يفيق العالم كل حين على انقلاب جديد في إفريقيا أو محاولة على الأقل، فيما يصحو السكان على صوت المارشات العسكرية، وظهور كبار ضباط الجيوش على شاشة التلفزة معلنين الاستيلاء على السلطة وحل المؤسسات وإغلاق الحدود.
لم يكد المجتمع الدولي يمتص صدمة النيجر بتداعياتها وتفاعلاتها، حتى صحا على واقع جديد بوقوع انقلاب في الغابون يرفع الانقلابات في القارة السمراء إلى 8 في أقل من ثلاث سنوات.
أطل 12 عسكرياً غابونياً عبر شاشات التلفزيون، معلنين نهاية حكم عائلة بونجو المستمرة منذ 56 عاماً والتي بدأها عمر بونغو في العام 1967 وخلفه فيها ابنه علي بونغو في العام 2009 بعد انتخابات رئاسية رسّخت حكم العائلة في أفقر وأغنى دول إفريقيا في آن.
لم يستغ من أحد الإعلان عن فوز الرئيس علي بونغو بولاية رئاسية ثالثة، إذ ضافت المعارضة ذرعاً بالواقع ودعت إلى التغيير الذي شرع فيه العسكريون على طريقتهم المعتادة وليس على الطريقة الناعمة التي أرادتها المعارضة.
أصدر العسكريون فرمناتهم، بإلغاء نتائج الانتخابات التي تمخضت عن دورة رئاسية ثالثة لعلي بونغو، وحل مؤسسات الدولة، وإغلاق الحدود حتى إشعار آخر، في محاولة لإحكام السيطرة على الأمور، ورصد رد فعل المجتمعين الإقليمي والدولي الذين ما زالا يغليان من انقلاب النيجر.
عرّف العسكرون المستولون على السلطة أنفسهم بأنهم أعضاء في لجنة التحوّل واستعادة المؤسسات، منتقدين ما أسموه نظام الحكم الحكم غير المسؤول والمتسبّب في تقويض التماسك الاجتماعي وتعريض البلاد لمخاطر الوقوع في الفوضى، داعين الشعب ومجتمعات الجوار إلى التحلي بالهدوء والسكينة.
ومع كل انقلاب جديد في القارة السمراء، لاسيما في غربها، تجد أوروبا نفسها في ورطة لا تعرف التصرّف إزائها، وتجد مصالحها في خطر داهم لا تفلح في درءه العقوبات التي تفرضها، فكل اضطراب في المنطقة يزيد من مخاوف الأوربيين أكثر.
يشق قطار الانقلاب في إفريقيا طريقه غير آبه برفض الداخل ولا انتقادات ووعيد الخارج الذي لا يرى من خطر تُخشى بوادره، إذ يعلم قادة كل انقلاب أنّ عنفوان المواقف الدولية المنددة والرافضة سيهدأ بفعل فرض الأمر الواقع، فيما سيقبل الشعب التغيير ولو أتى على ظهر دبابة، وبين هذا وذاك يظل «الانقلاب القادم» مسألة وقت ليس إلا.
البيان