الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
جزء من روايتي غابات الوجوم...ليلى الحسين
-- اتريد امرأة تفهمك ام قلبا يحبك يا" ضّي؟
-- اريدك أنت سيرينا...اريدك كما أنت صيفا وشتاء!..
أتريد شتاءك" بطعم العنب" المثلج بدون فاكهة" الصيف الطازجة" يا "ضّي"..
اغمض عينيك قليلاً، تأمل المكان; هل ما زلت تراني كما كنت، تشعر بي سابقاً..
كنت قد رتبت لك الأمور التي يجب أن ينتصر بها الحق على الباطل، انتظرك بكل مشاعري وما بي من لهفة
أهمس للريح، للمطر، لعيون الليل الساحرة..
كنت تعشقني " يا ضّي" كانت لمساتك همساتك أجمل أحساس تشعر بها إي أنثى يعشقها رجل التميز بالنسبة لها..
لكن رحلت تركتني وحيدة، أنتشي من غربة ذاتي، أهمس لليل الحزين..
هل ما زلت تحبني تعشقني يا ضّي
هل ما زالت رسائلي تحييك كما كانت؟
هل كلماتي تزرع بين كفيك ألف وردة وآه؟..
لقد تغير كل شيء فينا..
نعم كنت هنا، كنت أجمع النجوم ليلا لأضعها على سرير العطر لتصبح أجمل لكنك رحلت دون كلام أو حتى وداع....
دعني أتأملك بصورة للذكرى، كنت فتاة لم تعرف الكآبة وجهها يوماً..
_ لقد تغيرتي كثيرا عزيزتي سيرينا..
_ لم أتغير يا ضّي، كنت في ذلك الزمان والمكان صغيرة جدا.. أصغر الأمور تبهرني دون معرفة تفاصيل وجودها
نعم تاهت ضحكاتي أختنقت أحرفي
تبدّدت الضحكات والهمسات التي كانت إشارات همز تجمعنا لم أعد أعرف نفسي
ولم أعد حبيبتك التي تعشقك، بهتت ملامحي.....
علامات الضجر ظهرت أكثر على وجهي
نعم لم أعد كما كنت!.
أصبحت ذكرى على بيادر النسيان، لم أعد أكترث لغربة ذاتي هل هناك ما يثبت أنك الرجل الذي عشقته منذ زمن بعيد.
أرحل يا " ضي" ولا تعد!.. عد من حيث أتيت..
لا المكان ولا الزمان أصبح كما كان...
لذكريات الماضي إيقاع أضاعه القمر بين الغيوم
_ لا سيرينا لا أريد الرحيل.
مللت من التنقل والبعد عنك..
مللت من جلد روحي..هرمت..تعبت الغياب والهجر والترحال بعيداً عنك..
أنا أيضا ضاعت هويتي منذ أن هجرتك..
هل تستطيع اسراب الطيور أن تهاجر منفردة كل طير على حدى؟..
هل تستطيع الأسماك أن تسبح خارج الماء..
هل يكون الليل بلا نجوم..
أو مقاتل بلا سلاح أو فارس بلا خيل..
ياهزيمتي وانت بعيدة عني سيرينا.
أخاف الموت دونك ..
أخاف أن تغلف أحلامي الكبرياء وفي داخلي بركان من الشقاء..
لا ترميني بعيدا عنك ..
دعي الايام القادمة تجمعنا..
لا ترميني إلى غابات الوجوم، عاريا من قلبين كانا بين نجمتين يبرق نورهما رغم سطوع ضوء الفجر، لا تدعيني في حسرات الماضي وأحلام الحاضر الغائب المنتظر..
ما زلتي المرأة الفتية الشقية التي رايتها أول مرة منذ أعوام طويلة...
أذهب يا ضّي..عد إلى منفاك الذي اخترته أنت منذ سنين.. لقد هرمنا وهرمت ذكرياتنا..
عندما يتقدم المرء في العمر تتغير أشياء أخرى معه ليس فقط شكله ومظهرة وطريقة لباسه أو مأكله بل نظرته للأشياء والأحداث أيضا تتغير يصبح أكثر هدوءً وأكثر ضجراً بذات الوقت
يصبح مثالياً كثيرا حتى ذكرياته القديمة يتخطاها ولا تعد تعني له بذلك الإهتمام الكبير يصبح أكثر وعيا
رغم أن ذلك الوعي مطلوبا منه في أوقات كانت فرص الحياة مقدمة له على طبق من ذهب
كل ذلك يصبح قوة له بعد فوات الأوان..
قد ينطبق علينا المثل السائر..
لمن تشتكي حبة القمح والقاضي دجاجة!..
الآن عرفت كم كنت حمقاء في العشق يا ضّي ..
حينما عشقتك كنت صغيرة ترى الأشياء بنظراتك أنت وليست بنظري أنا.
عندما قلت أنك شيطانٌ كافر، زلزلت الأرض، أصبحت الكتب منابر
تحدت الأعاصير والكواكب، أنت أكثر الشركاء خذلانا في التاريخ، حينما كنت تقامر بقلبي
تعقد الصفقات على جسدي
أتعلم لماذا لأنك أنت السجان وأنا السجينة
أنا من صنع ذاك السجن، تلك الضغينة..
ذاك السجان
الآن عرفت كم كنت حمقاء في العشق..
عندما وصفتك أنك أجمل رجل عرفته أي امرأة من بدء التكوين
الزمان يا" ضّي" لن يتغير او يعيدنا إلى الخلف، ليحقق لنا ما كنا ننتظر تحقيقه منه، بل الذي أظن أنه قد تغير يا ضّي على مدار الأعوام الماضية من حياتنا هو أنا وما كنت أطلبه في الماضي لم يعد يقنعني في الحاضر..
كل الأشياء التي كنت آراه جميلة ومستحيلة لم تعد تعني بشيء عندما فقدت الجنين الأول والثاني..
أين كنت عندما فقدت جنيني الثاني..
لم تأتي إلى زيارتي في المشفى ولم تعد إلى المنزل...
إلى أين هربت؟..
مرت سنين طويله من العمر دون أن اعر الاهتمام بانفسنا أن العمر يمر بلمح البصر أو بما يحيط حولنا من" اشياء ثابته..
ادركت أن نظرتنا لها قد تغيرت، رأيناها بنظره مختلفه عما كنا نعتقد..
حينما بدأ الشيب يعتلي خصلات الشعر الأبيض، بتغير ملامحنا.
الغريب في الأمر أننا اصبحنا كالاطفال والمراهقين بأجساد كهلة مرّ الزمان علينا وبكى حسرة..
لأن الذي كنا نعتقد بأنهم شركاء معنا في الحياة وضعو في طريقنا حجارة وسلاسل واستنفذوا كل طاقتنا بإسم الحب والدين والوطن أو الخوف أو المصلحة...
هذا حالنا عندما بدأ قطار العمر يسير بخطوط الوجع تظهر على ملامحنا ..
حينها شيئا ما في داخلنا يطلق سراحنا بحجة أننا اصبحنا مستقلين عن الآخرين ولكن الواقع يعكس كل مافي داخلنا لو كنا أقوياء وأصحاب إرادة قوية منذ البداية كنا حققنا ما كنا نريده، دون خوض معارك عنيفة بين ما نريد أو لا نريد..
بل نحن ضعفاء في نظر كل ممن هم حولنا..
نحن نحتاج إلى من يحمينا من أنفسنا ومن الوحوش الضارية في غابات الوجوم التي تتربص لنا من عادات وتقاليد وخدع مبتكرة بأساليب عاطفية بدائية....
أرحل ولا تعد إلى هنا يا ضّي..
 
 
1/5/2022
ليلى الحسين/ سورية
2022-10-16