السبت 27/10/1446 هـ الموافق 26/04/2025 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل ملَكَ العرب قوة مالهم ام خسروه....عدنان الصباح

 

 

 في اكتوبر 1973م شارك البترول العربي في المعركة ضد دولة الاحتلال كسلاح ناجع كان له تأثير استراتيجي على مجريات الاحداث فيما بعد وقد دفع الملك فيصل حياته ثمنا لذلك القرار الذي جعل الولايات المتحدة والغرب باسره يتنبهون الى خطورة هذا السلاح فاحكموا سيطرتهم عليه وعلى منابع دخله تاركين للعرب حرية التمتع بأموالهم بالمعنى الاستهلاكي فقط بما يعني ان يبقى هذا المال قادر على الخدمة باتجاهين الاول هو خزائن الولايات المتحدة ومن ترغب هي به من دول الغرب والثاني تحقيق الرفاهية والفساد في انظمة الحكم العربية وهو ما يعني ان اي استخدام آخر سيوجب الرد.

في الاعوام الاخيرة بدا العرب يستخدمون اموالهم باتجاهات مختلفة بعضها بإرادة الولايات المتحدة كإثارة الحروب والصراعات في المنطقة والعالم وبعضها كباب خلفي ممكن لتحقيق مصالح الولايات المتحدة هنا وهناك كالتعاطي وادارة انشطة قوى وجهات عسكرية وسياسية وصولا الى احكام السيطرة على هذه الجهات وحتى صياغة توجهاتها ولعبت دولا عربية ادوارا اقليمية وعالمية في كثر من الاحيان باستخدام وفرة المال وحرية التحرك به ولكن لخدمة اغراض الدول الكبرى.

يبدو ان العرب تنبهوا الى خطورة مالهم وقدراته الهائلة التي تجعله " ان استخدم في المكان الصحيح " ان يتحول الى سلاح ذو حدين وهما بناء الذات وهدم الاعداء فذهبت السعودية الى بناء اقتصاد حقيقي بعيدا عن البترول تحضيرا لغد مجهول ومنعا لمفاجآته بينما تحولت الامارات الى مركز ثقل مؤثر في النزاعات والصدامات المسلحة بمشاركة سعودية ومن خلال اهداف اقتصادية تتجاوز البترول وقدراته وذهبت قطر الى ابعد من ذلك بكثير حد الاقتراب من التأثير في سياسات المنطقة والعالم احيانا فلعبت دورا محوريا في المحادثات الامريكية مع طابان ودور اكبر في سوريا وليبيا وغيرها بل وتدخلت بدور الوساطة في الحرب الاوكرانية واقتربت من ايران ومحور المقاومة وشكلت سندا حقيقيا لحماس ظهرت نتائجه في السابع من اكتوبر 2023م وما تلاه وقبل ذلك وصلت بها الجرأة الاقتراب من البرلمان الاوروبي والتأثير على قراراته وقبلها نافست دول كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة وحازت على حق استضافة المونديال وهناك من يقول ان المال القطري وظف جيدا للحصول على استضافة المونديال بالتصويت ويؤشر تقرير نشرته فراس فتبول الى ان الفيفا قبلت كل الرشاوي القطرية وحتى وصل الى حد القول ان الرئيس الفرنسي ساركوزي ساهم في اقناع رئيس الفيفا بذلك الى جانب عديد من نجوم الفيفا العالميين.

بعد حرب اكتوبر 1973م لجأت حكومة غولدا مئير الى تشكيل لجنة تحقيق رسمية " لجنة أجرانات " للتحقيق بأحداث تلك الحرب وتحديد اسباب الفشل وتحميل المسئوليات وقد عملت اللجنة واصدرت توصياتها وتم تبني هذه التوصيات بالكامل من قبل قادة دولة الاحتلال آنذاك وقد غادرت رئيسة وزراء اسرائيل الحياة السياسية الى غير عودة بعد تلك الحرب فلماذا يصر بنيامين نتنياهو على رفض تشكيل تلك اللجنة رغم حجم الفشل والكارثة الذي اصاب دولة الاحتلال خصوصا وانه جاء من فصيل فلسطيني لا من دولتين عربيتين بحجم مصر وسوريا.

حكومة العصابة في دولة الاحتلال تواصل اصرارها عبر رئيسها على رفض تشكيل هيئة تحقيق رسمية اي انها ستخضع للنظام العام لدولة الاحتلال وباستقلالية تامة عن الحكومة وبقيادة المحكمة العليا التي يعتبرها نتنياهو وعصابته جزء اصيل من الدولة العميقة " اليسار العلماني والجيش والاكاديميين والقضاة " وهي ستكون بالتالي سيف مسلط على رقبة الحكومة ورئيسها تحديدا.

تطورات الاحداث التي تتوالى والتحقيقات حول فشل السابع من اكتوبر وما جاءت به تحقيقات الجيش وتحقيقات الشاباك تشكل جرس انذار خطير لبنيامين نتنياهو بعد ان تكشف للتحقيقات التي يديرها رونين بار رئيس الشاباك المنوي اقالته ان هناك فضيحة خطيرة تدق عمق دولة الكيان وهي  دحول المال القطري على الخط  ليس في دعم حماس فقط ولا في اسناد الشعب الفلسطيني ولا محاولة من نتنياهو لشراء حماس واسكاتها كما كان يروج بل وعلى ما يبدو فقد كان رئيس حكومة العصابة غارق بفساد الرشوة حتى النخاع وهذه المرة ليس بقبول هدايا السيجار ولا الشمبانيا الفاخرة ولكن ملايين الدولارات وليس على شكل هدايا لتمرير صفقة سفن ولا خدمة لشركة هنا او شركة هناك وانما على حساب الامن القومي لدولة الاحتلال والذي لم تتأخر نتائجه فجاءت بالسابع من اكتوبر او جاء بها السابع من اكتوبر.

حكاية المال القطري تدخل مكتب نتنياهو وعلى ما بدو انها تقترب منه شخصيا وكل الاشاعات التي اثيرت حول اعضاء مكتبه وعلاقتهم بقطر والمال القطري ولماذا طلب نتنياهو من قطر رفع المساعدات المالية لحماس وهل ستكشف تحقيقات الشاباك التي يجريها رئيسه رونين بار عن ان نتنياهو كان صاحب الفضيحة وان ملايين قطر وصلت اليه بمعرفته مقابل غض الطرف عن الملايين لصالح بناء قوة حماس العسكرية  وتعريض امن الدولة التي يراس مجلس وزراءها لخطر الهزيمة المطلقة والسؤال المباشر الذي سيكون غدا هل كان رئيس وزراء دولة الاحتلال خائنا لدولته ومنصبه واهدافه ومعتقداته المعلنة ام انه كان كاذبا من اليوم الاول.

المال القطري سبق له وان لعب دورا مشابها في برلمان الاتحاد الاوروبي في بروكسل كما حمل ايضا اسم قطر جيت عام 2022 فهل ادرك العرب او في طريقهم لان يدركوا ان بيدهم اسلحة لا حصر لها واسهلها واكثرها هو المال وان الاموال هو السلاح الاكثر قدرة على التلاعب بالأعداء والسيطرة عليهم اذا ما تم تسخيره لخدمة اهداف عليا للامة وبأنماط عديدة ومختلفة

هل يمكن لتريليونات العرب ان تصبح اداة العرب للنهوض بدل ان تبقى عصا مسلط على رؤوسنا نضعه بيد الاعداء بإرادتنا ونصبح عبيد لمالنا بيدهم مع انه يمكن ان يكون عصا بيدنا نشق صفوفهم به وهم الاكثر رغبة وعبادة له من دون ناس الارض.

حين استخدمت مصر قوتها واستخدمت السعودية نفطها انتصر العرب كان ذلك في حرب اكتوبر 1973 فهل كان الامر كذلك وبشكل اذكى في طوفان اكتوبر 2023 وحدها الايام ستكشف لنرى ماذا فعلنا وما الذي يمكننا ان نفعله حتى لو لم نفعل ذلك بهدف واضح فلقد اتضح لنا ان الامر ممكن فهل سيمكننا يا ترى.

ما الذي جرى اذن ومن الذي فتح الان ابواب التحقيقات في مكتب نتنياهو وهل جرى ذلك بعلم الولايات المتحدة ام ان قطر تجاوزت الحدود وتخطت الخطوط الحمراء سواء في تمويل حماس او في اختراق بنيامين نتنياهو ومكتبه او الوصول اليه شخصيا فكل المؤشرات تشر الى ان نتنياهو كان يقدم خدمات لحماس عبر قطر فهل كان يحصل على الثمن في الطريق بينهما حتى تمكن الطرفان من اخضاعه وصولا الى السابع من اكتوبر واذا كان الامر كذلك فهل سنشهد هجمة ترامبية على المال القطري ومن ثم العربي.

بعكس كل اعلاناته فان ترامب رافض الحروب دفع بالولايات المتحدة الى حرب مباشرة على اليمن بل ومنع دولة الاحتلال من المشاركة فلماذا واية اهداف يسعى اليها مما يفعل

  • حربه على زيلينسكي حتى ارضاخه
  • رشوة السعودية بمنحها دورا محوريا في اهم صراع في العالم روسيا – اوكرانيا
  • حربه على اليمن العدو الرئيس للسعودية
  • تحضير الاجواء لخنق ايران او اعلان الحراب عليها وان مع وقف التنفيذ
  • اعلانه رغبة بلاده بالسطو على غزة وتهجير الفلسطينيين وبناء غزة دون مال امريكي

فهل بدأت الولايات المتحدة حربها على المال العربي بعد ان تحول الى سلاح ووصل الامر به حد الاقتراب من البقرة المقدسة " دولة الاحتلال " واي السبل يمكن للمال العربي ان يسلك ليتفادى جنون ترامب خصوصا اذا لم يكن جنونا شخصيا وهل يستطيع العرب رشوة رجل العقارات الاول في العالم ام انهم قد فعلوا حتى تحولت الرياض الى محج روسيا والولايات المتحدة والصين وصارت قطر عاصمة التفاوض والوساطة في اهم حرب في الشرق الاوسط بكل جبهاتها ومركزها غزة.

كثير هي الاسلة لكن الاخطر فيها هو من سيدفع الثمن في النهاية وكيف وهل ستنتهي الامور لا غالب ولا مغلوب ام ان قطر وحماس سيدفعان ثمن استغفالهما لبنيامين نتنياهو واركان عصابته فالسيناريوهات كثيرة لكن الاهم هي نتائجها ومن سيدفع ثمن ما جرى يوم السابع من اكتوبر وما تلاه ومن سيدفع ثمن الوصول الى بيت نتنياهو وبالتالي قمة القرار في دولة الاحتلال " بقرة امريكا المقدسة " والاهم من ذلك بأية ادوات يمكن الانتصار في حرب الابادة والسيطرة في غزة والضفة وهل لا زالت ادوات الحرب ممكنة ام ان على حماس والمقاومة ومعهما كل من دعمهما ان يجدا وسائل وادوات قتال وعتاد حرب يجب عليها ان تكون مختلفة.

اخطر الجبهات كانت ولا زالت اليمن والحرب الامريكية عليها وبشكل معلن اعلان ان لا تراجع الا بإخضاعها وهو ما ترغب به السعودية وتقوم به امريكا فهل يكفي ترليون واحد من السعودية ثمنا لكل ما فعلته امريكا ترامب ام ان الثمن سيكون اكثر واقسى وهل سيذهب ذلك ايضا الى قطر ومالها ومكانتها الى ان يصل الى مكانة مصر السياسية والعسكرية.

كل ما تقدم منوط بما تخطط له الولايات المتحدة للعالم القادم ومكانة الشرق الاوسط كغرفة عمليات لإدارة الحروب في العالم القديم وسيكون ذلك واضحا اذا ما قبل العرب دور الشريك المنفذ لمشروع الولايات المتحدة في العالم القديم من بوابة الشرق الاوسط بمعنى مشاركة عربية تركية مع دولة الاحتلال لعزل ايران وتركها وحيدة الى ان يأتي الوقت الذي يصبح التخلص منها مصلحة للجميع واذا لم تصحو الاطراف جميعا لما يحاك في المنطقة والعالم فسيغيب الجميع عن الساحة وتبقى امريكا ومن يقبل بلعب دورها الذي تريد بالوكالة عنها ولصالحها وهذا مرهون بتفتيت سوريا واذعانه ولبنان لاتفاقيات التطبيع قبل ان تتحول المنطقة الى حلف امريكي لا عدو له الا ايران المحاصرة او تبدأ صناعة الخارطة الجديدة ليس للشرق الاوسط كوحدة واحدة بل لكل دولة ايضا على حدة وبدءا من سوريا وهو دور يعتمد اولا على استعدادات الحكم الجديد في سوريا لإعلان الولاء بل وتنفيذ المشاريع من خلال حلف الولايات المتحدة الجديد بحيث تكون دولة الاحتلال فيه مشاركة لا متفرجة ولا مستثنية ويتم تعميدها كجزء اصيل من المنطقة ان لم يكن قائدا لها.

المطلوب الان امريكيا ان يرضخ الجميع ويطبعون مع الاخ الجديد " دولة الاحتلال " باتفاقيات ابراهام والحلف الامني وتقود السعودية قوافل التطبيع والتحالف الامني الامريكي وتشارك لبنان وسوريا باتفاقيات سلام وتطبيع كدولتين وقبول العراق بمكان في بيت الطاعة والتطبيع وتصمت ايران عن كل ما يجري حولها ان اصرت على مكانة الثورة وتأتي مصر والاردن الى طاولة التطبيع والطاعة بدل الاكتفاء باتفاقيات سلام تعيش حالة التفريز منذ ولدت او ان يتم اعادة صياغة وخلط للأوراق وتفتيت المفتت وتدمير الموحد حتى لا يمكن جمعه من جديد او ان يجد العرب ومن يحالفهم دربا للمواجهة والتي لن تكون رحلة عسل بل مواصلة لرحلة دم  لن يكون بمقدور احد تحديد نهاياتها.

فلسطين بضفتها وغزتها بوابة كل شيء فان تمكنا من اختراق الصمت العالمي ووجدنا عتادا جديدا لحربنا واعدنا صياغة تحالفات الكون سننقذ انفسنا والعالم من جنون الشر الامريكي اما ان ترك الكل الكل لقمة سائغة لجنون امريكا باسم ترامب فالسلام على الجميع وليس لهم لن يكون بعيدا والجميع هنا تطال العالم وليس العرب وحدهم.

 

 

2025-03-21