الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بايدن عاد بقرني حمار....عائد زقوت

رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط أعادت إلى الأذهان رحلة السير إلى كانوسا او ما يُعرف بإذلال كانوسا في العام سبعة وسبعين بعد الألف في إشارة إلى هنري الرابع الذي جثى على ركبتيه ثلاثة أيام متذللًا للبابا غريغوي السابع كي يرفع عنه حرمانه الكنسي إلى أنْ جاءته عاصفة ثلجية في الليل الثالث . تلك الزيارة استنفذت وقتًا طويلًا في الإعداد والترويج لها، حيث وضعت الإدارة الأميركية نُصب عينيها ثلاثة أهداف لتحقيقها تمثّلت في الآتي: أوّلًا: في مجال الطاقة حيث تُعد الهدف الأسمى والمحوري لجولته، فقد بذل البيت الأبيض جهودًا كبيرة مباشرة وغير مباشرة عبر رئيس CIA، ورئيس وزراء بريطانيا، إضافة إلى الرئيس الفرنسي أمنويل ماكرون لإقناع السعودية بزيادة الإنتاج، إلا أنّ هذه المحاولات باءت بالفشل بما فيها تواجد الرئيس الأميركي في جدة، ويؤكد هذا الفش ما صرح به ولي العهد السعودى أثناء لقاءه بايدن، وأيضٍا وفق ما جاء في البيان الختامي لقمّة الأمن والتنمية في جدة، حيث التزمت السعودية بالزيادة الطبيعية المقررة لشهر أغسطس حسب خطّة منظمة أوبك+، ولم يُفلح بايدن في الحصول على وعد سعودي بزيادة الإنتاج، أو تغيير الخطّة لكبح جماح الأسعار، والتي ستُلقي بظِلالها على عمليّة التجديد النّصفي للكونجرس الأميركي نوفمبر القادم . ثانيًا: على صعيد ضمّ السعودية للاتّفاق الإبراهيمي، أو ما يُعرف بتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، فلم يُسجِّل بايدن اختراقًا في هذا المجال، على الرغم مما أورده موقع أكسيوس الأميركي حيث نقل موافقة السعودية على فتح مجالها الجوّي أمام الملاحة الجوية الإسرائيلية في مقابل موافقة اسرائيل على إنهاء دور قوّات حفظ السلام والإدارة الدوليّة لجزيرتي تيران وصنافير، والتي انتشرت فيها وفق اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل حيث كانتا خاضعتيْن للسّيادة المصرية في حينه، والتي نقلت مصر السيادة عليهما للسعودية بموجب اتفاقية ترسيم جديدة الحدود، وفي المقابل لم يصدر من قِبل السّعودية ما يؤكّد فتح مجالها الجوي . ثالثًا: الناتو العربي فقد وُئِدت فكرته قبل بداية القمة، حيث أعلنت مصر عقب قمّة النقب مارس الماضي رفضها المشاركة في أيّ تحالف عسكري ضد دول المنطقة، ثم تبِعتها الأردن والإمارات وأكّدتا رفضهما المشاركة في ناتو يخدم المصالح الأميركية الاسرائيلية على حساب المصالح العربية. رابعًا: من حيث الشكل، فالتزام السعودية ببرتوكول الاستقبال الرّوتيني، وعدم خروج أي شخصيّة سياسية من الدرجة الأولى لاستقبال الرئيس الأميركي، في الوقت الذي خرج وليّ العهد السعودي لاستقبال العديد من الرؤساء والأمراء المشاركين في القمة، أرسلت إشارات واضحة للأميركان، أن ما كان سابقًا لم يعد بالإمكان العودة إليه . خامسًا: البيان الختامي لقمة جدة للأمن والتنمية أرسى حقيقة أنّ عالم القطب الواحد قد ولّى بلا رجعة وأصبحنا أمام عالم متعددّ القطبية يبحث فيه العرب عن موطئ قدم فيه كقوّة إقليمية ودوليّة وازنة. خلاصة القول هل نحن حقيقة أمام مرحلة أدرك فيها العرب بجلو عوامل قوتهم الذاتية، ووجهوا لومًا مرهفًا فضفاضًا لأميركا كمقدمة لاستخدام سياسة الشَّظِف الخشنة؟.

2022-07-17