الثلاثاء 11/4/1446 هـ الموافق 15/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ناجاً من الطوفان سيروي الحقيقة ! ....أ. علم الدين ديب

تكاد أن تفيض عيناك دمعاً عندما تتخيل تلك الحياة قبل ذلك الطوفان الذي أغرق شعب بأكمله، تتذكر تلك الأيام التي كنت تمارس فيها حياتك التي كافحت لأجلها سنوات، قضيت ساعات من التعب والجهد يومياً وصولاً إلى حلم صناعة الذات وفي لحظة لا تدركها ولم تتوقعها مُطلَقاً سرعان ما تنصهر تلك الأيام وتذوب اسرع من ذوبان الثلج في المياه. عندما تتجول بمخيلتك تلك الأيام التي تعيشها تدرك بأن قدرتك على التجاوز والتأقلم أعلى مما كنت تتخيل وأن الله مدنا بطاقة التحمل وتقول في حقك ذاتك يومياً "أنا خارق" رغم قلة الإمكانيات المتاحة ورغم تسارع المتطلبات مع فرق المعطيات ولكن مازلنا على قيد الحياة. نشتاق لشوارع تلك المدينة الجميلة التي ترعرعنا فيها وكبرنا بين أزقتها، خان يونس كما مُدن غزة التي يروى لك كل حجر بيت فيها قصة عشق من الطفولة حتى الشيخوخة بينهما سنوات مليئة بالنضال والعطاء، وبين صراع الحرب والحب نعيش الواقع المرير الذي نُجسد خلاله أسمى معاني الصمود والتحدي في وجه طغيان عدوٍ دمر الحجر وقطع الشجر وقتل الطفل قبل الشيخ وهدم المسجد والمدرسة. وفي ظل تلك التجربة المريرة اعتقد بأن الصورة باتت واضحة بأن المخطط أقوى من تصريحات بعضهم وأن الهدف ليس حزب أو فصيل بذاته بل هو مشروع يقود للتغيير الإستراتيجي في كامل المنطقة، بناء على ما ذُكر ولما جرى بنا فإنه يجب عليك أيها المحاور المفاوض المستريح على أريكة احدى الفنادق أو الخنادق أن تحافظ على ما تبقى من هذا الشعب المكلوم صاحب الصوت المُهمَّش، الذي يقضى جُلَّ أيامه تنقلاً من مكان للآخر نازحاً، باحثاً عن أمانٍ علَّه يجده، باذلاً كل ما يَملك، مُضحياً بأبناءه وبناته، وإننا أيها المفاوض لا نأمرك بمخالفة أمر الله ولكن نطالبك بأعمال القاعدة الفقهية : درءُ المفاسد أولى من جلب المصالح. نسأل الله أن يسلم اهلنا وشعبنا ويلات تلك الحرب الضروس وأن يعيد المشردين إلى بيوتهم وأن تُخمد نيران تلك المعركة ليتبقى هناك ناجياً من الطوفان يروي حقيقة تلك الأيام قبل أن يُزَيف التاريخ.

2024-09-10