الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
على أبواب مدينتنا المقفلة ....بقلم باسل معالي

على أبواب مدينتنا المقفلة حارسٌ لا زال ينتظر رجالاً من وراء الشمس يأتون ليشربوا الشاي في صبحٍ جميل يطلع النهار فيه من بين خشبات الباب ويسرق نظرة من وراء الشبابيك ..
على الباب واقفاً يقرأ قصة أو يحكي خبراً في جريدة ،، أحلامه البسيطة لا زالت ترتوي من مطر الأمل وأحلامُ تتجدد مع الصبح فتغدوا في محياها فريدة صباح الخير يا وطني 
صباح الخير يا وطناً لا زال حراسه واقفين عند نفس الباب منذ ألف عام أو أكثر ..يتوارثون الباب كأنه الكنز الثمين المخبئ في زقاق لبيت تجاوره صوت المآذن وتحرسه أجراس الكنيسة 
صباح الخير للمارين من ذلك الباب المرصع بالياسمين وبحلاوة الخبز المقرمش من يد عجوز لا زالت يداه تمارس الهوايات في الطهي كأنه ثلاثيني من العمر يخبز من محبته لقمح الأرض كأنه يبحر باكراً فيصطاد ابتسامتك من لذة الخبز وعشقك للطاهين
صباح الخير للشوارع والأزقة المفعمة بالحياة وبمحالٍ تجارية فيها حياة وبرغم صوت البندقية بين الفينة والأخرى تجري الحياة كنهر لا يسأل عن من مر منه بقدر وجوده في نفس المكان ..هذا النهر لي وحقول القمح لي وزهر النرجس لي ..هذا الوطن العظيم لي 
صباح باب إذا فُتحَ تشعر بأن السماء قد أطلت بنور ليس له مثيل .بالكاد تثبت قدماك أو حتى ترى خطاك لكنك قد تدرك مدى الجمال ودمعة من عينيك تشوقاً وكبرياء ..كأنك ترى الوجود كله في صورة ..كأن الروح بعثت إليك من جديد ..كأن الله كتب لك عمراً غير الذي عشته سابقاً ..مهما كنت ستبقى تلك الصورة الذهبية جزءاً يغير من حياتك ومن محاور العشق في داخلك ..
هذا المسجد لي وهذي الساحات لي ..كل المساجد لنا وكل الساحات والينابيع التي تخرج من الارض بعد تعبهم لتسقيهم هي لنا ..هذا الوطن لي ..وغير ذي البلاد لكم فهنيئاً لي ببلادي .
وصوت العصافير في صبحٍ ترجل ليرسم صورة المصلين في حلة للناظرين وخشوعاً لرب كريم يدعونه تضرعاً بدموعٍ تنهمر من عيونهم ترجو النصر لهذا الباب وذلك المسجد الذي سالت دماء أبنائهم لأجله وقُيدت أيادي أحبائهم فداء له ..
وشعاع شمس يسطر جمالاً لانعكاس النور من تلك الشبابيك المرصعة باللازورد ونقوش تحاكي الزمن القديم في محتواها وفي تفاصيل تنثر إتقان الصانع وبهاء المسجد ..
صباح المارين على سوق تمشي به فرحاً كطفل يخطو خطاه للمرة الأولى ..كأن السوق كله لهم ..كأنهم يعودون بشبابهم إلى جمال السير وحلاوة المشي بين أبواب المحال وتجار ترى الابتسامة في عيونهم برؤيتهم كأنهم يحيونك بتحية الدين والأخوة التي يحاولون طمسها وقتلها لكنها باقية للأبد 
صباح الوطن الجميل وصباح حب لذلك المسجد فألف شكر لحراسه وساكنيه ..ومساء المحبة ليوم جميل سررت برؤية المؤذن فيه وإمام حريصاً على الصلاة في المسجد رغم صعوبة السير ..وألف تحية لقس الكنيسة الذي يرسم عمق المحبة رغم تتابع النكبات والأزمات والأزمان والمحاولات لطمس الهوية وخلق عنصرية بين المتحابين

مساء الخير يا وطني

2023-05-03