي المقاوم، التي يشنّها الاحتلال الخاسىء الصهيونيّ، وأتباعه من قطعان التّطبيع الاميّ.

 

ها نحن نشهد الآن إعادة تشكيل وإحياء ملامح الهوية الفلسطينية من جديد، فجيل قرن التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي قد نزع قناع التعايش الكاذب طوعا، وأيقن أن معالمه الدخيلة ليست سوى سجنَ الذل والمهانة دوما، ليكشف عن ملامحه الفلسطينية العربية ويظهرها على الملأ شرفا ونضالا وإيمانا منه بقضيته الموروثة الراسخة، قضيّة مفتاح العودة، قضيّة الحق والعزّة.

 

فالحراكُ الجماعيّ الشامخ الّذي باركه المسجد الأقصى، وعزّزته قضية حي الشيخ جراح في القدس، قد حُقن بدماء الشهداء الأبرار في غزة والضفّة، وألهم الفلسطيني الحرّ في مدن الداخل المحتل، مُشعلا في قلبه شعلة غضبٍ لا تُخمد، بل يضرمها الأملُ بالحياةِ لهيبا مقدّسا قدسيّ.

 

المقاومةُ قد طرقت أبواب الوطن التي ما زالت تنتظر أبنائها يوم ما أُغلقت في الثماني والأربعين، فلا خيارٌ ولا قرارٌ الا بالترحيب بها ببساطا أحمرَ دمويّ، نسجته غزّة، وفُرش من القدس الى الضفة واللد ليحتضن في امتداده المزهر كلّ مدن الداخل الفلسطينيّ.

فلا سلاحٌ أخطرَ وأقوى من رفع الفلسطينيّ لهويّته الفلسطينيّة علما حرّا أبيّ، ليرفرف في سماء الوطنِ  أمام ناظريّ كل محتلّ صهيونيّ.

 

أمّا الاحتلال فيعلم ذلك علم اليقين منذ محاولاته الأولى في تطهير الشعب الفلسطيني، وسياساته وكل استراتيجيّاته قد وُجّهت منذ البداية صوب طمس ومحو كلّ مظهرٍ يمتّ صلةً بالتعبير عن هذة الهويّة الأبديّة، التي ترسو في ميناء الحلمِ بالعودة، وتُخصّب التّراب ليلد من مقبرة المجازرِ شجرا زيتونيّا صموديّ.

 

أعوامٌ كثيرةٌ مضت وهم يسعون نحو هدف ذليل بل هو حلمٌ مستحيل، الا وهو إبادة المقاومة الفكرية قبل المسلّحة منها، ولكنّها بالفعل سنينٌ عبثيّةٌ مرّت ولكنّها لم تمضِ !

 

فبين ليلة ظلماء وضحاها، تحت ضوء قمر الحرّية قمنا بإرجاع الاحتلال عبر الزمن الى نقطة البداية والحساب، ليجد كيانه المتزعزعَ مهدّدا بالانعدام الحتميّ، أمام اعصار هويتنا الفلسطينية التي بُعثت من السماء، وانتشلت من أنقاض النكبة والنكسة، لتصرخ بأنها خالدةٌ باقيةٌ لا تموت أيّها الصهيونيّ!

2021-05-14