الأربعاء 23/11/1446 هـ الموافق 21/05/2025 م الساعه (القدس) (غرينتش)
من يدفع ثمن فوضى المسلحين في نابلس؟....أمينة خليفة

أعلنت حكومة نابلس التابعة للضفة الغربية، عن مبادرة جديدة لترميم المنازل المتضررة خلال المداهمات الأخيرة لقوات الاحتلال، على أن يُمول المشروع بشكل مشترك من ميزانية السلطة الفلسطينية وبلدية المدينة. ورغم إيجابية هذه المبادرة إلا أنها أثارت انتقادات بين السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، فيرى البعض أن هذه الأموال كانت مخصصة في الأصل لقطاعات أساسية كالتعليم والرعاية الصحية، وأنه من الظلم صرفها عن الأطفال والطلاب والمرضى، فيما يرى المنتقدون أنه بما أن المداهمات العسكرية كانت نتيجة تصرفات الفصائل المسلحة العاملة في المدينة، فمن الأنسب أن تتحمل تلك الجماعات تكاليف إعادة الإعمار، بدلاً من تحميل العبء على عامة الناس. وعانت "نابلس" ومناطق متفرقة في الضفة الغربية من ممارسات الفصائل المسلحة التي تنشر الفوضى دائما بها، وتستهدف ذرع الفتنة بين الأهالي وتشكيكهم في قدرات السلطة الفلسطينية، كما أنها تشتبك تارة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي وتارة أخرى مع قوات السلطة الفلسطينية في محاولة لإبراز نفسها، وبذلك تحول الشوارع إلى ساحات حرب لا تهدأ، وتعمق أزمة الأهالي من ويلات الحرب سواء بتجدد القصف الإسرائيلي عليهم أو إشاعة الفوضى التي تمنع المدنيين من الخروج إلى الشوارع وممارسة حياتهم بشكل طبيعي. لذلك تبدو مبادرة ترميم منازل نابلس جيدة لأنها تخدم المدنيين وتعيد للمدينة الأثرية رونقها التاريخي، ولكن من المهم هنا تحميل تلك الجماعات المسلحة تكاليف إعادة الإعمار، بدلاً من تحميل العبء على عامة الناس وعلى السلطة الفلسطينية.

وواقعيا، تتحمل السلطة الفلسطينية مهاما كثيرة والتي أبرزها حماية المدنيين والحفاظ على الأمن العام والقضاء على فرص الفوضى التي تشيعها الجماعات الإرهابية المسلحة، وكذلك توفير مقومات الحياة لصالح الأهالي، وبالتالي لا يجب عليها دفع فاتورة الحرب أو ترميم البيوت، فعليها أن تواصل دورها الرئيسي الذي لا تحيل عنه وهو حماية كل ما هو فلسطيني، وتوفير متطلبات الحياة للأهالي وكذلك تعزيز الخدمات الطبية وزيادة الاهتمام بالتعليم، وعلى هؤلاء المسلحين تحمل الفاتورة. ربما يبدو مقترح تحميل تلك الجماعات المخربة مسئولية الإعمار، بعيد المنال، خاصة مع تمسك قياداتها بحقها المزعوم في الدفاع عن الأرض وحقها في السلطة، إلا أنهم في الأساس لا يريدون إلا إشاعة الفوضى واستفزاز الاحتلال لارتكاب مزيد من التضييقات والاعتقالات في حق الأهالي وتضييق أفق الحياة عليهم، بل وتريد أيضا نزع الحكم من قبضة السلطة الفلسطينية الشرعية وتحويل الضفة ومناطقها إلى مناطق اشتباكات أو بالأحرى غزة جديدة. وعلى تلك الجماعات أن ترفع يدها عن الضفة الغربية، ولا تنصب نفسها واصيا على الأهالي أو متحدثا رسميا باسمهم، وإذا فعلا رغبت في الإصلاح فعليها تحمل فاتورة الإعمار بأن تساهم في عودة الهدوء لحياة المدنيين، وتتحمل مسؤولية ضياع الأموال التي من المفترض أن تستثمر في الصحة والتعليم بدلا من الإعمار، لأن ببساطة إذا لم تكن هناك مواجهات بين الفصائل المسلحة مع الاحتلال، فلذهبت تلك الأموال لدعم حق المدنيين في توفير متطلبات الحياة الأساسية في ظل الحرب التي تمنعها عنهم، وكذلك تعزيز الرعاية الصحية ودعم صحة الأطفال والمرضى والنساء في ظل ما يواجهونه من نقص الغذاء والأمراض النفسية الناجمة عن تهديدات الاحتلال المستمرة لهم ومداهمة منازلهم. وتبقى مصلحة الأهالي في العيش في هدوء بعيدا عن الحرب مع الحصول على مقومات الحياة والرعاية الصحية حقا أصيلا تدعمه السلطة الفلسطينية، في حين تتهرب الجماعات المسلحة من مسؤوليتها ودورها في خدمة الأهالي، بل وتزيد الطين بلة بتنفيذ أعمال العنف والفوضى التي تستفز بها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهنا يدفع المدنيين ثمن سلوكيات المسلحين.

2025-04-27