الخميس 23/7/1446 هـ الموافق 23/01/2025 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نهرٌ بضفافٍ كثيرة إلى روح الشاعر والمفكر حسين البرغوثي ...طلعت شعيبات

نهرٌ بضفافٍ كثيرة ٍ

عليها أشجارٌ عاليةٌ 

منْ خشبِ تلكَ الأشجارِ صنعَ نوحٌ سفينتَهُ

أغصانُها وطنُ كلِ العصافيرِ الغريبةِ

كلُ غصنٍ مدينةٍ

وكلُ مدينةٍ قصيدةٍ

وكلُ قصيدةٍ نهرٌ بضفافٍ كثيرة 

2

وللطيرِ ذاكرةُ الأعشاشِ 

كلُّ غصنٍ مدينةٌ ..

"والطيورُ علىْ أشكالِها تقعُ"

والمدينةُ مدُّ النظرِ ..

بيوتٌ متلاصقةٌ 

كأبياتِ المديحِ

جدرٌ إسمنتيةٌ عاليةٌ ..

وحدودُ ..

والطيورُ لا تعترفُ بها  ..

تطيرُ منْ شجرةٍ إلى أُخرى كالغجرِ ..

3

أما القصائدُ فمصابيحٌ ..

تضيءُ ليلَ المدينةِ البارد ..

4

قرىً تنامُ على أصواتِ الينابيعِ .. 

ونقنقةُ الضفادعِ ..

وأخرىْ علىْ صورِ الغائبينَ ..

ورائحةِ الصنوبرِ .. 

5

أعرفُ أنَّكَ ستنجوْ منَ الموتِ 

مثلَّ قطةٍ بسبعةِ أرواحٍ 

سترفعُ الغطاءَ الأبيضَ عنْ وجهِكِ المبتسمِ 

ستعودُ إلى الحياةِ لأنَّ ضوءًا أرزقَ يشدُكَ ..

منْ مكانٍ بعيد .. 

يتسللُ إلى قلبِكَ كتيارٍ كهربائي

فتفتحُ عينيكَ الملونتينِ كعينيِّ قطٍ 

تحرِّكُ أصابعَكَ ... 

تأخذُ قلمًا وورقًا ملونًا ..

كانتْ على الطاولةِ لعشرينَ سنةٍ

لتكملَ " الفراغَ الذيْ رأى التفاصيلَ" .. 

6

وها أنتَ تعودُ في أيلولَ .. 

كالذكرياتِ الحزينةِ .. 

كالخريف ..
كصوتِ فيروز ..

تقولُ: اذهبْ إلى الديرِ !

من طينةِ الديرِ ترممُ قلبَكَ المكسور ..

من طينةِ الديرِ .. 

لا تنسَ ..

من طينةِ الديرِ ..

ترممُ قلبَكَ المكسورَ ..

وكمشهدٍ أخيرٍ في فلم تختفي تحتَ الإنارةِ الصفراءِ الخافتة .. 

.....

..........

....................

7

نحنُ نهرانِ جامحانِ 

يفيضُ أحدُنا علىْ الآخرِ 

نهرٌ سريعٌ وهائج  ينبعُ من عشِ حجلٍ ..

وآخرٌ بطيءٌ ومثقلٌ بالذكرياتِ والأسى كشمعةٍ في كنيسة ..

وفي زمنٍ آخر سوفَ أعلمُكَ ما تعلمتُهُ منَّ الغيابِ  

أنْ تروِّضَ الماءَ .. 

والصهيلَ،

أن تدخرَ قوتَكَ الكامنةَ لأزمنةٍ بعيدةٍ ..

ومن يدري ربما نلتقي عندَ مصبٍ واحدٍ ذاتَ يومٍ حيثُ أكونُ قدْ عبرتُ كلَّ هذهِ الأزمنةِ وحيدًا كحجر الورد ..

 ............

.......................

................................................

8

ليستْ النوتةُ 

ما يحركُ النصَّ 

إنما الميلُ

ثمةُ كلماتٍ تميلُ إلى الموسيقى 

وأخرى إلى السكونْ

أنْ تُدخلَّ الموسيقى إلى النصِ عنوةً يعني

أن تُربِكَ المعنىْ 

أنْ تَرتَبِكَ بالمعنى ..

كأنْ تربي ذئبًا في بيتِكَ ،

 متبجِّحًا بأنَّ الوحوشَ تألفُ المنازلَ...

...................

.......................................

 

9

عقلُكَ في بلادٍ وقلبُكَ بأخرى

من سيكسبُ الرهانَ  

بلادُكَ، أم خطيئتُكَ ...

10

أتشابُكُ بينَكما كفكرةٍ محتدمةٍ ..

بين حضارتينِ .. 

كضلعٍ ثالثٍ في علاقةٍ غيرِ متكافئةْ ..

"فأعرفُ أننيَّ الأقلُّ بينَ كثيرَّينْ" ...

11

ذاهبٌ لقطفِ الشعرِ منْ فروِ الغيابِ ..

كحاطبِ ليلٍ ..

وعلى طولِ الطريقِ المؤدي إلى الديرِ ..

كنتُ أهجسُ بكَ ...

 

2022-10-18