الثلاثاء 11/4/1446 هـ الموافق 15/10/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قصة الأرواح البيضاء....منال بوشتاتي

ذكريات النسمة الباردة وألحان الطفولة البهية تتغنى بالليالي البيضاء؛كما يتغنى العصفور الجميل في الفضاء رقصة الزهور الوردية ترقص على أنغام قلبي الحزين لتذكرني بحقائق بين الوعي واللاوعي الشبح الأسود يطير ويخترق سقف الغرفة الزرقاء والحصان الأبيض يصهل في المطبخ؛ولا أحد يراه غيري وجدي على الحافة يحتضر ويودع الحياة بابتسامة بيضاء مزيج من الذكاء والغباء تمتزج فيه ألوان الأبيض والأسود ؛حينا تزورني السعادة كإلهام يفوح عطرا؛وحينا يدق ناقوس الخطر في قلبي؛فترعبني أصوات الرعب فلا أدري هل هي أصوات حقيقية أم من الخيال ؟ يؤلمني صوت الذكريات وأشعر بثمة كابوس يلاحقني من طفولتي إلى ربيع الشباب؛يا إلهي العظيم رأسي يوشك على الانفجار لاأتحمل عقد اللاشعور لأن الذكريات المؤلمة تطغى على كل الفصول المشرقة يغتالني سم الأفعى القاتلة في الزاوية المهجورة لأني في نظرها مجرد طفلة ضعيفة ولا أستطيع الدفاع عن نفسي؛أو ربما لأني أذكرها بأمي لذلك تكرهني إلا أني أحبها حبا بحجم السماء بالرغم أنها تعنفني بألفاظ قاسية وأحيانا تصفعني بلا شعور بدون سبب أوربما هي تعرف الأسباب بينما أنا لا أعرف سوى أنها صفعتني وطردتني ومنعتني من تناول وجبة الغذاء .

البخيل يعد الأموال وبعله الأفعى تحدجه بنظرات ثاقبة وفي نظراتها ألف سؤال؟تساءلت في أعماق روحي أين أبي؟ لم تركني هنا ؟ قاومت دموعي وفجأة أجهشت بالبكاء وبنبرات حزينة قلت أريد أبي؛عاقبتني الأفعى بقسوة ومن ثم أخذتني إلى مكانه وبينما هو في المحطة جالس في انتظار الحافلة فوجئ بصوت الأفعى تقول طفلتك المشاغبة أحدثت فوضى . نظر أبي إلى دموعي الغزيرة فسألني بحنان مستفيض مابك يا صغيرتي الجميلة؟ فقلت أريد البقاء بجوارك إلى الأبد يا أبي لا أريد البقاء مع هذه العجوز الشريرة .

ذكريات تترامى في شاشة اللاوعي ومن ألمعها ابتكار فاق سني وحكمة مستها يد الشيطان الأفواه تنطق بشرارة؛انظروا إلى تلك الصغيرة تتغنى شعرا وهي بالكاد تتهجى القراءة؛وتتعلم الكتابة ! كيف تستطيع قول هذه الكلمات المرصعة دون النظر إلى كتاب مكتوب؟ انظروا إلى تلك القاصة تحكي حكايات ما أحلاها هي مسكونة يعيشة قنديشة بسم الله الرحمن الرحيم يا لالة عيشة اقرئي حظي ........ كم هي جميلة لالة عائشة الصغيرة!!! انظروا إلى نظراتها الحكيمة وابتسامتها المشرقة( ساكناها عيشة الصغيورة )لا ساكناها عيشة مولات الواد أتى صوت الفيلسوف من خلف الجمهور صائحا أيها الحمقى تلك الصغيرة ؛ليست ممسوسة كل ما في الأمر عقلها أكبر من سنها... لم أنتم متجمهورن حولها كالمجانين؟دعوها تتنفس هي تكاد تختنق من روائح البخور نطقت فطومة الملقبة بشطا ماطة: البخور غذاء الجن ولالة عيشة ستنطق في الجسد لتخبرنا بكل شيء انفجر الفيلسوف غاضبا ومن ثم قال استغفري الله يا امرأة ؛ الطفلة تنطق حينا بافتراضات وحينا تنطق بقصص من الخيال؛وهذا خير دليل أنها موهوبة في سرد الحكايات ضحكت مينة ساخرة من الفيلسوف: يامعلم يقولون إن الطفلة وقعت في الواد المسكون؛فأنقدوا حياتها في الدقائق الأخيرة وعلاوة على ذلك رأيتها بأم عيني تأكل الفلفل الحار هي مسكونة ويسكنها حمو شارب دمو ها العار حرر أبناءنا من البطالة شبيك لبيك أخبار العالم بين يديك .

بلهجة عتاب قال الفيلسوف المسكينة وقعت في الواد ليلا فيما تعرضت لإنهيار عصبي بينما أنتم تأولون اضطرباتها العصبية إلى عالم الجن؛هي مجرد طفلة صغيرة بريئة من أقوالكم ......

الطفلة بين الوعي واللاوعي حينا تتحدث بعقول البالغين لأنها شديدة الذكاء؛وحينا تتحدث بعقول الصغار عارضت مينة أم حمودة كلامه:ماذا عن حركات يديها العجيبة؟ ألا تدل أنها ممسوسة لقد ترعرعت بين يدي فكل حركاتها توحي إلى أن الفتاة ممسوسة بجني أزرق. صاح بغضب وأسفي على عقولكم الصغيرة الطفلة حركاتها توحي إلى عالم الإراك الفلسفي كونها تتساءل ؟؟؟ إني أتوقع من حركاتها المعبرة بزوغ فيلسوفة صاعدة؛ستقتلون هذه الطفلة بعيونكم الحارة دعوها وشأنها أين ذهبت والدة هذه الطفلة؟ومن أتى بهذه المسكينة إلى هنا ؟ قاطعت مينة كلامه بضحكة ساخرة ومن ثم قالت: الطفلة تمشي حافية القدمين على طريق معبد بالأشواك ولاتشعر بالألم أبدا لأن الجن يتحمل حرارة الألم . رأيتها قبل قليل بعيني هاذوا ياكلهم الدود يا معلم انفجر الفيلسوف من فرط الغضب صائحا:لاحول وقوة إلا بالله العلي العظيم اختلط صوت الفيلسوف بأصوات الجهلة وفجأة وصلت أمي إلى المنطقة تجري فاختطفتني من وسط الزحام وضمتني إلى صدرها قبلتني وهي تبكي ومن ثم قالت:كنت أبحث عنك منذ ساعة من الزمن يا صغيرتي لا أدري متى خرجت من البيت وكيف وصلت إلى منطقة الفيلسوف ومن أتى بك إلى هنا؟ من خدش قدميك الصغيرتين؟ نطقت مينة بصوت مزعج :بخريها راها مسكونة ! مشت فوق الشوك وكانت فرحانة يا ختي مقتطف من مذكرات واقعية حقائق بين الوعي واللاوعي الجزء الثالث بتاريخ 2021

بقلم منال بوشتاتي

2024-09-18