انا على يقين بأن العدوان الغير مسبوق وتكالب قوى الشر على غزة بعد إبادة الالاف من الفلسطينين و في مذبحة جماعية هي الفريدة من نوعها عبر تاريخ إحتلال فلسطين والتي دعمتها القوى الإمبريالية هذه المرة بشكل علني وفوري هو بمثابة لحظة تاريخية فارقة ، نعم لم ينتهي العدوان على غزة ولكن المقاومة أنتصرت كمعادلة هنا ، ومهما كانت الضريبة فهو الأستثناء بين دبابة محتل وبين بندقية ثائر، وبالأيمان وحده يقاوم الفلسطينيين من أغتصب أرضهم فأنتصروا وسينتصروا امام كل هذه التحالفات العظمى العملاقة رغم حجم البندقية وغصن زيتون الفلسطيني لكي يجلو آخر صهيوني من على الأرض ، وفي هذه الإبادة لم ينكشف وجه الغرب القبيح فحسب بل كشفت وجوه "العربي المتخاذل" ووجه المتواطئ والمتصهين معا ، وما كان مؤلما هنا هو أن يكون الإنسان الغربي أكثر نخوة لنصرة أهل غزة تنديدا وتظاهرا ضد المحتل وداعميه بينما أكتفينا نحن على مشاهدة برك الدم والجثث من خلف الشاسات وتوارينا بعيدا عن الساحات والميادين الا القليل من رحم الله في الأمة .
أيها القارئ العزيز فأسمحلي هنا أن أقدم وجة النظر حول مسببات الصمت العربي وانا أشعر بالخجل من هذا التخاذل المؤسف ، فصمتنا نحن العرب نحو القضية تحصيل حاصل وهذا الضعف العربي والشعبوي تحديدا ما كان ليتحقق لولا ما صنعته قوى الأستعمار الغربي بقيادة مملكة العجوز (بريطانيا) في تحويل الشعوب العربية كافواة تأكل ولاتنتج ، ومن ثم عقول تسرح ولا تفكر وأجيال تتعلم ولكنها لاتبدع وعلماء ذوات مخرجات علمية ولكنها مكبوتة فكريا ، ومثقفين نسخ ولصق ، وإعلام /صحافة للتجهيل وفنون منحطة , والثقافة أصبحت معلبة ولاتقوم سوى على نشر وطباعة الكتب التي لاتعني بالمعرفة شيئا ، بل وصل البعض منها للتفاهة والخوى في مختلف المجالات ، فتقوم الأنظمة بمنح الغذاء والماء مقابل حرية الفكر والتعبير وهذا ما ساعد على عسكرة الدولة وتعميق الفوبيا الأمنية ومن ثم تعزيز القمع والسوط الأمني ، بدء من نشر التخلف وتوظيف الدين في خدمة السياسة ومن ثم أشغال الأجيال والأطفال بالتكنولوجيا السلبية والعمل على غرس المناهج التعليمية البسيطة والمحدودة التي يذهب من خلالها الطالب كل صباح ليلقنها له المعلم من الكتب حتى يبلغ الثانوية العامة ويجتهد ليقدم أمتحانات من داخل صندوق المناهج ويمتحنها بعد إعادة تدويرها ليحصل على علامة جيدة أو ممتازة لتؤهله إلى كلية الطب أو الهندسة مثالا ويستمر داخل نفس الحلقة تلقين من ثم تخزين للمعلومة ويسلمها للعقل دون تفاعل فقط "الحفظ"حتى موعد التخرج ، كما أن أستيراد المخدرات والمؤثرات العقلية ونشرها داخل المجتمعات العربية كان لها الآثر الأكبر في خنق الصوت العربي الحر والعمل على تشتيت العقل والذهن لكي يتوقف الإبداع والفكر والتقدم الثقافي حتى لا يكون هتاك صحوة وروح ثائرة ضد فضائع وجرائم وسرق الثروات التي تقوم بها قوى الأستعمار في دولنا ، فلقد ساعدت القوى الغربية والمهيمنة على صناعة وبرمجة الشعب العربي ثقافيا وعلميا وفكريا وماوصل إليه اليوم من أنكسار وضعف..
كان ذلك كله بدعم الدبابة الغربية ولقد حكموا المنطقة بصورة مثالية ونجحوا، فقبل أن أختم هذا المقال أقولها بصرخة عربي وبقلم عربيا حالم لن نفلح في شيئا نحن معشر العرب بدون الثقافة وتعميق الوعي في مجتمعاتنا وبهذا سيعود العرب للمجد والقوة حينها فقط يستطيع العالم العربي أن ينطق الحق ويقف ضد الظلم والطغيان ويواجه بقوة وأيمان لرفعة العدل والحق والكرامة ، وحينها فقط سيكون قادرا على تحمل كلفة الدم والروح .
اما الآن ناموا وقبل النوم عليكم أن تنجبوا جيلا لا أقول ثوريا أو قساميا بل قارئا ، قارئا لكي يعرف من أين يبدأ الطريق إلى الحرية والكفاح.
سمير الهنائي-كاتب عماني