السبت 15/9/1446 هـ الموافق 15/03/2025 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الروابط المغربية الإسرائيلية بين الماضي والحاضر....كمال ازنيدر

الروابط المغربية الإسرائيلية هي ليست بالروابط الحديثة العهد. فهذه الروابط كانت دائما قائمة منذ خمسينيات القرن الماضي ولم تعرف القطيعة يوما، لكنها كانت في معظم الأوقات روابط ذات طابع سري، تمارس من قبل الخونة "أعداء الداخل" بعيدا عن أعين الحكام المغاربة ووزرائهم وكبار مسئوليهم المعروفين بمعاداتهم للصهيونية ورفضهم لإقامة علاقات مع المحتل الصهيوني. فمباشرة بعد الإعلان عن إنشاء إسرائيل في 14 ماي 1948، قام الملك المغربي بإعطاء تعليمات لليهود المغاربة بعدم الدخول في علاقات مع الدولة اليهودية الجديدة. وبعد الاستقلال، أصدر قوانين تجرم الصهيونية والتعامل مع الكيان الصهيوني وأمر المسؤولين الأمنيين بالقيام بترتيبات أمنية تقيد حق الساكنة اليهودية في السفر وتضع حدا لهجرتهم إلى إسرائيل التي كان مسموحا بها في عهد الحماية الفرنسية. لكن بالرغم من هذا كله، تمكن صهاينة المغرب من تنظيم رحلات سرية وتهجير العديد من اليهود المغاربة إلى الأراضي الإسرائيلية بمساعدة من خونة الداخل... وتعد هذه المساعدات أول تعاون بين هؤلاء الخونة والكيان الصهيوني في مغرب ما بعد الاستقلال. ففرنسا الاستعمارية كانت منقسمة بين فرنسيين - مسؤولين وسياسيين ومواطنين عاديين - حاملين لأفكار إنسانية ومناهضين للاستعمار الفرنسي وللإمبريالية الفرنسية والغربية بشكل عام وآخرين إمبرياليين وعنصريين إسلاموفوبيين حتى النخاع، مناهضين للحركات التحررية بداخل المستعمرات الفرنسية. وهؤلاء لم يعطوا الضوء الأخضر لترحيل قواتهم ومختلف مصالحهم الإدارية من المغرب إلا بعد أن تيقنوا من أنهم زرعوا في مناصب القرار بداخل الإدارة المغربية ومختلف أجهزتها الأمنية والاستخباراتية عملاء لهم سيعملون على تضليل ملك البلاد وعرقلة مشاريعه التنموية وتوجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية وكذا الثقافية والدينية والتعليمية للمغرب وفقا لمصالحهم الإمبريالية. ناهيك عن محاربتهم للوطنيين من الموظفين المغاربة الذين يرفضون الفساد والمحسوبية والزبونية ويتفانون في خدمة المصالح المغربية وتحقيق ازدهار المغرب ورفاهية الشعب المغربي وإقصائهم من مناصب المسؤولية ومراكز صنع القرار ونهج سياسات توظيفية تسد أبواب الإدارة وبقية المصالح العمومية في وجه الشباب المغاربة الحاملين لأفكار معادية للصهيونية والإمبريالية الغربية. هؤلاء العملاء كان تعاملهم الأساسي مع الجناح الإمبريالي بداخل فرنسا المناهض لتوجهات "فرنسا الإنسانية" وجناحها الرافض للتدخل الفرنسي في الشؤون الداخلية لمستعمراتها السابقة. كانوا يتعاونون معه أمنيا واستخباراتيا. وكانوا كذلك يسهرون على منح الصفقات العمومية في مختلف المجالات (الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، العلمية، الفنية، الرياضية، العسكرية، الأمنية والمخابراتية) لشركاته ومؤسساته الفرنسية، مقابل رشاوى لا تحصى ولا تعد : تحويلات بنكية، شقق وأراضي، سيارات فاخرة، رحلات وأسفار، وامتيازات أخرى. وفي إطار تعاملهم مع "فرنسا الإمبريالية"، كانوا بين الفينة والأخرى يتعاونون مع المسئولين الإسرائيليين بطلب من أولياء نعمتهم الفرنسيين. فالإمبرياليين الفرنسيين والصهاينة الإسرائيليين كانت لهم أهداف مشتركة من بينها : • عرقلة نمو المغرب وبقية بلدان العالم الإسلامي ؛ • خلق الفتنة بين مختلف الشعوب المسلمة ودفعها إلى مصارعة ومحاربة بعضها البعض ؛ • استيلاب المسلمين فكريا وثقافيا بسياسات إعلامية تمكن من غربنة وصهينة المجتمعات الإسلامية وتسفيه وتخريب عقول ساكنتها ؛ • تضبيع الشباب المسلم بنهج سياسات أمنية تسمح بانتشار المخدرات والعقاقير المهلوسة بداخل أوساطهم ؛ • اضطهاد وتصفية اليساريين والإسلامويين الذين يروجون لأفكار تقدمية أو إصلاحية من شأنها النهوض بالعالم الإسلامي والخروج به من الظلمات إلى النور ؛ • دعم التيارات الدينية الرجعية والإرهابية التي تسببت أفكارها ومعتقداتها في اندحار المجتمعات الإسلامية وما وصلت إليه من تخلف وأزمة على جميع الأصعدة... في شتنبر من عام 1965، قام قادة مختلف الدول العربية بالاجتماع وعقد لقاءات سرية بإحدى الفنادق الفاخمة بالعاصمة الاقتصادية المغربية "الدار البيضاء". كانوا مرفوقين بكبار ضباطهم العسكريين ومسئوليهم الأمنيين والاستخباراتيين الذين ناقشوا معهم ترتيبات استعداداتهم للحرب ضد إسرائيل. وبعد نهاية هذا اللقاء، قام عملاء فرنسا الإمبريالية بمد المخابرات الإسرائيلية بتسجيلات النقاشات والحوارات التي دارت بين القادة والمسئولين العرب. ووفقا لما كشف عنه شلومو جازيت الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس قسم تقييم المعلومات في جيش الدفاع الإسرائيلي "تساهل"، لعبت هذه التسجيلات - ومعلومات قيمة أخرى سيتحصلون عليها من أعوانهم المغاربة - دورا محوريا كبيرا في انتصار القوات الإسرائيلية على الجيوش العربية خلال حرب الأيام الستة في عام 1967. ووصف مائير عاميت، المدير العام للموساد للاستخبارات والمهام الخاصة في ذلك العهد، في مذكرة بعثها إلى ليفي أشكول "رئيس الوزراء لإسرائيل" آنذاك، هذا التعاون المخابراتي المغربي الإسرائيلي بأنه "واحدة من أعظم وأمجد إنجازات المخابرات الإسرائيلية". فهذا التعاون المشترك بينهما لم يمكن فقط إسرائيل من الانتصار في حرب الستة أيام بل كذلك بفضله تمكنت من زرع الشقاق والانقسام في صفوف قادة الدول العربية الإسلامية وجعلتهم يشككون ببعضهم البعض. وللإشارة هنا، تعاون خونة الداخل مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية تضررت منه كثيرا سمعة النظام المغربي الذي أصبح ينظر إليه من قبل بعض الأنظمة العربية والمنظمات التحررية الفلسطينية كخائن وعميل لقوى الصهيونية. قادة هذه الأنظمة والمنظمات أصبحوا يعدون المغرب عدوا لهم، وكان لموقفهم هذا انعكاسات سلبية خطيرة على القضية الصحراوية التي تبنوا بخصوصها مواقف وسياسات داعمة للبوليساريو ومعادية للوحدة الترابية المغربية. وبالمقابل وكرد على المعلومات الثمينة المتحصل عليها من قبل النظام الإسرائيلي، قامت الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية بمد الخونة المغاربة بمعلومات حول تحركات وتنقلات المهدي بن بركة، المعروف بمعاداته للصهيونية والإمبريالية الغربية وكذا بوطنيته الشديدة وتعطشه القوي لرؤية المغرب دولة متقدمة ورائدة في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مكنتهم من اختطافه بباريس وقتله بمساعدة أعضاء من المخابرات الفرنسية. وبعد هذا بسنوات قليلة أشار هؤلاء العملاء على حاكم البلاد بقبول التصور الإمبريالي الفرنسي لمنطقة شمال أفريقيا وبالتخلي عن رغبة المملكة المغربية في استعادة أراضيها الموريتانية والاعتراف رسميا بموريتانيا، وهو القرار الذي لم يتقبله الشارع المغربي والأحزاب الوطنية المغربية - وعلى رأسها حزب الاستقلال - والذي سيتسبب في حدوث انشقاقات داخلية بداخل صفوف القوات المسلحة الملكية نتج عنها محاولتين انقلابيتين : الأولى في عام 1971 والثانية في عام 1972. كما أشاروا عليه فيما بعد بقبول المقترح الفرنسي القاضي بتقسيم أراضي الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا. وهو الأمر الذي لم يتقبله المقاومون الصحراويون الذين لم يكونوا في بداياتهم انفصاليين. فأعضاء جبهة البوليساريو لم تكن لهم في البداية أية نوايا انفصالية، بل كانوا أعضاء في منظمة مسلحة حاربت الاستعمار، يقودها صحراويون معروفون بولائهم التام والشديد للمغرب. جميع هؤلاء الصحراويون كانوا أعضاء في "حركة تحرير الصحراء"، التي أنشأها وقادها محمد البصيري، الذي دافع عن الهوية المغربية للصحراء. لكن ما تم قبوله من قبل العاهل المغربي كان بمثابة صدمة لهم تسببت في قطع علاقاتهم بالمغرب. فبسبب هذا القبول، شعر المغاربة الصحراويون الذين تم التخلي عنهم لصالح موريتانيا بالإهانة والإذلال. كان هذا القرار بمثابة ضربة قاسية وخيانة كبرى بالنسبة لهم. وهؤلاء هم الذين شكلوا النواة الأولى لانفصاليي البوليساريو، الذين سيحملون السلاح لاستعادة أراضيهم وتحريرها من المغرب وموريتانيا وتوحيد وجمع شتات الصحراويين في دولة واحدة، الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وفي عام 1984، قام هؤلاء العملاء بتضليل المغاربة - شعبا ونظاما - وأوهموهم أن عملية بناء وتجهيز جدار الصحراء ستسهر عليها شركات فرنسية وأمريكية متخصصة في مجال الاستخبارات والصناعة العسكرية. لكن في واقع الأمر الشركات وخبراؤها العسكريون والاستخباراتيون لم يكونوا أمريكيين بل كانوا إسرائيليين حاملين لجنسيات مزدوجة أمريكية إسرائيلية. مقر شركاتهم الأصلي كان بإسرائيل ولعقد صفقات مع الأنظمة العربية التي تمنع قوانينها التعامل مع شركات ومؤسسات الكيان الصهيوني كانوا يخلقون شركات صورية أو وهمية حاملة لجنسيات غير إسرائيلية. والأمر هذا لم يبقى منحصرا في صفقات بناء وتجهيز جدار الصحراء بل كذلك شمل فيما بعد - وربما حتى فيما قبل - صفقات عديدة في مجالات الصناعة العسكرية وتكنولوجيا المراقبة والتجسس وكذا مجالات أخرى كتقنيات الري وزراعة الأسمدة وتجارة التمور، إلى آخره. فبواسطة الشركات الصورية أو الوهمية التي كانت تحدثها، تمكنت شركات ومؤسسات الكيان الصهيوني من الحصول على عقود صفقات عمومية بداخل المغرب وغيره من البلدان التي تمنع وتجرم التعامل مع الشركات والمؤسسات الإسرائيلية. وفي التسعينيات كانوا هم المهندسين الأساسيين لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين المغرب وإسرائيل في عام 1996، كما كانوا قبل هذا التاريخ هم العقل المدبر والأيادي المسيرة لعلاقات مغربية إسرائيلية قوية لم تكن معلنة وكانت حبيسة السر. وبعد وفاة الحسن الثاني وطرد إدريس البصري، شكلوا معارضة داخلية بداخل النظام المغربي عارضت قرار الملك الجديد بقطع العلاقات المغربية الإسرائيلية في عام 2000 واستمرت في نسج علاقة سرية متينة مع الكيان الصهيوني وفي تمكين شركاته الصورية أو الوهمية من الفوز بصفقات عمومية "خاصة في مجال تكنولوجيا التجسس" بداخل المغرب. كما كانوا كذلك من بين أشد المعارضين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة ولكل التوجهات والمخططات والسياسات الإصلاحية التي كان يعتزم القيام بها الملك الجديد للنهوض بالمغرب والدفع به نحو الأمام. فهذا الملك قام بإنشاء العديد من الأوراش وتدشين العديد من المشاريع، قاموا بإعاقة تنفيذها. وأعطى مجموعة من التوصيات والتعليمات، عرقلوا بلورتها على أرض الواقع. حتى في مجال الحريات وحقوق الإنسان، أوصى بألا تتم متابعة المعارضين الذين ينتقدونه، يهاجمونه أو يسيئون إليه، لكنهم لم يحترموا تعليماته الملكية. وفي عام 2011، لم يمتلكوا سلطة تشتيت مظاهرات حركة 20 فبراير بشكل مباشر، فأرسلوا لهم جماعات بلطجية ليرموهم بالبيض ويتربصوا بقياداتهم في الشارع. وعلى الإنترنيت، خلقوا تنظيمات افتراضية تستعمل العديد من الحسابات الوهمية والصفحات والمجموعات لمهاجمة المعارضين والمحتجين المغاربة : حراك الريف، الطلبة والدكاترة المعطلين، المعلمين والأساتذة الرافضين للتعاقد، المضربين من طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، إلى آخره. ومن السمات البارزة لجيوشهم الإلكترونية أو ذبابهم الإلكتروني بتعبير آخر : • الدفاع عن تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية ؛ • الثناء على إسرائيل ووصفها بالحليف الاستراتيجي الوفي والمهم الذي مكن الجيش المغربي من سحق ميليشيات البوليساريو ؛ • مهاجمة المدافعين عن القضية الفلسطينية ؛ • شيطنة الشعب الفلسطيني واتهامه بالشعب المعادي للوحدة الترابية المغربية ؛ • شيطنة التنظيمات المدافعة عن الفلسطينيين - وعلى رأسها حزب فرنسا الأبية - واتهامها بدعم البوليساريو ؛ • احتقار الشعب الجزائري والسخرية من تاريخه وثقافته ؛ • انتقاد المسؤولين والمستثمرين المغاربة الذين يقومون بدعوة جزائريين وفلسطينيين لحضور أنشطة ثقافية، فنية وفكرية، مقامة بالمغرب، والتشكيك في وطنيتهم والدعوة إلى عزلهم من مناصبهم ؛ • العمل على نشر كراهية الجزائر وشعبها الجزائري بداخل الأوساط المغربية ؛ • مهاجمة المغاربة الرافضين لمقاطعة أشقائهم الجزائريين والاستهزاء من أفكارهم وشعاراتهم الوحدوية وعلى رأسها شعار "خاوة خاوة" ؛ • تكفير اليساريين ووصفهم بأعداء الأمة والدين ؛ • اتهام المعارضين والمحتجين بخيانة الوطن وبالعمالة للجزائر ؛ • استعمال ألفاظ قبيحة لشتم المعارضة ؛ • ممارسة الترهيب في حق الحركات الاحتجاجية وتنظيمات المعارضين وتهديدهم بالسجن والتعذيب والقتل أو بسحب الجنسية المغربية منهم... وهذه كلها سلوكيات همجية وإرهابية تذكرنا بالمغرب في عهد سنوات الجمر والرصاص وتؤكد صحة ما صرح به في عام 2013 الجنرال الإسرائيلي المتقاعد عاموس يادلين "الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (آمان)" بخصوص نجاح الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية في اختراق المغرب بشكل يجعلها قادرة على التأثير في قراراته وتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقا لاحتياجات إسرائيل. فالمغاربة - طبقاتهم الشعبية والحاكمة - شعب معادي للصهيونية مثله مثل باقي الشعوب المسلمة. فالمجتمعات السنية وكذا الشيعية هي مجتمعات لا تعترف بتاتا بالكيان الصهيوني. لكن إلى جانب هؤلاء، هناك بداخل المغرب وكذا ببقية البلدان الإسلامية، أشخاص ما هم لا سنيين ولا شيعيين، منهم من يشغل مناصب إدارية سامية تمنحه سلطات وصلاحيات واسعة تجعله قادرا على التأثير بشكل كبير في السير العام للمؤسسات العمومية بداخل بلده. البعض من هؤلاء يدينون بديانات أو معتقدات غير إسلامية : منهم من هو يهودي، ومنهم من هو مسيحي، ملحد، ربوبي، لاأدري أو بودي. ومن بين هؤلاء المغاربة غير المسلمين، هناك من هم صهاينة وهناك من هم معادون للصهيونية كما منهم من هم معادون للإمبريالية الفرنسية والغربية بشكل عام ومنهم من هم موالين لهذه الإمبرياليات. إلى جانبهم، نجد مسلمين قرآنيين وأحرار، فيهم هم كذلك من هو معادي للصهيونية ومن هو مناصر لها ومن هو مناهض للامبريالية ومن هو خادم لها. والبعض الآخر، مهرطقون مسلمون يؤمنون بمعتقدات وأفكار بعيدة كثيرا عن الأرثوذكسية الإسلامية (وجوب ثلاث صلوات في اليوم لا خمسة، اللغة الأصلية للقرآن هي الأرامية والنسخ العربية المتوفرة لدينا اليوم هي نسخ محرفة، نبي الإسلام عاش بالقدس وضواحيها ولم تطأ أقدامه الحجاز أبدا...)، صنعتها لوبيات الصهيونية بالغرب للدفاع عن الصهيونية بمرجعية وخلفية إسلامية. وهؤلاء يشكلون اليوم مع بعض الشخصيات السلفية التي تخدم أجندات الولايات المتحدة الأمريكية ما يمكن تسميته "الصهيونية الإسلامية". هؤلاء المهرطقون وبقية صهاينة المغرب هم في العموم أشخاص ينحدرون من تجمعات قبلية وأوساط عائلية معروفة بعنصريتها وكراهيتها الشديدة للعرب، وكذا بإسلاموفوبية بعض مكوناتها واصطفافهم المرضي ضد كل القضايا الإسلامية، والباقي أبناء وأقارب لوزراء وكبار مسئولين ورجال أعمال مغاربة درسوا خارج المغرب أو بجامعة الأخوين ومدارس عليا بداخل المغرب، تكاليف الدراسة فيها باهظة جدا. وبعد نهاية دراستهم تم توظيفهم بالإدارة المغربية في مناصب عليا غالبا بشكل مباشر بدون إجراء أي اختبار عمومي. بالخارج، تم تجنيدهم من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيلية "وهناك من تم تجنيده بداخل الأراضي المغربية". وبمجرد أن عينوا بمختلف أسلاك الوظيفة العمومية بالمغرب، ورثوا مناصب أبائهم وأقاربهم. أداروا ظهورهم لإمبرياليي فرنسا الذين أصبحوا دمية بيد لوبيات الصهيونية، تتحكم فيهم كيفما شاءت، وفضلوا التعامل مباشرة مع اللوبي الصهيوني الذي يدفع لهم رشاوى قيمتها أكبر بكثير مما تدفعه عادة الشركات والمؤسسات الفرنسية. وهذا ما يفسر التصدعات التي عرفتها مؤخرا العلاقات المغربية الفرنسية. قاموا مؤخرا بالتجسس على شخصيات فرنسية عديدة من بينها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكذا بالتجسس على مغاربة بالمهجر - وأيضا بالمغرب - معادين للصهيونية. وليس مستبعدا بالمرة، بل هذه هي الفرضية الأقرب للصواب، استعملوا تقنيات التجسس التي يمتلكونها للتجسس على الجناح المعادي للصهيونية بداخل الإدارة والحكومة المغربية وتجميع معلومات حول مختلف مكوناته تمكنهم من ابتزازهم وإجبارهم على قبول تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية وتقديم خدمات خسيسة لإسرائيل... فمع هؤلاء الفيروسات القذرة، كل فعل خبيث ممكن.

كمال ازنيدر كاتب مغربي وباحث في الأداء السياسي والمؤسساتي مقيم بفرنسا

2024-07-14