الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
خيار الصدر الوحيد ..!....نجاح محمد علي

 نجاح محمد علي كاتب وسياسي عراقي مستقل ​
الصراع المفتعل بين طرفي البيت الشيعي، تغذيه أطراف دولية واقليمية وقوى محلية أثبتت أن النظام السياسي يتجه نحو مرحلة جديدة يمكن تسميتها بمرحلة التطبيع ، وأن العملية السياسية التي أنشأها المحتل الأميركي، باتت مُختطَفة من قبل فئة تعمل على ابقاء العراق في وضع عدم الاستقرار، وجره الى الفوضى و. ربما الاقتتال الداخلي خاصة بين طرفي التيار الصدري والاطار التنسيقي . 

فكما كان متوقعا، فشل السيد مقتدى الصدر في فرض ما سماها حكومة أغلبية وطنية، وأخفق مع حلفائه في تمرير رئيس الجمهورية ، ونجح الثلث الضامن في إثبات عجز ماكان يعرف بـ التحالف الثلاثي عن تنفيذ مخططه الاقصائي الذي يستهدف قوى سياسية شيعية يرفض الصدر الجلوس معها في حكومة واحدة، وكانت سبباً في هيمنته على كل الحكومات السابقة، والحالية أيضاً.   
   
 . كان هدف تزوير الانتخابات المبكرة حشر الإطار  التنسيقي في الزاوية وتقزيمه وجعله أقلية بعد أن كان يملك الأكثرية في الحكومة والبرلمان والجيش والشرطة، لكن ورغم ذلك،  أخفق مجلس النواب في عقد جلسة لانتخاب رئيس للبلاد لعدم اكتمال النصاب نتيجة مقاطعة عدد كبير من النواب ، وتكرر سيناريو الجلسات السابقة قبل اعلان سماحته استقالة نوابه ، وسط تواصل الخلافات بين طرفي البيت الشيعي.

وعقب هذا الفشل جددَ زعيمُ التيارِ الصدري السيد مقتدى الصدر، موقفَه الرافض التوافق مع الإطارِ التنسيقي واستمر في نشر تغريدات تؤكد، الى جانب بقاء ممثليه في الحكومة، استمراره عنصرًا فاعلاً ومؤثراً في العملية السياسية، وهو يسعى كما يبدو الى إعاقة التوصل الى اتفاق حول تشكيلِ الحكومة المقبلة، مجددًا هجومه على الطرف الشيعي فقط ورفضه التوافقَ معه بكلِ الأشكالِ، و معتبراً أنّ الانسدادَ السياسي أهونُ من التوافق مع الشيعة ، ومكرراً ما كان يقوله و أنه لن يسمح أنْ يعود الى خلطة العطار و لن يخضعَ للتبعيةِ والاحتلال والتطبيع والمحاصَصة ، مع الشيعة فقط مستثنياً السنة والكورد الذين كانوا على الدوام من أركان العملية السياسية .
هذا الموقف و دعوة السيد مقتدى الصدر بلغة التحدي طرف الشيعة الأكبر  لتشكيل حكومة من دونه، لم يمنع دون استمرار الاطار التنسيقي والقوى المتحالفة في طرح  مبادراتهم  لإنهاء حالة الانسداد السياسي، بعد أن أكدوا أنهم قبل انسحاب الكتلة الصدرية ، قوة لايستهان بها ، منعت عقد جلسة اقصائهم الخطيرة.

نعم ، حال ما كان يسمى بـ الثلث الضامن دون تشكيل حكومة لاقصائهم ، وبذلك حالوا دون الانجرار للفوضى وعودة التمحورات الطائفية بزعم تصحيح المسار ، وهو يجري اليوم حوارات جدية مع حلفاء الصدر السابقين  لاحتواء الأزمة التي تمر بها البلاد ، وتشكيل حكومة تنهض بواجباتها الخدمية، وحماية مصالح الجماهيرو، وإطلاق فرص البناء والإعمار التي يحتاجها الشعب العراقي. 

والمطلوب من السيد مقتدى الصدر العودة الى البيت الشيعي ، أو تطبيق فكرة اعتزال العملية السياسية كما هي لا أن يضع العراقيل مستغلاً تراخي الاطار التنسيقي أو أطراف فيه في أن تواصل العمل من أجل تشكيل حكومة قوية مع باقي الأطراف، وأن لا تترك السفينة تتقاذفها الرياح دون ربان شاطر. 
خروج الصدر من العملية السياسية ليس مطلوباً ، لكن على الصدر أن يكون عند كلمته ويبقى خارج العملية وهو ما فتأ يكرر عبارة “لا شرقية ولا غربية”، كما لا يكل الإعلام العربي عن ترديد نفس العبارة، نقلا عنه ، دون أن يكشف حقيقة تحالفات القوى المحلية والإقليمية والدولية التي تدفع باتجاه تكريس الانقسام داخل البيت الشيعي لمنع ولادة حكومة قوية بمواصفات تحول دون فرض التطبيع على البلاد في المرحلة المقبلة. 

وإزاء هذا الواقع و تعدد الاجتماعات رفيعة المستوى بين القادة الإقليميين من شرم الشيخ وعمان فصحراء النقب التي تعكس ارتباكًا متزايدًا في مواجهة سلسلة من الأحداث - العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ، والاتفاق النووي المتأرجح بين إيران والقوى الكبرى ، وما يبدو أنه استمرار اهتمام الأمريكيين المتضائل بالشرق الأوسط ، هل يتوقع السيد مقتدى أنه سيكون قادرا على رفض سياسة التطبيع التي يزعم أنه ضدها والتي التي تطرحها القوى المحلية الأخرى بحجة الاستقواء بإسرائيل في مواجهة التخلي الأمريكي؟

في الرابع من أغسطس آب 2013 أعلن السيد مقتدى الصدر اعتزاله السياسة ، ولكنه، بسرعة فائقة، تراجع عن اعتزاله وعاد إلى العمل في السياسة. ثم عاد مرة أخرى في فبراير شباط 2014، فاعتزل السياسة أيضا، وغادر إلى خلوته في قم الايرانية شرقاً، ثم رجع إلى السياسة بعد أسابيع.
قبل شهر رمضان أيضاً قرر  زعيم التيار الصدري الاعتكاف عن العمل السياسي ، ليمنح كما قال ، "الثلث المعطل" فرصة لتشكيل حكومة أغلبية وطنية، و حدد الفترة الممنوحة لهم .   قال السيد مقتدى الصدر في تغريدة على "تويتر" إنه يعطي "للثلث المعطل" فرصة للتفاوض مع جميع الكتل بلا استثناء لتشكيل حكومة اغلبية وطنية من دون الكتلة الصدرية، من أول يوم في شهر رمضان المبارك وإلى التاسع من شهر شوال المعظم". 

وفي حزيران يونيو الماضي ، أعلن الصدر مجدداً انسحابه من العملية السياسية في العراق بعدما طالب نواب كتلته السياسية في البرلمان بالاستقالة من المجلس وغادر معهم الى الحج ، ولكنه لم يتوقف عن التغريد حتى وهو في السعودية لعرقلة تشكيل الحكومة. 

يعلم الصدر قبل غيره أن السنة العرب والأكراد ليس من مصلحتهم الذهاب معه الى المعارضة لا النيابية ولا السياسية خارج إطار الحكومة ، وأن عودته إلى التوافق ، مع اخوانه في البيت الشيعي ، إلزامية لمصلحة العراق وانقاذ الوطن والجميع بدلاً من أن يعتزل السياسة لوحده ، مرة ثالثة ورابعة .
"فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذنب من الغنم القاصية"
والعاقل يفهم. 


 

لمتابعة نجاح محمد علي على تويتر @najahmalii 

2022-07-02