الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ياسر عرفات ...متى لم يكن هُنا! ....مهند طلال الاخرس

كتاب لنانسي دوبرو ، تقديم نيلسون مانديلا ،ترجمة عبد الرحمن بسيسو، والكتاب بطبعتين عربية وانجليزية، وبطبعته العربية يقع على متن 256 صفحة من القطع الكبير، وهو من اصدارات مؤسسة ياسر عرفات في رام الله سنة 2016. الكتاب كإسمه، يتناول حياة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وسيرته ومسيرته. هذا الكتاب بالاضافة لكتاب امنون كابليوك عرفات الذي لا يقهر، وكتاب احمد عبد الرحمن عشت في زمن ياسر عرفات وكتابه الاخر مع الرئيس، وكتاب رشيدة مهران ياسر عرفات الرقم الصعب، تشكل اضافة ذات قيمة نوعية وجوهرية ومعرفية لكل مكتبة ولكل باحث ومهتم بسبر اغوار الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ومعرفة الكثير الكثير من خبايا وحكايا مهمة والاطلاع على صورة اهم المحطات المفصلية في سيرة حياته النضالية والشخصية.

هذا الكتاب نجح بتسليط الضوء بشكل مركز على حياة عرفات والاطلاع اكثر على سيرته الشخصية والنضالية، بحيث نجح في سد الكثير من النقص المعرفي والقصور الكامن في حياة ياسر عرفات من حيث الاصل والاهل والمولد والطفولة والنشأة والاقامة والتعليم والثقافة والحكايا والظروف والبيئة المحيطة بنشأة ياسر عرفات والمكونة له ولثقافته ولفكره ولنهجه والعوامل التاريخية والرئيسية المؤثرة فيه، وهذا اكثر ما يميز الكتاب عمن سواه من الكتب التي تناولت ياسر عرفات الرمز والقائد والانسان.... نجح هذا الكتاب في سد حاجة معرفية ملحة في سيرة ياسر عرفات ومسيرته، اضافة الى تسليطه الضوء على جزء مهم من تاريخ الثورة الفلسطينية وحركة فتح من خلال تتبع سيرة ونشأة ياسر عرفات، ولكن شاب الكتاب الضعف الصارخ في توثيق وتسجيل بقية المحطات المفصلية لياسر عرفات وللثورة الفلسطينية بعكس ما جاء في الفصل الاول من هذا العمل.

وعلى العموم الكتاب غني بالتفاصيل وزاخر بالمعلومات والوثائق عن حياة الراحل الكبير ويستحق القراءة والاقتناء .

من الكتاب : ☆في احدى المرات دافع ياسر عرفات بحجج قوية عن مبدأ الحيادة والاستقلال، فعندما اعتقل اعضاء من الحزب الشيوعي الفلسطيني في غزة ومن ضمنهم الشاعر معين بسيسو،رفض اعضاء الرابطة(وجلهم من الاخوان المسلمين) بعد مناقشات ساخنة ان يوكلوا محام للدفاع عن معين ورفاقه الشيوعيون، وذلك بحجة ان نقود الرابطة وطلابها ليست لهذه الغاية، وبعد ان اتاح ياسر عرفات للكل أن يدلي بدلوه، توقف عن ذلك ، وانطلق يتكلم واخرج شيئا من جيبه،واذا به القرآن الكريم ، وقال: "سأستلهم روح القرآن الكريم، نحن لا نريد لرابطتنا أن تكون شرقية او غربية،بل نريدها نورا لا تمسه نار. ان شعاع ضوء خافت حين يندمج مع باقة ضوء إنما يجعلها أكثر إشعاعا وكأنما هو نور على نور"، وبهذه الكلمات فتح ياسر عرفات مساحة للتناظر بين روح الرابطة وحيويتها والضوء المنبعث من زيت شجرة الزيتون، كان لكلماته المطعمة بآية النور دلالة النور الذي يبصر القلوب ويؤلف بينها ، ويفتح الوجدان على التسامح. ☆كان ياسر عرفات كأنه مكتبة ضخمة ،كان يستقر في خزائن عقله رفوف ضخمة من شتى صنوف الكتب وانواع المعرفة والمترافقة مع مشاعر الاخلاص التي تغمر وجدانه لتعينه على خدمة القضية التي كان يدافع عنها.

☆قابلته اول مرة في العام 1967 في الاردن عندما كنا نقيم القواعد العسكرية في الاغوار،وكان هدفنا بعيد المدى أن ننقل هذه القواعد عبر النهر الى الضفة الغربية، وكنت ضمن مجموعة من المناضلين مكلفين بنقل الاسلحة للضفة الغربية عبر النهر في قوارب صغيرة، وكي نصل الى ضفة النهر ،كان خمسة اشخاص يحملون القارب على أكتافهم ويبقى واحد يمشي خلفهم ويبدل دوريا مع من يتعب من الآخرين، وقد لفت نظري ان أحد الرجال الخمسة الذي يحملون القارب لم يقبل التبديل أبدا، ورغم قصر قامته كان لا يكل ولا يمل رغم تكرار هذا العمل في دورياتنا بشكل دائم، كان ذلك الرجل من سيصبح بحق ابو الوطنية الفلسطينية وصانع الهوية ومفجر الثورة، كان ذلك الرجل هو ياسر عرفات.

2022-06-30