الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فوق صفحتي....بقلم الاديبه هيلانة الشيخ
في البدء؛ سحبت نفسًا! ثِقلٌ ممتع، ارتخاء لذيذ، الأريكة تطير، الإنارة تخفت، الطاولة تدور وتدور…شعورٌ بين اليقظة والحُلم.
حتى أصبحت هذه السيجارة مألوفة، لا تستطيع إشباع رأسي، فاحتسيت البيرة.
لا بأس مع رائحتها الكريهة هناك بعض الارتواء، إلى أن أصبحت الكأس خليطًا من القهقهات السافلة؛ تقول: أكثري مكعبات الثلج كي لا تتقرح معدتك!
الدوران داخلها ثم الانسكاب على حافة سريرٍ حادة، غرقٌ يشبه النوم، كابوسٌ يشبه المضاجعة..وجسدٌ يحتاج المزيد من المُخدر.
سجارتين وحقنة في الوريد، يتسرب عشقها في المخيخ، انتشاءة واحدة ورشفة، تجعل قنينة التكيلا شوتًا قصيرًا.
يدي طويلة؛ أستطيع تحريك السقف، من مكاني.
أسافر في الماضي وأعود في موجة هيستيرية من الضحك، مكعبات الثلج تذوب وتختفي، مجموعة من الإبر أُفرغت لا تترك أثرًا على جلدي.
أثرها الوحيد يشبه الأساور الثقيلة في معصمي، بصعوبةٍ أرفعها فأسمع رنين ارتطامها ببعضها، فاحشٌ هذا الشعور!
ماذا بعد؟!…أحتاج مفعولًا أقوى، يجردني من صمتي، من ملابسي، من خجلي، من عَجَزي، يختصر الأربعين سنة في دقيقتين فقط!
دقيقتان وانتشاءة وقبلة وبقعة دم ورقصة موت فوق جمجمة ذاك الرجل الذي لا يملك قفصًا صدريًا.
ودخانٌ يحجب جميع العيون التي تتأمل لحمي فوق الطبق المشروخ.
سأبتلع الكثير من المارة اليوم، ورئةً وطحالًا وكلوتين وكبدًا ربما تمتلئ كوّتي، سألتَهِم أصابعهم أولًا، كي لا يكتبون نعيًا فوق صفحتي التي تشبه النعش، ولا بأس بجرعتين من الدماء احتسابًا لفصلٍ جديد… سُكرةٌ تمنحني السَكرة.
2022-12-22