السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إلى جدة فلسطين....بقلم هديل قشوع شريقي


نعم يا جدة نحن نحب بعضنا ولا يغتب أحدنا الآخر... أحب الأمل اللامع في عيونك الخائبة وصوتك المرتجف الذي يوصي فلذات أكباده قبل الرحيل ... رحلت فلسطين ما ودعتكم .. نعم هي رحلت غضبا وألما على هذا الحال... رحلت "حردانة" .. وكيف تودع الأم ابنها الساخط عليها العاق الذي لم يحترم قدسية العادات والتقاليد.. ما ودعتكم .. نعم لأنها أم.. فالأمر مهما كان ابنها عاق لن تقو على وداعه.. قد ترحل لكن لا تودع... عله يرجع لرشده يوما ما..
6 قتلى في عرابة.. وطفل يشتهي البيتزا فيعود لا حاملا بل محملا على الأكتاف.. هذا هو الحال .. كيف لا ترحل السكينة وهي ترى الضغينة تسيطر على الأرجاء في كل مكان .. وهل ظلّ في صفحة الأمل نقطة بيضاء نتمسك بها.. في كل يوم قتل وقتال .. هم وشجار.. وهمّ كالجبال.. أين نحن من قول رسولنا الكريم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ أين نحن؟
ألم يحذرنا الله تعالى من الفتنة والقتل... يجمعونها ويدركونها ثم يتجاهلونها غير ابهين أن المتحدث هو رب البرية .. 
شدوا بعضكم يا اهل فلسطين شدوا بعضكم ..كونوا كالبنيان يشد بعضه بعضا.. كونوا سندا للآخر.. تقبلوه .. دلوه وأرشدوه علّه لا يدرك الصواب!! ربما لم يجد يدا تسنده! 
ألم يتحدث بنا الغرب والمشارق كلها ؟ 
ألسنا أول من أنشأ المستشفيات في عهد أحمد بن طولون في القاهرة واليوم نحن نسابق الكوارث الاجتماعية في عدد القتلى والجرح بأحداث العنف.
أول جامعة أسستها فاطمة بنت محمد الفهري وضربنا بعرض الحائط الأنثى وصرنا نقتلها بحجة شرف العائلة ولم نمسك بيدها ونوجهها.
أما عن ابداعاتنا الكيميائية فحدث ولا حرج فقد تحولنا من زكريا الرازي وجابر بن حيان الى بائعي المخدرات وصانعيها ومروجيها...
شدوا بعضكم ... آه يا جده لو يعلمون عمق كلمتك هذه وشجون صوتك .. شدوا بعضكم ادعموا الآخر وتقبلوا الاختلاف.. لو امنا بقدرات غيرنا واستبدلنا الضغينة بالمحبة والتسامح..
حبوا بعضكم... نعم وصانا رسولنا الكريم لا تدخلون الجنَّة حتَّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا، أولا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السَّلام بينكم..
فقط افشوا السلام... "ليش بتطلع هيك.. بعرفك انا اشي" وسكين هنا وضربة هناك إخوتي واولاد عمك وحلوا القصة بقعدة وإصلاح وصلحها إذا قدرت..
حبوا هذه الأرض وصونوا عهد أجدادكم اتركوها خضراء تزهر لا حمراء تُحفر.. فوالله لو بحثنا في شقاق الأرض لما وجدنا فائدة ترجى ولا عمل يقبله الله تعالى خيرا من أن يتقبل أحدنا أخيه يتعاون معه على البر وتقوى الله في أنفسنا واخواننا...
نحن نخجل يا جده .. لا تكتبي قصصنا على ورق صيني بالحبر الأسود ليتحدث بنا أبناء المستقبل .. فنحن لم نكتنز لهم سوى الأخبار السيئة والأرض الصلبة الجرداء التي لا تصلح لشيء .. لم نحضر لهم كما حضروا لنا أجدادنا... 
ماذا ستكتبين ؟ هل ستكتبين عن الأم التي قتلت مع ابنتيها؟ أم عن الصحفي الذي ارتوى بدمه لمجرد أنه صحفي؟ بربك ماذا ستكتبين عنا ؟ عن تبييض الأموال أم تكسير المدارس وتخريبها في الوقت الذي كان المسلمون أول من أسس التعليم الديني والدنيوي؟ استرينا الله يسترك... 
أرضنا تنزف ووطننا يحتاج إلى أن نشد أوزار بعضنا وأنا لا زلت أبحث عن هوية... عن وطن نظيف أرقد به بسلام وورق أخضر أكتب به أمجاد أبناء بلادي الطيبين الذي يخشى أحدهم خدش الآخر ويحب له يحب لنفسه.. فهكذا نرتقي وتزغرد لنا الجدة ، تمسح دمعتها وربما تبتسم.. .

 

2022-10-25