سمعتُ أحدًا ينتقد فكرة تكرار التسابيح والأذكار على السبحة، انا أذكر الله بقلبي ولكن ماذا سأستفيد من مجرد تكرار بعض كلمات؟!
جعلني هذا التساؤل أفكر هل حقًّا لا فائدة من تكرار الأذكار؟ وإن كان كذلك فلماذا ورد العديد من الأذكار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ كما ورد عن الصحابة فعل هذا دون أن ينكر عليهم -صلى الله عليه وسلم-؟! الأحرى أنه كان سيخبرهم أن لا فائدة من ذلك وإنما الفائدة فقط في استحضار ذكر الله بالقلب.
إلى أن لفت انتباهي أمر بسيط ذات يوم، في التمارين الرياضية يخبرك المدرب دائما بتكرار حركات معينة بعدد محدد من المرات، لماذا؟! لغرض تدريب عضلة معينة، ليس مجرد فهم التقنية ولكن تكرار الحركات بعدد معين، بنفس المنطق أستطيع فهم المغزى من تكرار الأذكار لعدد معين، وهو تدريب عضلة القلب وعضلة العقل وعضلة اللسان على دوام ذكر الله واستحضار معيته ورؤية آثار صفاته، حتى إذا غفلت في لحظة ما عن ذكر الله بقلبك ستجد لسانك ينطق بما تعود عليه من ذكر فيوقظ القلب من الغفلة، وهكذا ستعمل كل العضلات التي قمت بتدريبها على تكملة بعضها البعض.
رُوِيَ أن أعرابيًّا أتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فَمُرْنِي بِأَمْرٍ أَتَثَبَّتُ بِهِ، فَقَالَ: "لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ".⑴
لم يقل قلبك، وإنما قال لسانك، فاللسان يذكر الله حتى وإن لم يستحضر القلب في كل وقت، وذلك حتى لا يترك العبد ذكر الله أبدا.
⑴ مُسند الإمام أحمد.
----------------------
مروة عبيد