الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حين يعتلي الشعب المنصة...عدنان الصباح

 يبدو ان المراقبين والمحللين والساسة فلسطينيون وغيرهم لم يدركوا بعد ان الانتفاضة الفلسطينية الثالثة كانت قد بدأت منذ العام 2015 وهي لا زالت متواصلة حتى اليوم لكن بأليات عمل جديدة ومتطورة فقد بدأت هذه الانتفاضة بالسكاكين على حواجز الاحتلال وحينها تحصن الجند على الحواجز وحاولوا ايجاد حلول عملية لاتقاء هذه العمليات الفردية الراجلة باستخدام السكاكين وقد حاول الاحتلال ومن يغني معه تصوير هؤلاء على انهم مأزومين كافراد وان الامر سحابة عابرة وتمضي ثم تتطور الامر الى استخدام السلاح بإطلاق النار من سيارات متحركة على هذه الحواجز فاختبأ الجنود خلف سواتر من كتل اسمنتية طالت كل حاجز احتلالي في كل مكان ومع ذلك ظلت حكومة الاحتلال وجيشها واجهزتها الامنية يعتقدون ان هناك اماكن امنة لهم داخل المستوطنات او داخل المدن في الاراضي المحتلة عام 1948م الى ان جاء فعل الاحتلال نفسه في النقب ليجعل المنطقة الاكثر هدوء هي الاكثر سخونة وبدل ان يكون البدو قصاصي اثر جيش الاحتلال ومجندين تحولوا فجأة الى مقومين ليس بالحجارة فقط بل وبالسلاح ويمكن القول ان عملية النقب الفردية جعلت شرارة العمل الفردي المسلح ظاهرة فانتقلت الى ام الفحم ثم الخضيرة وجاءت عملية ضياء حمارشة الاكثر جرأة وثقة وكانت صادمة بنتائجها ونضج منفذها والية تعامله في المنطقة بما في ذلك ابعاد السيدة العجوز والاطفال بالطلب منهم المغادرة قبل البدء بإطلاق النار.

 

مصادرة اراضي النقب كانت فتيلا لإشعال النقب ولكن الاحتلال لا يمكن له الا ان يواصل خلق مبررات مقاومته يوميا فجاءت احداث المسجد الاقصى وجاءت عملية رعد حازم المخطط لها جيدا والتي تمكن منفذها من الاختفاء لمدة 9 ساعات وهي مدة طويلة لظروف المكان الاكثر امنا في دولة الاحتلال وامكانيات الاجهزة الامنية والجمهور المحيط المعادي للمنفذ بقوة ومع ذلك لم تتمكن اجهزة الامن من الوصول اليه الا بعد تلك الفترة القياسية واليوم تأتي عملية جديدة في العاد وبثوب جديد ايضا المنفذان قدموا صورة عن ان بالإمكان ان لا يبقى الامر فرديا ... استخدما السيارة للابتعاد عن المكان ... فترة الاختفاء قد تطول وتطول ... كان من غير الممكن معرفة هوية المنفذان لولا سقوط جهاز هاتف احدهم في المكان.

 

الدروس المستقاة من العملية في العاد

  • الامر يأخذ شكل الدروس والعبر والاستفادة من كل عملية بتنفيذ العملية التي تليها فرعد حازم نفذ العملية ليلا وعملية العاد جرت ليلا
  •  رعد حازم استخدم اقدامه وبينما استخدم شبان العاد السيارة للابتعاد عن موقع العملية
  • ضياء ورعد حازم كانا منفردين بينما في العاد انكسرت قاعدة الفردية في عملية العاد
  • اظهرت حالة توالي العمليات ان بالإمكان انشاء فصيل غير مرئي وغير متواصل وبالتالي لا يمكن كسر حركاته
  • اظهرت العمليات الثلاثة استحالة توقع القادم فمن نفذ العمليات الثلاثة بدون خلفيات تنظيمية وغير معروفين او مطلوبين لأجهزة الامن وليس لديهم نشاط معلن سابق في المقاومة ولا باي شكل من الاشكال
  • العمليات الاخيرة دفعت بالشعب الى المنصة وجعلت من قواه تجلس في صفوف المصفقين وباتت كل الفصائل تتسابق في اعلان تأييدها وتأكيدها على اهمية تطوير هذا النهج من المقاومة
  • تحولت صورة المدافعين عن الاقصى من معتكفين في المسجد الى مقاتلين متجولين في كل مكان
  • باتت مسئولية اجهزة الامن الاحتلالية قاسية في تامين الحماية لكل زاوية في دولة الاحتلال ليس لجنودها ومستوطنيها بل ولمدنييها
  • تساوى تنغيص الحياة بين الفلسطينيين والمحتلين في ان معا ولا احد يدري الى اين ستصل الامور
  • في الحالة التي نعيشها كشكل من اشكال المقاومة لا يجدي معها نفعا لا دراسات ولا تحليلات ولا استراتيجيات
  • اليوم المقاومة قالت بشكل صريح انها ليست في غزة فقط ولا في جنين فقط وانما في كل مكان
  • لم يعد مخيم جنين على سبيل المثال يعيش انتظار زوار الفجر بل قرر هو الذهاب اليهم

لقد جاءت العمليات الاخيرة برسالة مزدوجة للاحتلال اولا ان لا حل امني ولا عسكري للقضية الفلسطينية وان ادارة الظهر لحقوق الشعب الفلسطيني غير ممكنة وان ثمنها لن تستطيع دولة الاحتلال تحمله وبرسالة داخلية ايضا ان على المتكئين على الحائط والمعتقدين بان بالإمكان التوصل الى حل سلمي مع دولة الاحتلال عبر الصمت وتقديم الفلسطينيون وكان لا حول لهم ولا قوة ان يصحوا من سباتهم وينزلوا الى الشارع ويلحقوا بأشباح المقاومة حيث تكون وهم لن يدروا اين وكيف ومتى يقررون الانتقال بأنفسهم الى الامساك بزمام الامور وسب الغطاء عن جميع النائمين.

ان اعتلاء المنصة اليوم هو اعتلاء رمزي ولكنه على ما يبدو لن يبقى كذلك حين يدرك هؤلاء الشبان ان مهمتهم اكثر بكثير من الموت عبر ايلام الاعداء وان على عاتقهم تقع ايضا القضايا الوطنية والسياسية الكبرى في كل حياة شعبهم وقضيته وحينها لن تجدي ابدا بيانات التأييد او حكمة الاعتراض فسيكون سيف شباب المقاومة قد سبق افواه كل الحكماء الرصينين وتراجعت اعناقهم داخل ياقاتهم كي يتواروا عن انظار شعبهم وبالتالي فلا خيار امام القوى في فلسطين جميعا الا ان تنخرط عمليا في فعل المقاومة اليومي المتواصل او ان تحضر بيوت العزاء لجنازتها.

في جانب الاحتلال من المهم معرفة ان صراعاتهم الداخلية من جهة ودفن رؤوسهم بالرمل بالتنكر المتصاعد لحقوق الشعب الفلسطيني ومواصلة التهديد بتقسيم المسجد الاقصى كرمز ديني ووطني يمثل الكرامة الوطنية ليس للشعب الفلسطيني وحده لن تهز بنيتهم الداخلية ولن تزعزع استقرارهم فقط بل وستسهل على المقاومة تحقيق غاياتها وستجعل من حلفاء هذه المقاومة اكثر استعدادا للانتصار لها وبها.

 

2022-05-06