تتوشّحُ عزلتي بثوبٍ مترفٍ من السكون،
لا أنيسَ لي سوى صدى أفكاري،
تتلاطمُ كأمواجٍ هائمةٍ
في بحارِ عقلٍ أثقلتهُ الخيبات.
أرتشفُ قهوتي،
سوداءَ كأغوارِ ليلي،
مريرةً كالأيامِ التي أبتْ أن تمنحني صحوةً
تكفي لمواصلةِ ما بدأته.
خذلني الشايُ الذي لطالما آثرتهُ رفيقًا
في ليالي الأرقِ الموحشة.
أقلبُ صفحاتِ روايةٍ مجهولةِ المصير،
أغوصُ في سطورِها كالتائهِ في سرابٍ كاذب،
أحيا بين شخصياتها بلا اختيار،
تارةً أكونُ البطلةَ،
أقفُ عند هامشِ القدرِ مُثقلةً بالانكسار،
وتارةً ظلٌّ شاحب،
اسمٌ منسيٌّ يتخطّاه السردُ بلا أثر.
أهربُ عبر الكلماتِ
إلى عوالمَ لم يُخلقْ لها وجودٌ
إلا في خيالِ كاتبها،
أصوغُ منها عالمًا لا يحدّهُ منطق،
ولا يقيّدهُ واقعٌ يمارسُ سطوتَهُ على الأحلام.
لكنّ الهروبَ سرابٌ آخر،
ما إن يخبو وهجُ الحبرِ
حتى تخمدَ نيرانُ الخيالِ،
ويذوبُ مفعولُ القهوةِ.
فتصفعني الحقيقةُ بلا رحمة،
تدفعني إلى عالمٍ يجيدُ الخذلان،
حيثُ الصمتُ أكثرُ وطأةً من الصراخ،
والمرارةُ قدرٌ متجذّر،
لا فكاكَ منه.