الأحد 4/3/1446 هـ الموافق 08/09/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الأمم المتحده والدورة 78 تحديات وإصلاح....ناجى شراب

  لقد جاء تشكيل الأمم المتحدة بعد حربين كونيتين وفشل عصبة ألأمم في الحيلولة دون إندلاع الحرب العالمية الثانية بسبب سيادة منطق القوة ، بهدف الحيلولة دون إندلاع حرب عالمية ثالثة، وبهدف حفظ السلام وألأمن العالميين.

هذا وبدأت الأمم المتحده ب45 دولة أوروبيه وكانت اول دوره للجمعية العامة في لندن عام 1946 واليوم تعقد الدورة 78 وعدد أعضاء الأمم المتحدة بلغ 193 إضافة إلى الفاتيكان وفلسطين كدولة مراقب. يأتي اجتماع الجمعية العامة لهذا العام وسط توترات وتحديات كبيره تهدد الهدف الرئيس الذى من أجله قامت الأمم المتحده وهو حفظ السلام والأمن العالميين.

وتشكل الجمعية العامة احدى المؤسسات الست للأمم المتحده كمنتدى سياسى يلتقى فيه قادة العالم يلقون خطاباتهم ويعرضون رؤاهم للعالم الذى ينشدونه ولما يتعرضون له من مشاكل ومخاطر.وفى هذه الدورة يحضر 140 من قادة الدول وبغياب رؤساء روسيا والصين وبريطانيا وفرنساوالمفارقة أنهم أعضاء مجلس الأمن الدائميين وهى ظاهرة سلبية تعكس عمق التحديات والمخاطر التي تواجه السلام وألأمن العالميين ودور الأمم المتحده وتشكك في مصداقية القرارات.ولا شك أن إستمرارية اللقاءات الدورية ووصولها لهذا العدد مؤشر نجاح وقناعة بانه لا بديل أمام دول العالم عن الأمم المتحده كمنظمة عالميه لحفظ السلام وإضفاء الشرعية الدولية على اى قرارات تتبناها الدول ، وعلى مدار هذه الدورات شهدت ألأمم المتحده تحديات ومواقف كثيره عكست ماهية النظام الدولى وطبيعة الصراعات الدولية ، ولقد تزامنت نشأة الأمم المتحده مع بروز ثنائية النظام الدولى والحرب البارده بين القطبين ألأمريكى والسوفيتى والذى إنعكس على عدد المرات التي لجأت فيها كل منهما لحق النقض في مجلس الأمن ولما لذلك من إنعكاسات على دور الأمم المتحده ،ثم مرحلة القطبية الواحده التي بدأت مع إنهيار الإتحاد السوفيتى عام 19991 والتي إستمرت ليومنا هذا لتدخل مرحلة ثالثه من الصراع بين الولايات المتحده والصين وروسيا والدعوة لنظام تسوده القطبية التعددية ، وبروز دور التكتلات الدولية مثل البريكس وقمة العشرين. ورغم زيادة ألأزمات الدولية ما زالت الأمم المتحده قائمه فالبديل وهو الحرب الكونية الثالثه قد يعنى نهاية للبشرية .ولا شك ان لقاءات قادة العالم تحت ما يعرف اللقاءات الدبلوماسية السريعة تساهم في لقاءات ثنائية بين قادة العالم بهدف الوصول إلى تفاهمات ثنائية بينها. ومن المفارقات التي شهدتها دورات اللجمعية انها كانت فرصة لبعض القاده ليعبروا عن مواقف بلادهم ويتجاوزوا المسموح لهم في حدود إل 15 دقيقه لكل رئيس، فرأينا من ابرز هذه المشاهد ما قالته الناشطه البيئية السويدية غريتا تونبرغ وكان عمرها 16 عاما مخاطبة قادة العالم: لقد سرقتم أحلامى وطفولتى بكلامكم الفارغ كيف تجرؤون. وما قاله الرئيس ترامب عن زعيم كوريا الشماليه جونغ أون الرجل الصاروخي في مهمة إنتحاريه لنفسه.وما قاله الزعيم الليبى في دورة 2009 والى أستغرقت كلمته اكثر من ساعة ونصف مما دفع عدد من المندوبين للخروج : وأتهم فيه الدول الكبرى بخيانة مبادئ ميثاق الأمم المتحده قبل ان يقوم بإلقاء نسخة من الميثاق على الألرض. ومن قبله أستغرقت كلمة الزعيم الكوبى كاسترو أربعة ساعة ونصف في دورة 1960,وما قاله الرئيس الفنزويلي هو غو شوفيز في دورة 2006 واصفا الرئيس الأمريكي جورج بوش بأنه الشيطان. ولا ننسى في أزمة العدوان الثلاثى كيف رفع الرئيس السوفيتى خروشوف حذائه لتعرف يومها بدبلوماسية الحذاء.وكما وصف ريتشارد غوان من مجموعة ألأزمات الدولية خطابات القادة مطوله وممله وعديمة القيمة.وأن القادة لا يسمعون لخطابات بعضهم. رغم كل ذلك تبقى الأمم المتحده وعبر الجمعية العامة الهيئة العالمية الوحيده التى يلتقى من خلالها هذا العدد من القاده في سبتمبرمن كل عام. وتستمد أهميتها من أهمية ومكانة الجمعية العامة التي من حقها مناقشة كل القضايا الدولية , وفى هذه الدورة تتعدد الملفات من التغير المناخى والفقر والتنمية المستدامة والصحة والمياه النظيفة والتعليم ومناقشة قضايا السلام والأمن. إلى جانب وظيفة الجمعية في تعيين الأعضاء الغير دائمين لمجلس الأمن وأعضاء المجلس الإقتصادى والإجتماعى والمشاركة مع مجلس ألأمن في إختيار قضاة المحكمة الدولية. ومساءلة أعضاء مجلس الأمن عن كثرة إستخدام حق النقض. وكما حدد رئيس الدورة الحالية دينيس فرانسيس أن أهم الملفات السلام والتنمية المستدامة وسيعقد لهذا الغرض مؤتمران واحد للتنمية المستدامة والثانى للمناخ.وهدف هذه الدورة تنفيذ ألأهداف إل 17 للتنمية المستدامة لعام 2030والتى عرقلت تنفيذها ألأزمات المناخية والحرب ألأوكرانية ووباء الكورونا.ومناقشة خطة ألأمين العام بتخصيص 500 مليار دولار سنويا حتى 2030. ورغم هذه الطموحات تبقى قدرة الأمم المتحده ودورها مرهونا بإرادة الدول الأعضاء وخصوصا أعضاء مجلس الأمن الخمس الدائمين والذين يحتكرون حق النقض، فهى ليست حكومة تعلو حكومات الدول الوطنية ، وبقدر مساهمة الدول في موازنات الأمم المتحده وخصوصا كدول مثل الولايات المتحده والدول الغنية .ويبقى تحدى السلام في أوكرانيا ووقف هذه الحرب والسلام في فلسطين من اهم التحديات التي تواجه ألأمم المتحده. وهنا تعلو ألصوات لإصلاحات في بنية ودور الأمم المتحدع وتوسيع صلاحياتها وزيادة أعضاء مجاس الأمن الدائمين. وتبقى الإصلاحات دعوة للمثالية في عالم تحكمه القوة ومصالح الدول .

دكتور ناجى صادق شراب [email protected]

2023-09-24