الخميس 5/5/1446 هـ الموافق 07/11/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لماذا ضاقت الارض على الاسرى الابطال بما رحبت....رشيد شاهين

كانت عملية سجن جلبوع البطولية هي مدار حديث الشارع الفلسطيني على مدار الأيام الخمسة الأولى التي تلت عملية "الهروب" او "التحرير" العبقرية بامتياز، كما انها أصبحت كذلك بعد ان تمكنت قوات الاحتلال من إعادة اعتقال أربعة من هؤلاء الابطال بطريقة لا نعلمها لان كل ما يقال في هذا المجال هو من مصادر العدو سواء الإعلامية او الأمنية. 

لكن وبرغم ما في اعتقال لهؤلاء الشباب من أذى وما شكله من حالة غضب وفي كثير من الأحيان الإحباط، الا ان هذا لن يمنع ولا باي شكل من الاشكال ان عملية التخطيط والتنفيذ والنجاح في مغادرة سجن "الخزنة" جلبوع، سيبقى صفعة لن تمحى في سجل منظومة الامن والاستخبارات العسكرية الصهيونية لسنوات طويلة. 

يمكن القول ان كل الأسئلة التي برزت بعد عملية التحرر من القيود أصبحت خلفنا بعد ان تم إعادة اعتقال أربعة من الاسرى الابطال. وبرز في المقابل أسئلة أخرى ربما أكثر أهمية لأنها سوف تظل قائمة عند كل أو أي عملية "هروب" أخرى. 

من بين عشرات الأسئلة التي يمكن اثارتها، هل كان التنظيم المسؤول عن الاسرى على علم بالعملية، وإذا كان الامر كذلك فماذا فعل التنظيم من اجل توفير المقتضيات الضرورية للأسرى، لماذا لم يوفر لهم أجهزة اتصال متعددة، حتى تلك المرتبطة مباشرة بالأقمار الصناعية، لماذا فشل في توفير وسائل مواصلات لهم، "سيارات شاحنات."، ولماذا فشل في توفير ملاذات او بيوت آمنة. هل من المعقول ان يفشل تنظيم بكل هذه الإمكانيات في توفير هذه القضايا الأساسية لعملية هروب من هذا النوع. 

السؤال الاخر هل من الممكن ان التنظيم لم يكن على علم بالموضوع أصلا، وهذا بتقديرنا مجاف للمنطق، حيث ان هكذا عملية لا بد لها ان تستغرق العديد من الأشهر، المنطق يقول انه يجب ان يكون على علم، لكن ان لم يكن على علم فلماذا، ما السبب وما الموانع. 

السؤال الآخر الذي يتعلق بالفترة الزمنية "العمياء" اذا جاز التعبير، وهي الساعات العديدة التي تلت خروجهم من النفق، وهي كانت فترة كافية لتنقلهم بسهولة اكبر لو توفرت لهم وسيلة النقل المناسبة، وكان بإمكانهم الوصول خلال الساعتين او الساعات الثلاثة الأولى الى أي مكان في الضفة الغربية او الى قطاع غزة، وهنا نعود للسؤال، لماذا لم يكن الاسرى على تواصل مع تنظيمهم، لماذا لم يتمكنوا خلال فترة التجهيزات من تأمين أي شخص او رفيق او قريب لتأمين سيارة لنقلهم الى مناطق السلطة او الى غزة طالما لم يتوجهوا الى الأردن او سوريا او لبنان. 

الأسئلة كثيرة والإجابات قليلة خاصة وانه لم يمض على عملية إعادة اعتقال الاسرى الا ساعات ولا مصدر للمعلومات كما ذكرنا أعلاه سوى المصادر الصهيونية. 

يبقى السؤال ربما المركزي والأكثر أهمية وهو لماذا لم يلجأ الاسرى الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي الى الضفة الغربية، ولماذا فضلوا البقاء في مناطق العدو على التوجه الى مناطق "وطنهم". 

الحقيقة ان الإجابة على هذا السؤال برغم ما فيها من مرارة الا انها تؤكد على حقيقة واحدة وهي ان لا ثقة لهؤلاء الاسرى بالسلطة، لأنهم يدركون انهم لن يكونوا في مأمن فيما لو توجهوا الى مناطق السلطة، فقدان الثقة هذه لم تأت من فراغ او لرغبة في نفوسهم، بل لان واقع السلطة يقول وعلى لسان رئيسها وفي العديد من الحوارات الصحفية وهذا مثبت في كل مكان، ان النسيق الأمني مقدس، وانه يعمل ليل نهار على احباط اية محاولات " للإخلال بالأمن" والمقصود هنا امن "إسرائيل". 

هل فعلا ضاقت الأرض الفلسطينية في الضفة والقطاع على ستة من الاسرى نجحوا في كسر قيد أكثر السجون الصهيونية تحصينا، وهل أسهمت السلطة بكل ما تقوم به من ملاحقة للمقاومين والشرفاء من أبناء هذا الوطن في تضييق الخناق والطوق على الاسرى بحيث امتنعوا عن التوجه الى أراضيها، الواقع يقول أن نعم، لقد كانت السياسة المتبعة خلال سنوات حكم محمود عباس ضد المقاومين من أهم أسباب قرارهم البقاء في ارض العدو. 

على اية حال، فان إعادة اعتقال أربعة من الاسرى الابطال، لن تطفئ شعلة المقاومة، وستظل عملية تحررهم نبراسا لكل من يفكر باستنشاق هواء الحرية، ويكفيهم فخرا انهم كانوا السبب في إعادة قضية الاسرى الى الواجهة بعد ان تم تغييبها لسنوات عديدة.  

نسأل الله العلي القدير ان يحفظ الاسرى الاثنين الذين لم تتمكن يد الغدر الصهيونية من الوصول الى اليهم. ونتمنى على أبناء شعبنا الا يثقوا فيما يردده الاعلام الصهيوني لأنه في المجمل يعمل كواحد من أهم اذرع الأجهزة الأمنية والاستخبارية لدولة الاحتلال.  

11-9-2021 

2021-09-12