الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
جبهة عريضة لمصالحة أكيدة.....د. سامي محمد الأخرس

 

بعد جولة الجزائر لم يعد لدى شعبنا ثقة مطلقة بأن الأطراف تريد تغيير الواقع الفلسطيني الحالي، بما أنه واقع مسير وليس مخير، حتى قوى المعارضة (الشكلية) أصبحت شريكة بالحالة وعامل فاعل بها، رغم كل بيانات وتصريحات النفي إلَّا أنها على مسافة واحدة من هذا الواقع مع قواه الفعلية( فتح) و( حماس)، وحالة الحياد التي تتغني بها ما هي إلَّا تضليل وخداع لشعبنا الفلسطيني، الذي بات على يقين أن الحالة ليس قصرية بل عمدية، وأن استمرارها مطلب خارج حدود الإرادة المستقلة وطنيًا.

خمسة عشر عامًا شعبنا الفلسطيني يأمل ويمني النفس ان يعيش كما الشعوب الأخرى، بأن يوحد جهوده وطاقاته ويسخرها في مواجهة المحتل القاتل الذي أصبح يستمرئ الدم الفلسطيني يوميًا، بل واصبحت الجريمة الصهيونية تمر دون أدنى حساب أو أرق ضمير من أحد، وعلى وجه التحديد الفصائل التي أصبح شغلها الشاغل تحقيق أكبر مكتسبات من الحالة المرئية الحالية.

يقف على هذه المسافة بعض القوى الفلسطينية التي ربما يتبقى لها جزء من الشهامة الوطنية، وتقول كلمتها في وجه هذه الحالة، ولكن هذه القوى لا زالت تستمرئ حالة الضياع التي بها، أو حالة الشراكة الباطنة التي لا تظهرها لشعبنا الفلسطيني، رغم كل محاولاتها بأن تثبت لشعبنا الفلسطيني إنها في معزل عن هذا الواقع القاسي الذي أصبح سلوك حياتي يومي، يعيش ويعتاش به الفلسطيني في الأراضي المحتلة، ألا وهي قوى (اليسار) الفلسطيني التي منذ خمسة عشر عامًا وهي تنشغل وتنفق على البيانات والتصريحات، وتشارك في جولات العبث العبثية التفاوضية، دون أن تقول كلمة الفصل أو كلمة (حق) في وجه انقسام جائر، وتؤكد أنها شريكة ومستفيدة من تلك الحالة، وإلإ بماذا يفسر هذا الصمت وهذا السكون المقيت لهذه الفصائل التي تتبنى شعارات كبيرة مثل الفقر والفقراء، وحق الإنسان في الحياة، والحرية، والديمقراطية...إلخ في الوقت الذي تشارك نظريًا في الحالة الفلسطينية والواقع الفلسطيني الممزق، وربما يذهب سائل بالسؤال ماذا تستطيع أن تفعل قوى اليسار الفلسطيني؟ الرد من جماعة اليسار دومًا يأتيك ممكيج جميل الشكل" هل نحمل بارودة أو نووي لننهي الحالة بين الفصيلين الأكبر"، حقيقة الرد هذا أسطوانه سخيفة يرددها الضعفاء الذين لم يعدوا يمتلكوا أكثر من الدفاع عن مصالحهم الذاتية، ومكتسباتهم الشخصية في مواقع أكبر منهم بكثير، ولم يحلموا يومًا أن يكونوا فيها لولا لما وصلنا إليه من تيه وتراجع حتى في مواقع التفكير الإستراتيجي الفاعل والناجز وقت اللحظة الوطنية، بل يخلقوا مبررات للإستمرار في جباية المكتسبات الذاتية، والإستمرار في حالتهم الحزبية العامة التي لا تسر صديق ولا عدو.
الجواب الأنجع لو توفر لنا يسار فاعل وحيوي أن يقف وقفة موحدة تقييمية، ويسأل السؤال العريض ماذا تفيد مشاركة اليسار في هذه المهزلة المسماه مفاوضات مصالحة؟ وماذا يقدم أكثر من بيان ومباركة ودعوة أو تصريح إشهاري لأحد المتنفذين ليضع اسمه في معادلة المستوى الوطني، وفي الواقع لا يمتلكوا إجابة صريحة لأنهم لا يريدوا المكاشفة مع شعبنا ومع قواعدهم الحزبية، بقدر ما يريدوا أن يبرروا ويوسعوا مكان لمكتسباتهم الذاتية فقط.
اليسار بإمكانه رغم حالة الاضعف والهوان التي يعيشها والتي تتشكل بفعل قيادته، وسلوكها الوطني والحزبي يمكن لنا أن يقف مع نفسه قليلًا ويضع خططه عمل استراتيجية، تتبنى العديد من التكتيكات الوطنية الفاعلة، منها:
أولًا: رفض المشاركة بأي جولات تفاوضية بشأن المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية بأي مكان وتحت أي سقف.
ثانيًا: تشكيل جبهة معارضة قوية وموحدة تقف في حدود الوطنية وصفوف شعبها وتقود هذه الحالة بعيدًا عن ماذا لي، وماذا لك؟

ثالثًا: أن تصيغ برنامج وطني تتحدى بها الحالة وضمن فعاليات وأنشطة فاعلة على المستوى الوطني والشعبي وتستمر حتى يخضع الأطراف المنقسمون لإرادة الوطن وشعبنا.

رابعًا: أن تمتلك قوى اليسار الجرأة والإعلان بكل صراحة وجراءة عن المعطل للمصالحة وللإلتقاء الوطني، بعيدًا عن الحرص عن غضب الأطراف عليها، أو على شخوص قيادتها.

خامسًا: عقد مؤتمرات شعبية ووطنية تحريضية ضد الحالة الحالية، وإفراز قيادة وطنية قادرة على تحمل أعباء المرحلة وأعباء الحالة الوطنية التي يعيشها شعبنا وقضيتنا.

أمام هذه النقاط هل يمتلك اليسار الفلسطيني جرأة الإعلان عن إطار معارض يتحدى ويصمد في وجه المنقسمين، ويصطف بصفوف شعبه وقضيته، ويحافظ على مبادئه التي عهدناها فيهم سابقًا؟

د. سامي محمد الأخرس

2022-10-16