الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
جُغُب قهوة (4) : حجر المخيم....طلعت شعيبات


اليوم حكتلي الحجارة اللي في قلبي اكتب كمان اليوم بالفصحى. ولأني ابن بار لتلك الحجارة سأفعل... مرة أخرى، نعم مرة أخرى يتذكر الفلسطيني حجارته العتيقة، وما أن يفعل ذلك يكون قد بدأ زمن جديد، تعود فيه اللغة إلى بلاغتها الحجرية ... عندما يُخرج ابن المخيم حجارته من صندوق الذكريات ... تهب النار في عيون الأطفال وفي قلوب الشبان اليافعين وتحضر البلاد البعيدة، لتقول : يا أيها العالم الرديء نحن الفلسطينيون مجانين حرية، أوليس للحرية يحيا الإنسان أو يموت...
لا يمكن لمستعمر غريب مهما فعل أن يسكت حجرا يدافع عن أرضه. فما بالك بمستعمر فشل منذ ما يزيد عن سبعين سنة من أن يفهم ولو حرفا واحدا من لغة حجارة هذه البلاد ... يحاول ... يستميت في المحاولة ... يرسل أشباحه ليلا لقراءة أثواب الفلاحات فيعجز... يعجز عن فهم لغة السمكة والدالية وورقة الزيتون ... يستميت كي يفهم لغة السكة والمحراث والأهازيج فيزداد غربة عن المكان ... مستعمر عاجز عن إنتاج ثقافة عريقة ولو بحجم ليل واحد من ليالي زنازينه التي يحشر فيها آلاف الأساطير من أسرانا دون أن يحبس أناشيد الوطن والحرية من أن تعلن بلاغة الحجر ... مستعمر لا يعرف لغة أهل البلد ولا يفهم كيف أنه في كل مرة يفشل في إخماد انتفاضة لا تنتهي ... إنها لا تنتهي ... تبدأ وستبدأ كل مرة وألف مرة ...ستبدأ وكأنها لم تنتهِ ...
كنت سأكتب عن شعفاط ... عن عطر الحرية الفوّاح وعن شبان ذلك المخيم الصلعان والذين لم ييأسوا بعد ... خرجوا من الصمت ... من صمتنا المخزي والمذل ... ليرموا حجر المخيم المقدس في بركة راكدة محدثا آلاف الدوائر التي ستبتلع ساعات اليأس والإحباط المعلّقة على الجدران التي تحاصرنا كل يوم ...
وبهيك توضيح وتلميح بتكون القهوة اللي ع النار صارت جاهزة وتفضلوا شاركونا أول جغب قهوة على الريق ...

 

2022-10-16