"اكتُب أيّ اسمٍ شِئت و اسبِقْه بلفظة الشهيد و اتلوه بلفظة الشريف؛ ستكون في الغالب بعبارتك تلك تُشِير إلى أحدَ شهداء فلسطين و الأمة العربية" تلك مقولةٌ بدأت تظهر و تتبلور في فلسطين و بلاد العرب الذين لا يزالون عرباً لم تُصِبهم لوثة التطبيع مع كيان الغصب و الاحتلال لأرض العروبة الأبية فلسطين العربية. و كما يقولون: لكلٍّ من اسمه نصيب، و نصيبنا نحن العرب من اسمنا الفصاحة و الصراحة و التهذيب و البيان. و نصيبنا نحن العرب في الناس حمل رسالة السماء؛ لنكون أمة وسطاً، و نكون شهداء على الناس. و نصيبنا نحن العرب كلفة حمل الرسالة و نصيبنا شرف حملها في آن. و في فلسطين الشهيدُ شريفٌ و الشريفُ شهيدٌ، و في فلسطين الشهيدُ وليدٌ و الوليدُ شهيدٌ. و في فلسطين اليوم كان آخر الأولاد و ليس أخيرهم الشهيد "وليد الشريف". فماذا عساه يكون نصيبه من اسمه وليد الشريف؟!. و رسالتي اليوم إلى روح الشهيد وليد الشريف و أنا أرى الاعتداء الهمجي الوحشي حتى على جثمانه الطاهر الشريف:" إنّ هذا إنما هو نصيبك من اسمك يا وليد الشريف!". و لِمَ لا واسمك يُذَكِّرُهم بقائمة الشهداء الذين لا حصر لهم ممن نالوا شرف الشهادة و شهادة الشرف من أمثال الشهداء الأطهار محي الدين الشريف و معاذ الشريف و عبد الفتاح الشريف، و علي، و علاء و ذبيح و ربحي و عز الدين و شريف عاطف الشريف، و القائمة تطول و تطول و الحبل على الغارب و دماء الأحرار في فلسطين و غيرها في مصر و الجزائر و سوريا و السودان و لبنان و حيثما كان الأحرار في بلاد العرب الأقحاح؛ أقول دماء الأحرار شَلّال ثائر قائم لا ينضب؛ لأن الحق ثابت لا يضمحل أو يزهق. و في فلسطين كل شهيد هو نسيج وحده، كما هو حال فلسطين نسيج وحده؛ ففي بلاد الخضوع و الخنوع و النزق و المجون يرددون مقولة أنّ ما بين كل مقهى و مقهى هناك مقهى، وما بين كل ملهى و ملهى هناك ملهى، و أما في فلسطين العزة و الفداء فإن المقولة الصحيحة المترددة أنّ ما بين كل شهيد و شهيد هناك شهيد، و أن ما بين كل دار و دار فهناك دارٌ لشهيد أو جريح أو معتقل أو مطارد. و الآن حالاً و أنا أكتب هذا المقال أراه قد ارتقى طفل من بيت لحم كشهيد جديد، و هأنذا أضيف سطراً و أقول أن "ما بين السيدة شيرين أبو عاقلة و الطفل زيد غنيم هناك الشاب وليد الشريف" و الدماء في بلادي سيّالة لا تجف و أنا لا يمهلني الوقت إذ أكتب المقال أن أرصد فيه آخر الشهداء فشهداؤنا لم يعد لهم آخِر! . و في فلسطين الشيطان مُعانِد، و في فلسطين الدم الزكيّ مُعاهِد. و في فلسطين اليوم و قبل أن تجفَّ الدموع و تتشافي حناجر الهاتفين "يرحم روحك يا شيرين" سالت دموع القلوب المرهفة الصادقة، و تعالت هتافات الحناجر المجلجلة الصادحة " يرحم روحك يا وليد". و الآن و في التو "يرحم روحك يا غنيم". أمّا أنا، فأنا هنا؛ عَلِّي أقف على و صف حقيقة ما يجري، أو على وصف دوري كشاهدٍ و شهيد، مرابط و شريد، ذاهلاً متسائلاً؛ و مَنْ عساي أسأل سوى روحك يا وليد؟! قل لي بالله عليك و أنت الآن في دار الحق و اليقين، و نحن في مقام الذهول و الشرود، قل لي بالله عليك لِمَ كل هذا الحقد الأسود عليك و أنت حيٌّ مقاوم بالأمس، و على جسدك الطاهر و قد استحال جثة هامدة هذا اليوم؟! و لا أدري على أيهم يحقدون أكثر؛ على روحك المقاومة؟ أم على جثتك المسالمة؟!. كل الذي أعيه و أدريه أنه في فلسطين تعلو في كل يوم قِيَم الحق و العدل و الحرية. و في فلسطين سقطت كل الأقنعة و انكشفت كل خناجر الحقد المسمومة؛ الدفينة منها و المُشرعة. و في فلسطين سقطت كل نظريات الصدمة و التخويف، و الإرهاب و الترعيب، فلا الاعتقال الطويل لكل من نائل و مروان البرغوثي أخاف صالح ، و لا استشهاد صالح البرغوثي أخاف أيّاً من بيت البرغوثي. و في فلسطين سقطت كل نظريات الصدمة و التخويف، و الإرعاب و الترهيب؛ فلا استشهاد طه أخاف زكريا و لا عذابات زكريا أخافت داود و لا استشهاد داود الزبيدي أخاف بيت الزبيدي. و في فلسطين، فلا عذابات أيهم كممجي بطل نفق الحرية أخافت شأس كممجي و لا استشهاد شأس أخاف أخوته مجد و محرم و عماد، و لا اعتقال الأخوة الثلاثة أخاف أو كسر ظهر والدهم الذي وقف صلباً يأخذ عزاء شأس و يطبطب على والد الشهيد مصطفى أبو الرب قائلاً: " ارفع راسك، شو بدك أكثر من هالشهادة، إن شاء الله يطعمنا الله إيّاها". وفي فلسطين سقطت نظرية الصدمة؛ فلا استشهاد شيرين أبو عاقلة أرعب أو ردع المسيحيين الأبرار المحبين لبلدهم و مقدساتهم، و لا عذابات أبطال نفق الحرية أزهق الحرية أو أنقص قيمتها في نفوس الأحرار، بل صارت الحرية في ترتيب القيم أولوية. و بقيت فلسطين العربية على طريق التحرير شغولة دؤوبة، صامدة، قويةً أبيّة. رحم الله وليد الشريف و شيرين أبو عاقلة و زيد غنيم و كل شهداء الحق في فلسطين العربية، و أنعم الله على كل أبطال نفق الحرية بالعز و المَنَعَةِ و الحرية ***