الخميس 10/6/1446 هـ الموافق 12/12/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إسرائيل والزحف نحو السلام مع السعودية....ناجى شراب

  مقالة اليوم تتناول رؤية إسرائيل للسلام مع السعودية وماذا يعنى لها ؟ وما هى دلالاته ومحدداته والثمن الذى يمكن أن تقدمه مقابل هذا السلام؟وإذا كان السلام مع مصر نهاية للحروب العربية فلا حرب بدون مصر، وإذا كان السلام مع الأردن قد وضع نواة السلام الفلسطيني الإسرائيلي ،وإذا كان السلام الإبراهيمى قد فتح نوافذ للسلام كثيره وتثبيتا لهذا الخيار ومن قبله معاهدات أوسلو الفلسطينية الإسرائيلية التي أسست لهذا السلام على أساس الإعتراف بإسرائيل كدولة مقابل الدولة الفلسطينية فإن السلام مع السعودية ونظرا لأهمية السعودية الدينية والسياسية والإقتصادية ودورها المحورى الإقليمى والدولى فإنه يعنى إضفاء الشرعية الكاملة على إسرائيل ، ويضع نهاية للصراع العربي الإسرائيلي ويغلق ملفه ،ويعتبر ترجمة للمبادرة العربية بمنظور وتفسير إسرائيل السلام مقابل السلام.والقبول بها كدولة عادية إعتيادية في قلب المنطقة، وينفى عنها صفة الاحتلال، ويحصر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في دائرة الخلافات الضيقة حول بعض الحقوق. من هنا أهمية ومحورية السلام مع السعودية الذى قد يفتح كل ألأبواب مع الدول الإسلامية والعربية . في هذا السياق تدرك إسرائيل ماذا يعنى السلام مع السعودية والذى قد يرقى لمستوى وعد بلفور وقبول إسرائيل في الأمم المتحدة كما قال نتنياهو.ولا أذهب بعيدا إذا قلت ان هذا السلام قد يوثق السرديات والمقولات الإسرائيلىة بحقها التاريخى وحقها في هذه الأرض .وان إسرائيل على حق بل وقد يدعم الموقف الإسرائيلي في الكثير من القضايا.وتنظر إسرائيل للسلام مع السعودية على أنه الجائزة الكبرى بعد خمسة وسبعين عاما من نشأتها والسلام مع السعودية يحقق لإسرائيل مفهوم إسرائيل الكبرى وفكرة الدولة المحورية والقيادية للمنطقه بل ما هو أبعد من ذلك تثبيت فكرة الدولة المهيمنة والقادرة على توفير الأمن والبقاء لدول المنطقة ،وتحولا جذريا في مفهم الدولة العدو وإلى الدولة العادية التحالفية .وما فشلت فيه إسرائيل عبر حروبها العربية في إنتزاع الإعتراف والقبول والتطبيع تحققه لها معاهدة سلام تسعى وتزحف لعقدها مع السعودية. ولماذا السعودية : القدرات الإقتصادية والثقل السياسى والشرعية الدينية وفتح العلاقات مع الدول الإسلامية وإسقاط أي مبرر امام اى دولة تعارض السلام. ويمكن إضافة عامل أخر قوة ضغط كبيره على الفلسطينيين للقبول بما هو معروض .ويرى يوئيل جورانسكى في معهد دراسات ألأمن القومى الإسرائيلي أن هناك عوامل مباشره تدفع في مسار العلاقات والذهاب لمعاهدة سلام طبيعة المواجهة بين أمريكا والصين وتنامى قوة إيران والمشاكل الاقتصادية التى تواجه دول المنطقة كتركيا ومصر.ووجود لاعب جديد في المنطقه ممثلا في روسيا وتراجع الدور الأمريكي والفراغ الذى قد يحدثه هذا التراجع.والسلام مع السعودية وبلغة نتنياهو يعنى نهاية الصراع العربى الإسرائيلي. وبعدها سنعود إلى الفلسطينين ونحقق سلاما معهم.ويرى أن السلام مع السعودية سيغير التاريخ. وهو بمثابة العمل من الخارج إلى الداخل وان هذه المقاربة لديها فرصة أكبر من صنع السلام مع الفلسطينيبن ثم محاولة الإنطلاق والفلسطينيين إلى العالم العربى. هذه هي مقاربة ورؤية إسرائيل للسلام مع السعودية الذى يعنى غلق ملف الصراع العربى الإسرائيلي ، وتفريغ القضية من اهم مكوناتها وعمقها العربى وعندها يسهل الوصول إلى تسوية حتمية مع الفلسطينيين الذين لا يكون لديهم آخر آخر.هذه الرؤية تتفق مع الإستراتيجية الإسرائيلية التى تقوم على عدم دفع ثمن للسلام .وتنطلق من الحاجة لإسرائيل أكبر من حاجة إسرائيل للدول العربية. هذه الرؤية تدعمها السياسة الأمريكية في المنطقة وأولوياتها التي تأتى على قمتها الإلتزام بأمن وبقاء إسرائيل .وان إسرائيل تعتبر ثابتا في السياسة الأمريكية ، ولذا تحاول إسرائيل توظيف علاقاتها الأمريكية للضغط على السعودية وغيرها من الدول العربية للدخول في معاهدات سلام مع إسرائيل والتي تشكل البوابة الواسعة للحفاظ على العلاقات الأمريكية بالمنطقة وعودة السياسة الأمريكية للمطقة لإحتواء التغلغل الصينى والروسى للمنطقة وللحد من علاقات الصين بالسعودية وغيرها. ومن ناحية ثانية تشكل أيضا أهم المقاربات لإحتواء إيران وطموحاتها النووية.ولعل العائق الأكبر امام هذا السلام الحكومة اليمنية المتشدة في إسرائيل والتحالف بين القومية الصهيونية والدينية التى ترفض وجود دولة فلسطينية وتؤمن بفكرة إسرائيل الكبرى . وكما يقول فريدمان مخاطبا الإسرائيليين يمكنكم ضم الضفة الغربية أو إقامة سلام مع السعودية والعالم ألإسلامى . وتبقى المعوقات من وجهة نظر إسرائيل في موقف القيادة السعودية وموقف الملك سلمان لما له من مساس في مكانة السعودية الدينية وان نسبة ما بين 70إلى 80 في المائة من السعوديين لا يريدون التطبيع وإسرائيل من جانبها ترى ان الإستجابة للمطالب السعودية وخصوصا في مجال بناء القدرات النووية اكبر من التطبيع. ومع ذلك إسرائيل ستسعى جاهده لعقد السلام مع السعودية ولعل اول المشرات تبنى إستراتيجية تقديم حزمة من التسهيلات للسلطة الفلسطينية بديلا عن الدولة في المرحلة الراهنة.وماذا عن رؤية السعودية ودوافعها وهذا هو موضوع المقالة القادمة.

دكتور ناجى صادق شراب [email protected]

2023-08-13