الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حوار مع الشاعرة العراقية ابتسام ابراهيم

                            الشاعرة ابتسام ابراهيم :     انا قارئة لكل شي و القصيدة ملاذي الامن

لا ( انا ) عندي في الحب

حاورتها :   منى الصواف

ابتسام إبراهيم شاعرة عراقية  من بغداد , بالإضافة الى الشعر فهي تكتب المقال الصحفي بحرفية فائقة في صحف ومواقع اخبارية كبيرة كما انها مترجمة  تتنقل كلماتها بين اللغتين العربية والانجليزية فتغني ثقافتها وتملآ قلبها بالانشغال , امرأة عراقية  تسعى لان تحافظ على بصمتها التي نالتها بالجهد والمثابرة دون محاباة ؛ التقيناها فكان لنا معها هذا الحوار

يـُقال ان الشعر فاكهة الحياة ما هو رأيك ؟

الشعرُ عندي ظلٌ  اتمددُ في راحتيه من عناءِ يوم طويلٍ , امارسُ الشعر لحظة بلحظة واكتبُ متى ما طرقتْ الاحرفُ باب صومعتي .. لا وقتَ عندي للشعر لذا انا اكتبُ  ما ان يلج الخيال ساحَ قلبي ويظمئني الى الكتابة فأحس ان نبض الروح  يفتح  كل باب واترك جرحي منه يعبر بالفراغ حتى يطيب , حين اشعر إنّ زخما في مخيلتي بدأ يراود عقلي عن نفسه , ليست عندي طقوس خاصة , فقط ورقة وقلم احملهما أينما كنت فإذا لاح خيط الجنون في الأفق  قبضت أناملي عليه قبل أن يضيع في زحام الأحداث

شاعرة مرهفة وجميلة لكن لديك رؤية مقـلـِقة عن الحب

ليستْ مقلقة بالشكل الذي تصفين انما هي رؤية شاعرة تبحثُ عن الهدوء العاطفي المتعقل بلا زيف , الحب الذي ينمو وسط اجواء مقبولة , مشاركة في كل شيء وتضحية دون مقابل , الحب ان كان مشروطاً يذوب  وسط قيظ المتاعب وهموم الحياة  لا( انا ) عندي في الحب .

لكن للـ( انا ) تجلياتها الخاصة

نعم .. اذا كانت كامنة في افعال الذات لها عالمها  المنفتح بنقاء الفطرة تبصر بجوارحها كل ما حولها وتنعم ببصيرة تفهم الاخر وتسترد الشوق وإن حاصرتها تقلبات الحياة

الشك له دور كبير في حياة الشاعر كيف هو معك ؟

كثير ما يقال ان الشك حالة سلبية لدى الانسان لكني ارى فيه ايجابيات كثيرة منها ما جعلني اخذ الحيطة والحذر في كل شيء وهذا ما اعتدتـَه في مشواري الصحفي  .. اما على الصعيد الشخصي فلا اسمح لهذه العلة ان تتسلل الى نفسي وبيتي  و اداريها ان وجِدتْ  بالتروي .

احببتُ فيك انخراطك بالهم العراقي  كثيرا كيف تصفين ذلك

انا ابنه  هذا البلد المعطاء .. اتنفس ايامه وساعاته و ازجّ نفسي وسط احداثه وكأنها غايتي .. لا يمكن لأي شاعر ان ينسلخ عن بلده فهي احداث تدور امام ناظريه في البيت والعمل والشارع , ما إن يطفح على سطح الوطن قلقٌ إلا واجد نفسي محشورة في زحامه

صدقيني .. مرارا اقول من لا يعيش معاناة ابناء جلدته لا يستحق ان يكون اديباً

قرأت خبرا مفادَه انكِ في صدد ترجمة كتاب وثائقي لكاتبات عراقيات هل لنا  ان نعرف تفاصيل صغيرة

لستُ في صدد انما انتهيت مؤخراً من  ترجمة الجزء الرابع من معجم الاديبات و الكواتب العراقيات في العصر الحديث وهو الان جاهز للطباعة  وهذه هي  تجربتي الثانية في الترجمة الوثائقية فقد سبق وان عملتُ في ترجمة السير والوثائق بالتزامن مع عملي كمحررة و مترجمة اخبار و   ايضا  ترجمة  قصائد  باللغة الانجليزية لشعراء من جنسيات مختلفة مخطوطة قيد الانجاز .

كيف تنظمين وقتك وسط  هذه المواهب ومشاغل الحياة

كل شيء له وقته فلا يتعدى الشعر عتبه  مسؤوليات العمل  او الاسرة ولا تضايق صومعة القصيدة  حياتي العملية

لماذا لا نرى تأثيراً للمثقف عموماً وللأديب خصوصاً على الساحة العراقية؟

 الحياة في بلد كالعراق صعبة جدا وشاقة واغلب الادباء ان لم يكن جلّهم مشغولون حد الابتلاء بالحياة ومراسيها  ومع ذلك تجدين صوت المثقف العراقي وان قـلَّ فهو عالٍ ويصدحُ ويطالب رغم  المخاطر .

دائما تذكرين انك لستِ قارئة جيدة للشعر العربي  لماذا؟

لا ليس هذا ما اعنيه انما انا قارئة لكل شي  وقراءاتي ليست منحصرة بالأدب بل تتعداها الى كل ما يتعلق بالعلوم الانسانية ,  احمل في جعبتي كماً طيبا من المعلومات ولكن في السنوات العشر الاخيرة اتجه قلبي لتذوق الادب الانكليزي اكثر من الادب العربي ففيه ما اُغني لغتي الثانية وما يطيب معه خاطري

جملة اعتراضية عنوان مميز لكتاب شعري

جملة اعتراضية هي مجموعتي الشعرية الثالثة على الصعيد الشخصي صدرت  مؤخراً عن دار امل الجديدة – دمشق  والعنوان هو لأحد النصوص التي وردت آخر الكتاب وهو نص سردي فيه من نفسي الكثير ولِد  بعد  مخاض اسئلة لا حصر لها فهو جواب لكل ما مر وفات

الى أي مجال ادبي تنحازين اكثر الشعر ام الترجمة ؟

الشعر هو عالمي الاول وبيتي  الصغير الذي أوي اليه كل ما زادتْ عليَّ الاحمال ارى فيه نفسي وكينونتي , مرآتي النابضة لتفاصيل مسراتي وانكساراتي

اما الترجمة فهي بالإضافة الى كونها عمل امارسه منذ مدة لكنها فتحتْ لي افاقاً كبيرة نحو جمال قد  لا توفره اشياءٌ اعتدتها

لي طريقتي الخاصة بالترجمة واحرص كل الحرص على ان لا افرض نفسي على النص بل اقدمه للقارئ بروح الشاعر الاصلي

معظم النصوص التي ترجمتها تواصلتُ شخصيا مع كتابها حول اسباب كتابتها  وهذا ما جعلهم يثقون بما قدمت لهم وللقارئ 

 تكاد تخلو قصائدك مما يرغبه الشعراء من وصف الجسد والليالي الحمراء

لا احبذ النصوص الماجنة ولا اراها تضيف للمشهد الشعري شيئا بل قد تكون وسيلة بعضهم للظهور لا اكثر  .. الشعر عندي قضية اما ان يسمو بك او يردك اسفل سافلين

نكران الذات في النص هل هو ما تريده ابتسام كشاعرة؟

القصيدة مرآة الشاعر وروحه التي تكاد تنصهر في كلمات .. قارورة يفرغ فيها الشاعر انفاسه  فتعكس احيانا استعدادهُ للتخلي عن الملذات الشخصية أو تحمّـل المحن لوحده من اجل ان ينعم الاخرون بالسلام و يهيئ لنفسه فيها ركناً صامتاً قد لا يستطيعه الاخرون  .

و انا إن اتكأت يوما ففي القصيدة ملاذي الامن الذي لا يخيب  اصبُ فيها جام اشيائي فأرتوي وابعثُ من جديد فقد وصفتها كالأتي : 

ربما يا مساراتِ الحب الضئيلة

سوف اذوي مثل شمعة

تحرقُ الوحشة في جوف المرايا

ربما تحمِل الافكارَ عني

 ربما تهوي على كأس السنين  فتريق بعضه

وأخيرا بمَ تحلم الشاعرة  ابتسام

كل ما حلمتُ فيه  وما زلتُ انشدُ كتبته شعرا ونثرا لذا اترك بين يديك والقارئ الكريم هذا المقطع القصير من نص رداء :

" آه لو ان السماءَ تمطرُ قصاصات ورقٍ بدلا من الرصاص .. لشيعتُ كل القصائد الى حبل المشنقة وقلمت اظافر الموت بالحبر الجميل .. آه لو يقبل الليل بلا ضجر لفرشتُ للكلمات شراشفَ اللطف وعطرتُ الوسائد بحنو الامهات و لغرستُ في هامتي شوارعاً تفضي الى غابات الجنون

هي الحربُ يا قلقي أكلت سنين العمر فلمْ يبقَ سوى جرحٍ تتقاذفه أرجلُ اللاعبين ولا محترفٍ بينهم"

2021-09-03