أكد منتجون ومخرجون من اليمن وسوريا والسودان وغزة أن صناعة الأفلام في دول تشهد صراعات مسلحة وحروبا أمر مكلف للغاية وغير مضمون النتائج إلا أنهم يصرون في الوقت ذاته على عدم تخليهم عن قضايا بلادهم حتى وإن كان ذلك على حساب أحلامهم وطموحاتهم الشخصية.
وقالت المنتجة اليمنية آلاء عامر في جلسة نقاشية بمهرجان الجونة السينمائي بمصر عنوانها (السينما في وقت الصراعات) إن الوضع في اليمن غير مأمون لأن كل منطقة تخضع لسلطات مختلفة وعلى صناع الأفلام الحصول على موافقات عديدة بينما يمكن في النهاية إلغاء هذه الموافقات في دقيقة.
وأضافت أنه أثناء عملها على إنتاج الفيلم القصير (عبر الأزقة) تعرض مخرج الفيلم يوسف الصباحي وشقيقه للاعتقال وتوقف العمل لمدة أربعة أشهر لحين الحصول على الموافقات اللازمة من السلطات في صنعاء.
لكنها عادت لتؤكد أن هذه المعوقات وغيرها الكثير لن توقف صناع السينما في البلاد المنكوبة عن الحديث عن قضايا أوطانهم لأنه “إذا لم نفعل نحن ذلك فلن يفعله أحد آخر، نحن نشق الطريق بصعوبة لجعل القادم أسهل لنا وربما لتستفيد من ثمار هذا الأجيال التالية”.
وقالت آلاء إنه قبل اندلاع الصراع في اليمن عام 2014 كانت لديها طموحات أخرى في عمل أفلام عن قصص النساء اليمنيات وعادات الزفاف والكثير من الموضوعات المعبرة عن تاريخ وعراقة البلد لكنها الآن تشعر أن مثل هذه القصص يمكن أن تنتظر.
من جانبها، قالت المنتجة والمصورة السودانية إسراء الكوقلي التي شاركت في فيلم (وداعا جوليا)، الذي حصد العديد من الجوائز عالميا، إن طاقم العمل كان يغير خطة التصوير يوميا لأنه كانت هناك مظاهرات متواصلة في شوارع الخرطوم ولضمان سلامة العاملين وأمنهم.
وأضافت أن هذا زاد تكلفة التصوير “أضعافا مضاعفة” وتسبب في اللجوء للتصوير بأماكن داخلية أكثر والتنازل عن الجماليات البصرية، هذا بخلاف تأثر نفسية الممثلين والفنيين الذين كانوا في قلق دائم.
أما بالنسبة للمخرجة والمصورة السورية راما عبدي فتقول إن أكبر مشكلاتها في صناعة الأفلام ببلادها هو افتقاد التجهيزات الفنية الجيدة لأن الإمكانيات كلها تحت يد المؤسسة العامة للسينما المملوكة للدولة بينما لا يملك صناع الأفلام المستقلة المعدات اللازمة وبالتالي يلجأون للبحث عن ذلك خارجيا وهو أمر مكلف.
وبينما ينتظر أبناء اليمن والسودان وسوريا تحسن الأوضاع في بلادهم يدرك كاتب السيناريو والمخرج محمد المغني ابن حي الشجاعية في مدينة غزة الفلسطينية أن قضية بلاده وضعها مختلف.
وقال المغني في الجلسة النقاشية أنه إذا امتلك الآخرون طموحات وأحلاما سينمائية قبل اندلاع الصراعات في بلادهم العربية فهو شخصيا لم يملك الخيار لترتيب أولوياته لأنه ولد بأرض تفرض قضيتها على الجميع.
وأضاف أنه يعيش حاليا بالخارج وأراد قبل الحرب الحالية تصوير وتوثيق الكثير مما رآه وعاصره في غزة لكن دخول القطاع كان صعبا للغاية والخروج منه أصعب.
وأشار إلى أنه يصور عمله الجديد حاليا في مناطق قريبة مثل مخيم شاتيلا في لبنان الذي تأزم به الوضع أيضا لكنه يأمل يوما ما “في صنع فيلم بالكامل من غزة”.
(رويترز)