الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الخيال يصنع المستقبل .... عبد الهادي شلا

 

 

 حتى وقت قريب كان البعض في مجتمعاتنا ينظر إلى الأفلام التي تسمى "أفلام خيالية" على أنها شطحات فنية يراد بها العبث في القيم الإنسانية وأن ما فيها من تصورات وخيال لم يتقبله العقل العادي الخالي من التجربة إلا خروج من عالم الفنون التقليدية و الواقعية إلى عالم ميتافيزيقي يراد بها الحصول على مساحة أكثر "تسلية" لجلب المزيد من المال للمُنتِج والعاملين في تلك الأفلام دون التفكر بأنهم يسبرون أغوار الطبيعة بخيال أبعد من خيال العامة البسطاء الذي هو واحد من أهم ما يتطلع إليه المبدعون حين يثيرون حواس المشاهد.

 

لو دققنا وبحثنا بصورة أكثر شمولية لوجدنا أن مثل هذ الظنون لم تكن في مكانها ولا يمكن التسليم بها بل لا يمكن إنكار القدرات العجيبة التي اجتمعت في فيلم خيالي وهي قدرات خارقة من الخدع التقنية يصاحبها موسيقى وإضاءة ومهارات عالية من ممثلين بأدوات لا يمكن أن يتصورها من يعيش في عالم ينقصه الكثير مما استجد في عالم متطور سريع الحركة.

لذلك نعطي بعض العُذر لمن ضاقت مساحة خياله وتعنت في قبول ما تراه العين ،بل لنا ونحن نجتاز عتبات فترة زمنية إلى أخرى تصعد بنا إلى ما هو أبعد إلا أن نؤكد أن هذه الخيالات التي تصورها المبدعون في أفلام لم تكن سوى تمهيد تدريجي للولوج في عالم يكاد الخيال يحكمه ويتحكم في المزيد مما يحتاجه ليكون إنسان هذه المرحلة متوافقا مع احتياجاتها التي لا رجوع عنها بعد أن إنطلقت بقوة لترتيب وتيرة حياة جديدة نكاد نجزم بأنها لم تخطر ببال بشر من قبل حين كانت الحياة تسير على وتيرة واحدة ببطء لم تنصف فيها ضعيفا ولنا أن نصدق أن عالمنا اليوم لن يكون إلا للأقوياء الذين يملكون العلم والمعرفة والخيالات الخصبة التي تطرح كل لحظة فكرة لتكون لبنة قوية في بناء صلب.

يبدو أن الدول القوية التي تخطط بطموح كبير وبعد أن ملكت القوة القاهرة قد كانت وراء الكثير من الأفلام السينمائية التي اتسمت بالخيال وكأنها تمهد إلى شكل الحياة الجديدة ولم تكن الأخبار التي كانت منذ سنوات تتردد على فترات متقطعة حول علوم الفضاء والحياة على الكواكب الأخرى إلا تمهيد حتى لا يفاجأ العالم بما قد حدث فعلا حين الإعلان عن وباء"كورونا" فجأة وتم تنفيذ ما خطط له بسرعة تامة بدت وكأنها متفق عليها بقوة"القوي" الذي فرضها وخطط لها رغم كل التشكيك في"الوباء" وأن المشككون كان لهم أراء مختلفة بين تنظيم اقتصادي وترتيب سكاني ومادي لم يعد العالم يطيقه وقد ازدحم بمن فيه من البشر..

سيبقى الخيال والتصور مرافقا للإنسان حتى قيام الساعة لأنه بدون هذا الخيال سيتحول الإنسان إلى شيء أخر ويفقد انسانيته التي أساسها العقل الذي يبدع ويتفنن في التصورات لينتج منها خُططا تفيد تطلعاته للبقاء مقاوما طغيان الزمن.

2022-01-16