الجمعة 14/10/1444 هـ الموافق 05/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
رواية سافوي....بقلم مأمون اسعد التميمي

  رواية سافوي، ان يسطيع الروائي تحويل حدث تاريخي الى رواية يسجل فيها كل الاحداث التي دارت في ذلك الحدث بعد ان يعيش في تفاصيله وثناياه، من خلال ما جمعه من معلومات عن ذلك الحدث من غير ان ينتكس في السرد او ان يبتعد عن حقائق ما جرى في ذلك الحدث فيقنعك بكل تلك التفاصيل والاحداث، وياخذك الى لب الحدث لتعيشه لحظة بلحظة، فتتحول كلمات الرواية الى صور حية تجعلك تعيش مع انفاس أبطال ذلك الحدث ؛ هذا ما عشته وانا اقرأ رواية سافوي للكاتب والروائي مهند طلال الاخرس.

هذه الرواية الوطنية المشوقة والمشغولة بعناية وجهد كبير والتي تتناول عملية فندق سافوي الفدائية، والتي حدثت في الخامس من اذار من عام 1975 ، والتي تتلخص احداثها بقيام مجموعة من مقاتلي حركة فتح بالتدرب في قاعدة بحرية في سوريا، ثم تتجه الى لبنان ومن هناك تركب البحر ، وعند نقطة معلومة في المياه الدولية تنزل المجموعة بزورق سريع من السفينة الام والتي نقلتهم الى مسافة 15 ميل من شاطئ تل ابيب، لينطلقوا بعدها الى الشاطئ بعد ان لغموا الزورق الذي جاؤا به وفجروه لاحقا، ومن الشاطيء انطلقوا الى هدفهم.. وهنا بالذات تنحبس الانفاس وتتسارع الاحداث بشكل درامي وحبكة متقنة، وبحيث يتعايش القاريء مع الحدث ويصبح جزء منه ، ومع مضي السطور وتعدد الصفحات يحدث ان يتملك القاريء شعور بانه يحضر فيلم سينمائي، لا بل اكثر من ذلك، ففي لحظات كثيرة تأسرك الرواية وتصبح جزء من احداثها وبطولات اصحابها، فتسمع صوت الرصاص، ووقع الاقدام، وترى اشرات افراد المجوعة والايعازات المتبادلة بينهم... كل ذلك بلغة ادبية جميلة وراقية وحبكة ولا اروع... تتواصل الاحداث وتنجح المجموعة ببلوغ هدفها وتقتحمه وهو فندق سافوي ، فاقتحموه واحتجزوا من فيه رهائن ليتبادلوهم مع عدد من الاسرى الفلسطينيين والعرب القابعين في السجون الاسرائيلية، الا ان جيش الاحتلال وكعادته راوغ وماطل في التفاوض، حيث اراد الوقت ليتمكن من اقتحام الفندق ، وعند اقتحامه دارت معركة بطولية ابدع السارد في وصف تفاصيلها وفي اتقان جوها المعاش، وبالنتيجة كانت نهاية العملية ان المقاتلين فجروا الفندق على من فيه، ولم تنتهي المعركة ، بعد ذلك فمن بقي حي تحت الركام، عاد يمتشق السلاح ليكمل المعركة ويقتل اهم الضباط الاسرائيليين المطلوبين لحركة فتح في وقتها، وهو نفسه الذي قاد الهجوم على شارع فردان في بيروت قبل اقل من عام من ذلك التاريخ فقتل ثلاثة من قادات فتح ومؤسسيها من اعضاء اللجنة المركزية، حيث جاء هذا الضابط المختص بالعمليات الخاصة والمدعوا عوزي بائيري بنفسه ليشرف على عملية اقتحام الفندق، فكان هدفا سهلا وغير متوقع، وقتل وهو يتفقد الفندق بعد ان تم تفجيرة بالكامل.

نعم لقد استطاع الكاتب والروائي مهند الاخرس تحويل هذه العملية البطولية التاريخية الى رواية بمهارة وابداع ؛ بحيث انه جعلني لا اترك تلك الرواية الا بعد ان انهيتها بالكامل. بقي ان نقول ان تلك الرواية الرائعة تقع على متن 240 صفحة من القطع المتوسط، وهي من اصدارات دار اليازوري للنشر في الاردن سنة 2022.

2022-06-30