عادة ما يهتم المجتمع المدني والحقوقي بالعنف المسلط ضد النساء بسبب انتشار الظاهرة، لكن العنف ضد الرجل يعتبره البعض قضية مسكوتاً عنها، لأن الرجل، بخاصة العربي، لا يحبذ عادة الإفصاح عن تعرضه للعنف من زوجته لأسباب تتعلق بالكرامة. وفي تونس وعلى الرغم من أن ظاهرة تعنيف الرجل لم ترتقِ إلى مستوى الأزمة المجتمعية، فإن رجالاً كسروا حاجز الصمت، وتوجهوا إما إلى مراكز الشرطة أو حتى لشبكات التواصل الاجتماعي، ليجأروا بالشكوى من تعرضهم للعنف من قبل زوجاتهم.
مروان شاب ثلاثيني متزوج من إحدى الناشطات في المجتمع المدني، كتب منذ أيام قليلة تدوينة على "فيسبوك" في شكل نداء إغاثة إثر تعرضه للعنف من زوجته، وبعد ساعات قليلة ألغى التدوينة، اتصلنا به من أجل تقديم شهادته فرفض قائلاً، "للأسف مجتمعنا لا يريد تصديق أن رجلاً يمكن أن يتعرض للعنف، بل يجعل من الرجل المعنف أضحوكة".
التمييز ضد الرجل
على الرغم من أن العنف المسلط ضد الرجل لا يمكن اعتباره ظاهرة، فإن الباحث في القانون الخاص، حاتم المنياوي، أكد حالات العنف التي يتعرض لها عدد من الرجال في تونس، وقال إن" منهم من يذهب إلى مراكز الأمن من أجل تقديم شكوى". وانتقد المنياوي القانون التونسي الذي بالغ بحسب تعبيره في حماية المرأة من العنف المسلط عليها من الرجل، معتبراً أن التشريع التونسي منحاز لصالح النساء، ولا يعير الرجل الذي يمارَس ضده العنف اهتماماً. أكثر من هذا يرى المنياوي أن القانون يمارس التمييز ضد الرجال، داعياً إلى تعديل القانون 58 الذي يتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة.
وقال المنياوي إن بحوثاً ترجع لسنة 2017 استندت إلى دراسات اجتماعية وشهادات ميدانية أثبتت أن ما بين 5 و10 في المئة من الرجال يتعرضون للعنف الجسدي بشتى أنواعه، فيما يتعرض ما بين 40 و45 في المئة منهم إلى العنف اللفظي والنفسي بعبارات الشتم والتحقير والتهديد، وكذلك الابتزاز والحرمان من رؤية الأطفال بالنسبة إلى الأزواج المطلقين، وأيضاً من العنف المعنوي الآخر بقرار المرأة إجهاض جنينها من دون علم الزوج.
وأفاد المنياوي أن أغلب الرجال المعنفين يشكون عاهات جسدية أو مرضى أو معاقون لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، مشيراً إلى أن العنف المسلط على الرجال في غالب الأحيان تقوم به المرأة التي لا تقدر جسدياً على تعنيف زوجها بتسليط أحد أقاربها عليه.
حالات شاذة
من وجهة أخرى، يرى المختص في علم النفس البشير النوري، أن العنف ضد الرجل في تونس لا يشكل ظاھرة بقدر ما ھو حالات محدودة، وأضاف أن تعنيف المرأة لزوجھا ينم عن شخصیة مرضیة، مواصلاً، "اعتداء المرأة على زوجھا دليل قاطع على أنها شخصیة عنیفة مقابل رجل ھش". وأكد النوري أنه خلال عمله بمستشفیات عدة في تونس سجل وجود بعض الحالات المرضیة لنساء إما لديهن اضطرابات نفسية أو يمارسن العنف كردة فعل إزاء رجل عنیف معھن.
ويعتبر علماء الاجتماع في تونس أن العنف المادي ضد الأزواج يدخل في إطار الحالات الشاذة، لكن العنف المعنوي المسلط على الرجل هو النوع الأكثر شيوعاً، ويأخذ أشكالاً عدة كالسب والإهانة والحرمان من الأطفال والسحر.
اندبندنت /هدى الطرابلسي