يبدو ان لا احد يريد ان يرى ما يجري في جنين هذه الايام لان الذي يرى ما يجري يصبح ملزما ان يجد جوابا وتفسيرا واضحا لما يجري او ان من واجبه اتخاذ موقف معلن مما يجري او انه يصبح ملزما بالقول للناس الى اين تأخذنا دولة الاحتلال وما الذي تخط له وما هي الاهداف غير المعلنة التي يسعى جيش الاحتلال لتنفيذها ذلك انه من غير المنطقي ولا يمت لتجاربنا مع الاحتلال بصلة ان يعلن جيش الاحتلال انه سيقوم بفتح معبر الجلمة مثلا امام المتسوقين من فلسطينيي الاراضي المحتلة عام 1948م في حين يواصل الجيش عملياته العسكرية في مخيم واحياء المدينة وعديد البلدات والقرى المحيطة علما ان هذا الحاجز مغلق امام الجميع منذ السابع من اكتوبر 2023م وان جنين يعتبرها الاحتلال عاصمة المقاومة فما الذي يجري اذن
لم يعد الامر ملاحقة المقاومة ولا الغاء المخيمات فما يقوم به الجيش ابعد بكثير من كل هذا ذلك ان قراءة بسيطة لواقع الحال تثبت ان الامر ليس مجرد احداث عابرة وعلى سبيل المثال:
من كل ما تقدم اضافة الى الاعلانات المتكررة لترمب واركان ادارته عن ان الضفة الغربية هي يهودا والسامرة فان من الواضح ان الاحتلال ذاهب الى تأكيد ذلك بكل الوسائل وجعله حقيقة قائمة على الارض واصدار القوانين التي تكرس ذلك ومع ذلك لم يلجأ الاحتلال الى التخلص من السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مع عدم التوقف عن اضعافها والهجوم عليها بكل مناسبة وبكل الاشكال مع حرصه على بقائها ضعيفة ومشلولة فما الذي يخطط له الاحتلال وما الذي يهدف له من وراء ذلك.
هل ما يجري في جنين بروفة لما يسعى الاحتلال الى تطبيقه في قطاع غزة مثلا عبر ايجاد ادارة فلسطينية او شركة امريكية او وجود امريكي رسمي مع بقاء قواته لحماية تلك الادارة بحيث تتحمل الولايات المتحدة الشؤون الادارية ويتحمل الاحتلال الشؤون الامنية وبالتالي يتدرب ويدرب قواته على ذلك
ام ان الامر سيطال الغاء السلطة وفرض وجود الاحتلال بعد ان يعتاد الناس على ذلك ويبقى السؤال اين دور السلطة وما هو رايها وكيف ترى الامور ولماذا تصمت ولا توضح لاحد وخصوصا لشعبها ما الذي يجري على ارض الواقع ولماذا وهل هي على علم ام انها باتت لا حول لها ولا قوة واذا كان الامر كذلك فلماذا لا تلجأ لشعبها ليقف في وجه الاحتلال بكل قواه والامر يتعدى السلطة الى موقف فصائل وقوى منظمة التحرير التي يبدو انها في حالة سبات عميق لا ترغب بان تصحو منه.
السلطة تصر على رفض اي دور لحماس في غزة وبنفس الوقت لا تترك فرصة الا وتؤكد حقها وحدها بحكم غزة مع ان الاحتلال يكرر رفضه المعلن التام لعودتها الى هناك في حين يتحدث اخرون امريكا واوروبا عن ضرورة تجديد السلطة واصلاحها وتتساق هي مع هذه الطلبات " اهلان الرئيس عباس في مؤتمر القمة الطارئة في القاهرة شروع السلطة بإصلاح ذاتها " مما يعني اعترافه بحاجتها للإصلاح
قانونيا انتهى عصر الحكم الذاتي الانتقالي الفلسطيني منذ زمن بعيد حسب اتفاق اوسلو المحدود بسقف الخمس سنوات فها جرى او يجري اتفاق او تفاهمات جديدة مع السلطة حول نمط جديد لإدارة الضفة وربما تمهيدا لدور ما يرضى عنه الاحتلال في غزة وهل يمكن اعتبار تجربة جنين تدريبا حيا على مستقبل الضفة او مستقبل غزة او كلاهما معا وهل باتت القدس خارج اية معادلات الا معادلة ترامب والضم وتوحيدها تحت الاحتلال كعاصمة لدولة الاحتلال
لماذا تصمت السلطة صمت القبور ولا تقدم تفسيرا واحدا على ما يجري في الضفة الغربية وتحديدا على ما يجري في جنين وتقبل بعودة الحياة الطبيعية تدريجيا في جنين مع وجود جيش الاحتلال في المخيم والمدينة والقرى المحيطة ويسعى الاحتلال الى تثبيت وجوده الفعلي في المنطقة بشكل مختلف يحرص فيه على ان يمارس الناس حياتهم الطبيعية وكان لا شيء يجري على الارض ويقوم بأنشطة واجراءات مختلفة في كل منطقة عن الاخرى فما يفعله في جنين يتشابه ولا يتطابق مع طولكرم ولا يتشابه مع نابلس وانشطة اخرى واخرى في رام الله وبيت لحم والخليل والتطهير العرقي في مسافر يطا او الاغوار لا يظهر في رام الله والتهجير في جنين وطولكرم لا يظهر في بيت لحم والعدم في جنين وطولكرم لا يطبق في الخليل ولا شيء من كل هذا في اريحا.
هل هناك اتفاق جديد سيهبط على رؤوسنا غدا بالباراشوت مما يجعلنا ملزمين بحبس انفاسنا مسبقا حتى لا ننفجر من شدة الضربة وهل تسعى اسرائيل فعلا لتقسيم الضفة الى جيتوهات ومعازل تمنحها القدرة على السطو على الارض وتترك للناس اماكن لإدارة شؤونهم دون ان تتركهم
مرة اخرى والف لم تقم السلطة الوطنية الفلسطينية باي اجراء يخفف معاناة شعبها ولو نفسيا فلا اتفاقيات المصالحة نفذت لا كليا ولا جزئيا ولا القيام بدور الرافعة للعمل السياسي والدبلوماسي الفلسطيني خصوصا وان العالم يفرض حصار على غزة والمقاومة بحيث يصبح دور السلطة منقذا حقيقيا وضرورة لا بديل عنها لرفع الحصار السياسي عن المقاومة تمهيدا لرفعه عن شعبنا وقضيتنا كما ان الوحدة الوطنية ستشكل جبهة امامية للموقف العربي الذي يحاول ان يصد عنه هجمات ترمب وعصابته..
أيها الفلسطينيون ان لم ترفعوا صوتكم عاليا ومدويا لتوحدوا بيتكم وتحموا غدكم فاحبسوا انفاسكم وانتظروا
أسالة وأسالة لا نهايات لها ولا احد يمكنه الاجابة عليها الا السلطة الفلسطينية التي ينتظر شعبها قولا فصلا او خطوة فاصلة تضع حدا لكل التيه الذي يعيشه الشعب الفلسطيني داخل فلسطين في غزة والضفة والقدس وكذا في الاراضي الفلسطينية المحتلة 1948م وهل لا زال هناك من يعتقد ان كذبة الدولتين لا زالت تنطلي على شعبنا.