مجد طميزة
شابٌ فِلسطيني بقبعة رمادية و وجهٍ أسمر ،محاطٌ بهالة من القوة ،تَحجب الوجع الذي استوطن جَسدهُ الفتي ، مُحمد حسن يظهر بملامحه الحادة ، و عينيه الفائضتنان بمزيج من الامل والوجع قابلته للمرة الأولى في بيت صديقه الشهيد عُمر مناع ، الواقع في مُخيم الدهيشة جَنوبَ بَيت لَحم كنا على موعدٍ من اجل مقابلة مُصورة للفيلم الوثائقي الذي اعمل على انجازه ،، للوهلة الاولى بدا محمد مُبتسماً رَد التحية التي القيتها بان اجبر نَفسهُ على الوُقوف احتراماً، رُغماً عن اصابته التي لم أَكن اعرف عنها ،بادرت بالسؤال عن عُمر وراح يحكي عن ما حَدث بوجع صريح ،حاول جاهداً كبحَ العبرات و تَغلب عليها رُغماً عن أَنفها ،كابد نفسهُ ليحكي لنا عن صديق طفولته ، وَقَف في المكان الذي عَبر عنهُ الموت وتَركه فيه مَرتين وَحيداً ،رفقة دَمه الذي امتزج بدَم رفاقه ، وَقف مُستجمعاً قوة الكون كلها مُحاولاً اكمال المقابلة .. مُحمد أُصيبَ للمرةِ الأولى في المواجهات التي اعتاد مُخيم الدهيشة على خوض غِمارها ،وقَبل ان يُتم شفائه تلقى رصاصة اصابت قَدمهُ الاخرى اثناء محاولتهِ انتشال صديقه الذي فَقد روحه على ابواب المخيم ، وكانت من نوع دُمدم اذ يُعرف هذا النوع من الرصاص بِقدرته على التفجر داخل الجَسد ،وتدمير الجزء المُصاب ، وبالرغم من وضعه الصحي الحَرج ،إلا انه يُصرُ على مواجهة الحياة ، يَدرس محمد ادارة الاعمال في جامعة فِلسطين الاهلية مُتمسكاً بخيط الشَمس الذي استلهُ من انياب الموت والاحتلال وامامَ مُحمد وجدت ان ملايين الاسئلة فرضت نفسها لكن دون إجابة حقيقة واحدة ، مُحمد واحد من عَشرات الجرحى والمُصابين الذين تَرك الاحتلال بصماته النازية على حياتهم ،ولم نَسمع بهم لماذا لم نَسمع بهم !؟
وإن سمعنا ؟ما الذي يُمكِنُ فِعله ! وكيف ،ومن المسؤل ! ماذا عن العلاج ؟ وتكاليفه التي تقسو الظهر ! ماذا بَعد ؟ ما الذي فعلناه نَحن امام الفِعل الحُر ؟ ما الذي نُحاول فعلهُ امام جُرأة ما فعلوه ؟ هل سنَظَلُ نَصوم عن الكلام ! نَحن الذين لا نَملك أوتار حناجرنا ! مُحمد حَمل رجليه في رحلة بَحثه عن الشَمس و نَحن ؟