الثلاثاء 14/10/1445 هـ الموافق 23/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
غزة.. عودة حزينة إلى الدراسة

غزة-الوسط اليوم-سكاي نيوز

عاد تلاميذ غزة إلى مدارسهم بعد انقطاعهم عنها بسبب العمليات الإسرائيلية، لكن كرسي جمال الدلو، 5 سنوات، ظل فارغا بين زملاءه الصغار في روضة المروج بمدينة غزة.

تسألهم معلمتهم سماح عبد العال: "أين ذهب جمال؟" فيرد الأطفال في صوت واحد "راح عند الله.. راح على الجنة".

قبل بداية الصف أعدتهم مديرة المدرسة نفسيا لغياب زميلهم بكلمات بسيطة، لكي يمكن لأطفال في الخامسة من عمرهم، في الصف التمهيدي، أن يستوعبوها.

كان جمال تلميذا في الفترة المسائية بالروضة قبل يوم 18 نوفمبر، حينما دكت صواريخ أطلقتها طائرات حربية إسرائيلية منزله فقتل هو ووالده، و7 أفراد آخرين من عائلته.

جلست الفتيات الصغيرات بستراتهن ذات اللون الوردي، والأولاد بملابسهم الداكنة، وضموا أيديهم إلى صدورهم، وبصوت عال قرأوا الفاتحة على روح جمال.

بين مقعدي صديقيه المفضلين سليمان الكومي وحمود، وضع كرسي جمال البلاستيكي الصغير وعليه لافتة كتب عليها "الطفل الشهيد جمال الدلو".

يقول سليمان، أو "سلومي" كما تدلله معلمته، وهو يرنو إلى الكرسي الفارغ، كنت أحب اللعب بالأراجيح مع جمال"، ويضيف حمود "كنا نركب الباص معا".

المعلمة سماح لم تتمكن من دخول الحجرة التي كانت تمارس التدريس فيها لغياب جمال، فقررت الإدارة نقل الصف إلى حجرة أخرى.

تقول سماح: "كانت صدمتي كبيرة، فقد كنت مرتبطة جدا بجمال. بعد فترة من بدء العام الدراسي أحضره والده إلي قائلا إن ابنه لا يحب المدرسة، ويرفض البقاء فيها، وطلب مني أن أحاول معه كفرصة أخيرة ينقله بعدها من المدرسة".

وتضيف سماح "بكى عندما تركه والده، فاحتضنته وأعطيته هدية بسيطة، ومنذ ذلك اليوم لم يتغيب عن الصف أبدا حتى غيبه الاستشهاد".

وتقول بتأثر بالغ: "كانت لديه ابتسامة جميلة تضيء وجهه، وكان يضحك دائما عندما يصعد إلى حافلة المدرسة، سوف أتذكره دائما وهو يضحك".

علمت سماح بمقتله عبر شاشات التلفزيون التي كانت تنقل بثا مباشرا لعمليات الإنقاذ الدائرة في منزل عائلته.

"رأيت 4 جثث لأطفال ملقاة بين الحطام، وميزته فورا من بينهم برغم الأتربة التي كانت تخفي ملامحه"

وزعمت إسرائيل أنها استهدفت المنزل لاختباء أحد أعضاء حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في داخله، وهو أمر ينفيه أفراد العائلة الذين نجوا من الموت.

"أنا زعلان".. يقول سليمان وهو يطأطئ رأسه الصغير، وتسأله معلمته عن السبب فيقول "لأن جمال مات ولن يلعب معي".

"حمود كان أول من فطن لغيابه في طابور الصباح اليوم وأخذ يسأل عنه، ثم بدأ سامي يبحث عنه"، حسب المعلمة.

تلميذات مدرسة الزيتون الإعدادية بحي تل الهوا كانوا أوفر حظا. فعلى الرغم من أن المدرسة لحقتها أضرار مادية، فإنها لم تفقد أيا من التلميذات.

تقول رومانس، وهي تشير إلى فجوة في جدار فصلها: "كنا كلنا في بيوتنا عندما تضررت المدرسة جراء القصف الذي دمر المبنى الحكومي المقابل".

وتلتف التلميذات بزيهن المدرسي حاملات حقائب الكتب والدفاتر، وتقول نادرة "نقلونا إلى المدرسة المجاورة لأن فصولنا تهدمت".

وتضررت نحو 100 مدرسة في قطاع غزة بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية على الرغم من عدم استهداف هذه المنشآت.

وقال وزير التربية والتعليم العالي في حكومة حماس أسامة المزيني إن "معظم شهداء الحرب كانوا من التلاميذ خاصة من المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال".

وأكد في تصريحات صحفية أثناء الجولة التي قام بها السبت لعدد من المدارس المتضررة  استشهاد "5 موظفين من قطاع التعليم، وإصابة أكثر من 300 آخرين ما بين طلبة ومعلمين خلال العدوان".

وعاد أكثر من 460 ألف تلميذ إلى المدارس السبت في قطاع غزة التي يقدر عدد مدارسها بـ688 مدرسة، ما بين حكومية وأخرى تابعة لوكالة الغوث الدولية (الأونروا).

2012-11-24