الأربعاء 19/10/1444 هـ الموافق 10/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
استراتيجية المعايير المزدوجة الإيرانية متناقضة...بقلم جودت مناع

الانفعال السياسي والتطورات الأمنية في المنطقة العربية الشرقية المتاخمة لإيران لن تشهد استقرارا في المستقبل المنظور بل تصعيدا عسكريا تغذيه أكثر من جهة لخلق تحالفات عسكرية جديدة تحظى إسرائيل بجزء منها.

هذا الانفعال عبرت عنه أكثر من جهة بمواقف واضحة بعد القصف التي شهدته دولة الإمارات العربية بصواريخ حوثية بالستية أوقعت عدد من الضحايا والأضرار المادية بما في ذلك تراجع السوق الاقتصادي في دبي.

لقد عبرت مصر والأردن والسعودية والكويت وغيرها عن إدانتها للعدوان الحوثي على المملكة العربية السعودية غير مرة وكذا بعد العدوان على دولة الإمارات العربية بداية الأسبوع الحالي.

وأدلى أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية بدلوه بعد العدوان على دبي حين توعد باتخاذ إجراءات سياسية للحد من الهجمات العسكرية الحوثية ضد كل من السعودية والإمارات.

هذه الإجراءات التي قد تدفع الولايات المتحدة لإعادة الحوثيين إلى قائمة "الإرهاب"لن يكون لها وقعا على الحرب المستمرة في اليمن وحولها ما لم تشمل دعما عسكريا قد لا يتجاوز إعطاء الضوء الأخضر للإدارة الأمريكية بتزويد السعودية والإمارات بأسلحة متطورة. 

ولعل اعتراض البحرية الأمريكية سفينة محملة بمواد تستخدم في المتفجرات ترجح أنها متجهة إلى اليمن قادمة من إيران فاتحة عسكرية لطمأنة حلفائها في المنطقة.

إسرائيل من جانبها تتابع ارتفاع حدة المواجهة العسكرية بين الحوثيين من جهة ودول التحالف العربي من جهة ثانية بتصريحات تنم عن التضامن مع دبي في ظاهرها لكن المخفي أعظم لأن إسرائيل لا يؤتمن لها جانب إذ توظف الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك لصالح استراتيجيتها في المنطقة وتتبع مسار "مصالحنا أولا"، "وابعد عن الشر وغنيله" وتستغل حمى الحرب لتنفيذ محططاتها في القدس لإطباق السيطرة الاستيطانية في فلسطين المحتلة.

وفي المقابل يكشف مستوى وتيرة العمليات العسكرية في المنطقة ازدواجية المعايير الاستراتيجية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط.

ويرى المحللون أن هذه الاستراتيجية تلحق الأذى بالقضية الفلسطينية خاصة وبالأمن القومي العربي عامة بقدر يفوق "دعمها" لحماس في قطاع غزة ولحزب الله في لبنان وللحوثيين في اليمن وللحشد في العراق ما يكشف عن: 

أطماع إيرانية في المنطقة العربية  شأنها تعزيز الانتشار العسكري الإسرائيلي في المنطقة وزيادة الطلب على الاتجار بالسلاح الإسرائيلي والأمريكي لمواجهة هذه الأطماع بما في ذلك انخراط الدول الغير عربية في أي صراع ينفجر في دولة عربية بدلا من التدخل الدبلوماسي لإنهائه.

وفي التطرق إلى المظاهرة التي جرت في غزة وردد بعض المشاركون بها شعارات مناوئة للسعودية ومؤيدة للحوثيين وإيران فإن البعض يحاول تكرار الأخطاء مع دول عبيرة شقيقة.

هذه المظاهرة تشكل طعنة غادرة في ظهر كل فلسطيني قبل أن تصيب غيرهم من الأشقاء العرب ممن يشكلون ظهيرا داعما للقضية الفلسطينية منذ عدة قرون على الصعيدين الرسمي والشعبي.

بقي شيء أخير...

ولما كنا نحن الفلسطينيون نتمتع بقدرات عالية جعلت منا معلمين في دول الخليج وغيرها واعتشنا من خيرات تلك البلاد ونهض قادتنا بنضالهم  الذي نبتت بذوره في مصر والكويت والسعودية وقطر والأردن، كان الأولى إصلاح أنفسنا قبل أن نصلح الآخرين.

وفي النتيجة، على إيران أن تدرك معمعة ازدواجية المعايير لأن لا عربي يقبل بقصف مدينة عربية من أي طرف كان وإن كان عربيا مثلما فعل الحوثيون مع السعودية والإمارات.

وفي ظل الفوضى العائمة على جسر فوق المياه المضطربة لا يمكن لأي فلسطيني ولا لأي عربي القبول بقصف عاصمة عربية لأن ضحاياها حتما سيكونون عربا وبذلك فإن استراتيجية المعايير المزدوجة التي تنتهجها إيران لن تلتقي استحسانا شعبيا عربيا لأنها تضاعف الخطر على الأمن القومي العربي من ناحية وتناقض استراتيجية دعم المقاومة الفلسطينية.  

جودت مناع

كاتب صحفي فلسطيني

 

2022-01-24