الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الدستور والمحكمة الدستورية والكنفدرالية /جهاد حرب

(1) الدستور جاهز لكن!
أثار تصريح الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء زيارته الجمهورية التركية، أن دستور الدولة جاهز وتبقى الاستفتاء، نقاشا حول جهوزية الدستور وطريقة تحضيره. صحيح أن لجنة الدستور قد تم انشاؤها في العام 1999 وعرضت في الأعوام التالية مسودات لنقاشات عبر ورش عمل ولقاءات في/ ومع مؤسسات المجتمع المدني، ويُذكر ممن تابعوا هذا الشأن أن آخر مسودة عرضت للنقاش كانت في أيار 2003 تحت مسمى المسودة الثالثة المنقحة.
وجرى خلال العام الماضي اعادة تشكيل اللجنة، لكن لم يعلن عن أية مسودة جديدة ما يعني أنه لم تجرِ أية تعديلات يمكن النظر فيها ومراجعتها.
ويجدر هنا تسجيل ملاحظتان قبل الذهاب الى الاستفتاء ؛ أولهما: تتعلق بطريقة انتاج الدستور من خلال لجنة خاصة هي إحدى الطرق المتبعة لكنها ليست الأفضل ديمقراطيا مما يتطلب النظر بجدية لإتباع طريقة جديدة تتمثل بانتخاب مجلس تأسيسي لإعداد دستور دولة فلسطين خاصة في ظل الانجاز السياسي على صعيد الأمم المتحدة من جهة والتطورات المتعلقة بالمصالحة الاتي تعني في احد أهم جوانبها اجراء الانتخابات من جهة ثانية. كما أن المجلس التأسيسي يعزز التوافق  السياسي من ناحية ويساهم حفظ السلم المجتمعي على ضوء التجربة العربية ما بعد ثورات الربيع العربي من ناحية ثانية.
وثانيهما: ضرورة اعادة النظر في الاحكام الواردة في مسودة مشروع الدستور باتجاه تطوير النظام السياسي المنصوص عليه في المسودة؛ فهي تكرر النظام المتبع في السلطة الفلسطينية "النظام المختلط" الذي ثبت فشله بالتجربة، حيث تحول الصراع اثر الانتخابات في العام 2006 على الصلاحيات من أروقة المؤسسات الدستورية والسياسية الى استخدام القوة المسلحة ما نتج عنه الانقسام في العام 2007.   
(2)  المحكمة الدستورية رفض التعديل وأهمية التشكيل
رفض أعضاء المجلس التشريعي القرار بقانون بشأن تعديل قانون المحكمة الدستورية بالاجماع، وهي من المرات القليلة التي يحظى بها قرار بالإجماع في المجلس التشريعي "هيئة الكتل والقوائم البرلمانية" منذ العمل بهذه الصيغة في العام 2008. واللافت في القرار أن أعضاء المجلس تجنبوا الخوض في تفاصيل القرار بقانون، وانما اعتمدوا على مخالفته لأحكام المادة 43 من القانون الأساسي بعدم توفر حالة الضرورة. لكن النواب أكدوا على أهمية تشكيل المحكمة الدستورية باعتبارها حارسة القانون الأساسي من ناحية وحقوق المواطنين من ناحية ثانية.
جاء قرار الرفض بعد مناقشة النواب للتعديلات المتضمنة في القرار بقانون والملاحظات العديدة التي تراوحت بين هيمناوية "مصطلح مستحدث للرفيق قيس عبد الكريم" السلطة التنفيذية على المحكمة الدستورية من خلال توسع صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية بتعيين أعضاء المحكمة وإقالتهم "التبديل" وإقرار النظام الداخلي، وعدم تحديد عدد أعضاء المحكمة. والعوار القانوني الذي أصاب القرار بقانون بإسقاط حق المواطن بالطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية ومنحها لمؤسسات يحفظ لها القانون العام أصلا أشكالا من الاعتراض على القانون أثناء اجراءات التشريع، وإشكالية العلاقة بين وزير العدل ورئيس المحكمة، ومخالفة الاحكام العامة في مسؤولية رئيس المؤسسة.
اعتقد أن النواب، أساسا، لم يقعوا في فخ استخدام المجلس التشريعي في الصراع ما بين "أركان العدالة" المختلفون على التعديل وعلى الأشخاص المرشحين لعضوية المحكمة. كما بدا أن احالة الرئاسة الفلسطينية للقرار بقانون بعد توقيعه إلى المجلس التشريعي جاء لتعطيل القرار بقانون خاصة بعد الجدل حوله في الاعلام الالكتروني والإذاعة من جهة والخلاف بين "أركان العدالة" من جهة ثانية.

(3)  في الكنفدرالية: كلام قليل في أحلام كبيرة
بالمختصر؛ التصريحات المستحدثة هذا الاسبوع حول الكنفدرالية الفلسطينية الاردنية تعيد الى الأذهان الاتفاق الفلسطيني الاردني عام 1985، عارضه البعض وأيده البعض الآخر آنذاك. لكنه كان نظرة استراتيجية استشرافية للقائدين "الرئيس ياسر عرفات والملك حسين بن طلال رحمهما الله" لطبيعة العلاقات ما بين الدولتين التي لا انفصام فيها.
فلا الدولة الحديثة تستطيع أن تتخلى بحكم الجغرافيا عن المملكة، ولا المملكة تستطيع أن تتخلى على الدولة الوليدة بحكم المخاطر. هذا بحكم المصالح بالإضافة الى عمق التاريخ المشترك للأصول والمنابت والمشارب.
وان كان من المبكر الحديث عن تأسيس الكنفدرالية قانونيا، لكن الأمر بطبيعة الواقع متجسدا من خلال درجة التنسق العالي ما بين القيادتين الفلسطينية والأردنية في المواقف السياسية والدور المساند للمملكة للقضية الفلسطينية في مختلف المراحل وفي المحافل الدولية، وفي العلاقات الاقتصادية ناهيك عن العلاقات الاجتماعية. هذا كله يتطلب التحضير الجيد وفحص مجالات التعاون المشتركة ما بين الجانبين بانتظار استكمال الاستقلال للدولة الفلسطينية وقول الشعبين الشقيقين قولهما.

2012-12-14