أهداف وخطط الزيارة المهمة لرئيس الجمهورية الاسلامية في ايران إلى سوريا بعد 13 عامًا من الحرب في هذا البلد.
تأتي هذه الزيارة في إطار سياسة الجوار وأولوية تحسين العلاقات مع الجيران والدول العربية و الإسلامية وتعزيز التعاون مع الدول الأعضاء في محور المقاومة، وقبل كل شيء لاعلان الانتصار رسميًا في سوريا على حرب الارهاب العالمية التي واجهتها تحت واجهة "الربيع العربي" .
تولي حكومة الرئيس الايراني سيد ابراهيم رئيسي اهتمامًا خاصًا لتطوير العلاقات مع الجيران وتهدئة التوترات الإقليمية بعكس الحكومة السابقة برئاسة الشيخ حسن روحاني التي كانت تعول كثيراً على حل أزمة البرنامج النووي الايراني مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة .
إن القيام بهذه الزيارة في المرحلة الحالية يعود في الواقع إلى الظروف الخاصة للمنطقة في أعقاب التطورات السياسية الأخيرة بُعيد التقارب اللافت بين ايران والمملكة العربية السعودية وبالتالي التطبيع البارز في العلاقات العربية السورية .
إن هذه الزيارة ، بغض النظر عن التوقيع خلالها على مذكرات تعاون مهمة واستراتيجية بين البلدين ، هي رمز لنجاح كبير ومستقر وتاريخي لايران وسوريا وحلفائهما في محور المقاومة الذي تقودها إيران في سوريا.
من خلال سفره إلى دمشق ، يرسل السيد رئيسي الى دول العالم والمنطقة رسالة عن تغير التوازن في هذا الجزء الحيوي من المنطقة لصالح شعوبها .
لقد تم الإعداد لهذه الرحلة المهمة قبل الاتفاق التأريخي بين طهران والرياض الذي رعته بكين وساهم العراق في التوصل له لانهاء خلاف مزمن بين قوتين مسلمتين كبيرتين في المنطقة .
لكن إخفاق معظم التحركات غير البناءة ضد إيران و باقي محور المقاومة ، واعتراف أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط بانتصار الرئيس بشار الأسد وأنه ربح الحرب عسكرياً جعل دمشق في وضع أفضل استعدادًا لاستضافة رئيس الجمهورية الاسلامية في زيارته الرسمية إلى سوريا.
ذهب السيد رئيسي إلى سوريا بعد إعلان مسبق من البلدين سوريا وايران وحظي باستقبال رسمي وشعبي يؤكد بما لايقبل الشك فشل المؤامرات التي حيكت طوال السنوات الماضية لتقويض الدولة السورية وتحويلها الى بؤرة صراعات داخلية واقليمية تحت الهيمنة الأمريكية ، وتحقق أهدافها في بسط يد الكيان الصهيوني اللقيط على المنطقة عموما، خاصة ايران والعراق.
عندما تصبح سوريا مستعدة كدولة مضيفة لرئيس دولة مثل الرئيس الايراني ، تكون هذه الزيارة اعلاناً عن الانتصار نهائياً في الحرب على الارهاب في سوريا بما يساعد على اغلاق منافذه نحو العراق ودول أخرى في الجوار . في وقت ما ، كان ما يصل إلى 70٪ من الأراضي السورية في أيدي الإرهابيين. واليوم بفضل دماء شهداء محور المقاومة والمدافعين عن الحرم الزينبي الشريف ، اكتملت الاستعدادات لاستقبال رئيس ايران ، وهذا انتصار كبير للمقاومة.
جاءت زيارة الرئيس الايراني الى سوريا في وقت يسعى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى زيارة دمشق الجلوس وجهاً لوجه مع الرئيس السوري حيث يواجه تحدي الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الشهر . فشل التدخل العسكري التركي في سوريا عمليًا ، وهذا في حد ذاته يشير إلى مدى اتباع سياسات إيران المبدئية في المنطقة وخاصة في سوريا. عارض السيد بشار الأسد زيارة أردوغان لسببين : أحدهما هو أنه في الأساس ، لا توجد دولة تقبل ذلك عندما يدخل جنود بلد آخر حدود البلاد دون إذن في اشارة الى الاحتلال التركي لأجزاء من سوريا .والسبب الثاني هو استمرار دعم أردوغان لجماعات تكفيرية في ادلب وجيوب أخرى.
دخل الجيش التركي الأراضي السورية بدون إذن ، وما لم يغادر هؤلاء الجنود هذه المنطقة ، بطبيعة الحال لن يقبل السيد بشار الأسد لقاء أردوغان ما لم يضغط الرئيس الايراني لانقاذ صديقه أردوغان. من ناحية أخرى ، يعرف السيد الأسد أن أردوغان عانى من أزمة سياسية بهزيمته في سوريا ، وخصومه يؤكدون هذه المسألة في الانتخابات المقبلة ، ومحاولته لقاء الأسد هي أيضًا لإنقاذ نفسه في الانتخابات. السيد الأسد رفض (حتى الآن) بحكمة استقبال أردوغان.
اتبعت إيران بشكل جيد سياستها المبدئية في مجال السياسة الإقليمية ، وهدفها حل المشاكل الإقليمية من قبل دول المنطقة نفسها دون تدخل عناصر خارجية.
يُظهر اجتماع نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وروسيا مؤخراً ، وما تلاه في الاجتماع الأخير للممثلين العسكريين للدول الثلاث في موسكو ، نجاح مبادرة إيران في هذا الصدد . وقد عكس ذلك في هذه اللقاءات اهتمام ايران بتطبيع العلاقات بين دول المنطقة ، وهي تتطلع منطقيًا إلى وقف التصعيد ، بما في ذلك موضوع العلاقات التركية السورية.
• نجاح محمد علي صحفي استقصائي مستقل من العراق. خبير في الشؤون الايرانية والإقليمية
لمتابعته على تويتر @najahmalii