الأحد 11/11/1445 هـ الموافق 19/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قبل الحديث عن المصالحة ، لابد من معرفة الجواب....م . زهير الشاعر

لم أعد أحتمل التدليس الذي يُمَارس في حق شعبنا ، وكون أن الأمور لا تمر علىَّ مر الكرام ، كان لابد من الحديث بصراحة أكثر ، ففي ظل الحديث عن المصالحة الفلسطينية يبدو لي بأنه ليس مستغرباً مشهد المبالغة في التسويف وما تسرب عن حجم الوفد المقرر زيارته لقطاع غزة مع وفد حكومة الوفاق الوطني ، وما سيترتب على ذلك من مصاريف ضخمة، وذلك للبحث عن آليات للالتفاف على متطلبات تنفيذ هذه المصالحة التي لا تحتاج أكثر من قرارات شجاعة ومُلزِمة لجميع الأطراف.

لكن في ظل التحريض المستعر على قطاع غزة بطرقٍ مختلفة، وبالتزامن مع المسارعة في عملية تقسيم الغنائم بصمتٍ،  بعيداً عن أعين الرقابة خاصة في التقاسم الوظيفي في الإبتعاث ، الذي يتم ما بين الصندوق القومي الفلسطيني ووزارة الخارجية الفلسطينية، حيث يتم تسكين أبناء المتنفذين في وظائف عليا، وهناك تعبئة واضحة جداً وموجهة بين أبناء المنتفعين من حالة الانقسام القائم، حتى يؤدي ذلك إلى تشكيل جبهة مترابطة المنافع،  تمارس الإصرار بقوةٍ على العمل على إدامته لتحقيق هدف الانفصال ما بين شطري الوطن إن لم يتم تحقق غاياتهم بما يضمن مصالحهم ، وذلك بهدف حماية المجرمين منهم في حق الوطن من المحاسبة القادمة وضمان الحفاظ على مصالحهم مستقبلاً.

كل هذا يتم من خلال تعليق الشماعة بين الحين والأخر على مسببات وهمية ومصطنعة ومعشعشة في عقولهم فقط بهدف الإبتزاز من ناحية، ومن ناحية أخرى لعدم الإلتزام الكامل بتنفيذ هذه المصالحة أو لممارسة المماطلة في تنفيذها، في دلالة وقحة على حالة التخبط التي تعيشها المنظومة الفلسطينية الحاكمة، وهي المنظومة البائسة والمشلولة تماماً، كونها تدرك بأنها باتت تعيش أخر أيامها.

تقوم بذلك من أجل إطالة أمد عمرها بعيداً عن النظر للمصلحة الوطنية الشاملة والعامة ،  والتي يستطيع صاحب القرار تذليل وقع مصائبها بشحطة قلم،  والتوقف عن المكابرة والعناد والبحث عن مبررات لإفشال المصالحة،  لو أراد ذلك!، مما يدل على أن هذه المنظومة الآيلة للسقوط حتماً مترابطة المنافع ولا نية لديها لترك الحكم أو الذهاب بطيب خاطر وفي إطار ما نص عليه القانون إلى الانتخابات العامة!.

وقد كنا قلنا سابقاً بأن من يعطون صاحب القرار،  المبرر بالتمادي في هذا السلوك العدواني والسادي والهمجي من خلال تحقير شعب مكلومٍ بأكمله خاصة في قطاع غزة وإستغلال عواطف ابنائه بين الحين والآخر،  يستطيعون قلب الطاولة رأساً على عقب من خلال الإعلان عن رمي المسؤولية عليه بالكامل،  والانسحاب من المشهد السياسي، والمدني، والمهني، والإعلان الصريح عن تحميله مسؤولية هذا القطاع، وإن رفض ذلك، يبقى التوجه إلى انسحاب قطاع غزة من التبعية لمنظومته ، والبدء بالتحضير لعقد انتخابات محلية ورئاسية وتشريعية فيه ، وفتح الأبواب على مصراعيها  أمام كل القادة الفلسطينيين بدون تمييز أو توقف عند خلاف هنا أو هناك وذلك للمشاركة في التغيير الجذري، هو الخيار الأمثل، وحينها ستتحرر الضفة من  قبضته الديكتاتورية تلقائياً،  إن لم يعلن صراحة عن موعد للانتخابات العامة،  وعدم ترشحه فيها، وذلك للتأكيد على تخليه عن الحكم نهائياً غير مأسوفٍ عليه، وبالتالي إرباك منظومته وفضحها وشل حركتها ونشاطها بالكامل!، وقد كنا محقين بذلك وهاهي بذور تحقيق النتائج من تطبيق ذلك بدأت بالفعل.

ففي ظل هذا  الوضع الفلسطيني القائم هناك نقطة تحول مهمة ، لربما تكون غائبة عن الجميع وهي الا ينسى الشعب الفلسطيني عملية الدفع المبرمجة والمذلة،  من خلال التلويح الوهمي بفصل قطاع غزة بين الحين والآخر،  والتي كانت قد تسارعت وتيرة الضغط باتجاه تنفيذها في المرحلة الماضية،  خاصةً عند البدء بتنفيذ عملية همجية غير مسبوقة،  وهي خصومات كبيرة على رواتب أبناء قطاع غزة دون غيرهم،  وما تبع ذلك من تسريبات حول النية لتنفيذ قرارات تقاعد في حق  7000  آلاف موظف من أبناء قطاع غزة، وذلك بحجة أن الحكومة الفلسطينية تعاني أزمة مالية خانقة،  وهي التي تجمع أموال طائلة من الضرائب سواء بشكلٍ مباشر أو غير مباشر من الكل الفلسطيني بدون استثناء، هذا عوضاً عن أنها تحصل على مساعدات مالية هائلة من الدول العربية والدول المانحة.

لذلك هناك أسئلة ملحة في ظل الحديث عن المصالحة الفلسطينية والاتفاق المبدئي على تنفيذها ، وفي ظل التخوفات التي نجمت بعد الحديث الرخو للرئيس الفلسطيني خلال خطابه أمام الأمم المتحدة بأنه يأمل بأن تنجح هذه المصالحة، في إشارةٍ سلبية على أنه لربما يكون هناك نية مبيتة، خاصةً في ظل ما تلى ذلك من تصريحات باردة لبعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح ولوزير المالية الفلسطيني،  لربما لإفشالها مبكراً!، وهذه الأسئلة باتت تطرح نفسها بقوة وهي:  

ما هو الحل للتعامل مع هذه الحالة العدوانية السادية المراوغة التي بات سلوكها يمثل  جريمة إنسانية، ووطنية تاريخية غير مسبوقة في تاريخ الشعوب؟!.

 فهل الصمت والسكوت على سرقة مقدرات الوطن، وتبادل التهم بين هذا وذاك، والتمترس وراء رؤى ضيقة، ومصالح ذاتية، وأجندات قاصرة تتسبب يومياً في إضعاف الجميع وضياع الوطن، وتدمير مقوماته، وتحويل أبنائه جيل بعد جيل إلى ضحايا سهلة السقوط في مستنقع الخيانة والعمالة والضياع أو في مستنقع التطرف!، هو الحل؟!.

أيضاً ، ماذا لو تحركت الأطراف الوطنية في حال عدم الإلتزام ببنود المصالحة الوطنية المرجوة ، وهي التي تربطها علاقات جيدة بالمجتمع الدولي وتتمتع بما لديها من ثقة ومصداقية ، وتستطيع أن تؤثر فيه، والتي بدورها  تتطلع لأن يكون لها دور قيادي في المستقبل القريب بعد الخلاص من هذه الحالة الشاذة والمتغطرسة على كرامة الوطن والمحتالة على القيم والأخلاق والإنسانية والوطنية،  التي تعمل جاهدة لتغييب وعي شعبنا الفلسطيني عن عمد؟!، لتطالب هذا المجتمع من خلال رسائل عاجلة بالكف عن هذا الصمت إتجاه ذبح شعب بأكمله من خلال بيعه الوهم المستمر، وذلك  لحساب مجموعة مجرمة ومنتفعة،  تنهب مقدرات الوطن لحسابها وحساب أبنائها ، وتسيطر على قراره وتتغول على كرامته بدون حسيب ولا رقيب وبوقاحة لا تتناسب مع متطلبات الحقوق الإنسانية ومبادئها؟!.

فماذا سيكون الموقف إن فتحت غزة أبوابها إن رفض الرئيس محمود عباس تنفيذ توصيات المصالحة بكل ما يترتب عليها  من استحقاقات وصون وإعادة الحقوق لأصحابها،  أو محاولة التلكؤ بتنفيذها، وذلك أمام عقد مؤتمر وطني شامل تتداعى له القيادات الفلسطينية بكل الطرق والوسائل المشروعة وبدون استثناء لأحد ،  والبدء بأخذ زمام المبادرة برفع توصيات بعزل هذه القيادة المارقة ورفع الشرعية عنها بشكل واضح لا لُبْسَ فيه،  وتحديد موعد للانتخابات العامة لانتخاب قيادة فلسطينية شرعية جديدة مقبولة دولياً وإقليمياً وتقبل بالسلام كحلٍ عادل على أساس التعايش بين شعوب المنطقة في إطار ما كفلته المواثيق ونصت عليه القوانين الدولية، وتحرص على مصالح شعبها،  وتبني له الأمل من جديد بدون مكابرة ولا تسويف ولا حماقات البعض المنتفع من استمرار هذا الوضع البائس؟!.

وماذا لو تداعى أبناء الشعب الفلسطيني الأحرار في حال تخاذل هذا الرئيس منتهي الولاية وفاقد الشرعية ، بدون النظر لطبيعة الانتماء لهذا الفصيل أو ذاك للوقوف وقفة واحدة ، وقفة عز وكرامة في وجه هذا الظلم وهذا الظالم ، وهذا التغول، وهذا الانحدار وهذا السقوط الذي هدف إلى مصادرة آمال، وحرية أبنائهم، وبناتهم، وزوجاتهم وآبائهم، وداس على كرامة كبارهم وأجدادهم، وأدركوا أن النخوة الوطنية هى لحظة صحوة ضمير وشجاعة تعيد الكرامة وتُنَحي كل مسببات الخوف والجبن والخلاف، وذلك لتحفيز الشارع الفلسطيني للنزول في كل مدن الضفة والقطاع للخلاص من هذه المنظومة الساقطة التي لا زالت تتبادل الأدوار في إذلاله والتغول على كرامته بهدف كسر شوكته؟!.

وماذا أيضاً لو تداعى القادة الفلسطينيين الأحرار من المستقلين والوطنيين إن حصل أي تخاذل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنظومته في تنفيذ بنود المصالحة الوطنية ،  الذين اتخذوا مواقف مشرفة في هذه الأزمة التي استباحت كرامة أبناء الشعب الفلسطيني، وذلك بجرأة أكبر،  من خلال إطلاق نداء مسؤول للتوحد عبر مؤتمر صحفي، والالتقاء حول هدف الخلاص، والإنقاذ الوطني من خلال دعوة عاجلة، باتت مُلِحَة لعقد مؤتمر وطني يُعقَد في قطاع غزة ويضم كل الشخصيات الوطنية والمستقلة من الداخل والخارج بدون استثناء لأحد، للخروج بدعوة وطنية للشارع الفلسطيني، لمطالبته بالنزول للشوارع بمئات الآلاف، لإسقاط مسببات ديمومة هذه المنظومة الديكتاتورية، والالتقاء حول هدف عقد الانتخابات وفضح من يرفضها فوراً ؟!.

وماذا لو تم تبني توجيه نداء آخر لأبناء الأجهزة الأمنية الشرفاء الذين باتوا يتململون من فساد هذه الطُغمَة الفاسدة ومُراوغاتها المشبوهة والمستمرة التي باتت تسيطر على المنظومة الحاكمة،  وذلك لاتخاذ موقفٍ وطني جامع يرفض هذا السلوك العدواني الذي تسلكه هذه القيادة الفلسطينية المتهالكة ضد أبناء شعبهم ، وإعلان التمرد الواضح والصريح على هذه القيادة الديكتاتورية، ليسهموا بذلك في تنفيذ إسقاطها ولجم تصرفاتها المشبوهة والمطالبة بتحويل أفرادها للمحاكمات الوطنية العاجلة؟!.

وماذا لو أدرك أبناء حركة فتح في كل أماكن تواجدهم بأنهم وقعوا ضحية الوهم، فسُلِبَت منهم إرادتهم وصودر تاريخهم، وأُستُبدِلوا بأدوات لا تنتمي لا لوطن ولا لقضية،  على ظهورهم، حيث تم إشغالهم في بعضهم البعض لتحطيم حركتهم وتاريخها الوطني، حتى أصبحت بعد المؤتمر السابع المسلوب ، بلا مضمون وأصبحوا هم ضعاف تائهون؟!.

وماذا لو تحرك حينئذٍ الأعضاء السابقين للمجلس الثوري لحركة فتح ككتلة واحدة ترفض الذل والتبعية وبصوت رجل واحد، للمبادرة بتوجيه الدعوة للمؤسسات الوطنية لتنفيذ عصيان مدني شامل ، رفضاً لسلوكيات هذه المنظومة المشبوهة في ظل هذه المحسوبيات، والرشاوي، والتسلبط على الوظائف والتغول على حقوق الناس وكرامتهم، ومقدرات الوطن على حساب شعب ضحى ولا زال ينتظر؟!.

وماذا لو تحركت حينئذٍ  الشخصيات الوطنية الفلسطينية النافذة، والناشطة حول العالم لتوجيه رسائل سياسية عاجلة للأمين العام للأمم المتحدة ولوزارات الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي الصديقة للشعب الفلسطيني، ولوزارة الخارجية الأمريكية كونها تمثل الدولة العظمى التي ترعى عملية السلام وتتبنى إرساء مفهوم العدالة في العالم، وللدول العربية الشقيقة، لفضح فساد هذه المنظومة وقمعها لشعبها وتعديها السافر على الكرامة الإنسانية A flagrant violation of human dignity  ، وإعتدائها العنصري المتواصل والمتعجرف على الحقوق المدنية لأبناء قطاع غزة بالتحديد The continued racist assault and arrogant aggression on the civil rights of the people of Gaza Strip، وحقيقة عدم شرعيتها في الشارع الفلسطيني And the fact that it is illegitimate in the Palestinian street. ، والطلب بوقف الدعم المادي لها فوراً  ورفع الغطاء السياسي عنها، حيث أنها باتت لا تمثل سوى أجنداتها الخاصة والمشبوهة؟!.

ماذا أيضاً لو سارع حينئذٍ المحامين والحقوقيين الفلسطينيين بتقديم شكاوى قانونية عاجلة في محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان لملاحقة المسؤولين من هذه المنظومة البائسة عن هذه الجرائم الإنسانية التي تُرتَكب في حق أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة؟!.

ماذا أيضاً لو بادر حينئذٍ بشكل فوري مثقفي الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات بإرسال رسائل توضيحية إلى السفارات الأمريكية في العالم مفادها أن الرئيس محمود عباس لم يعد يمثل الشعب الفلسطيني، بل يمثل نفسه فقط، وعليه فإن الشعب الفلسطيني يناشد الإدارة الأمريكية الصديقة برئاسة الرئيس الأمريكي الإنسان الشجاع دونالد ترامب ألا تستقبله مرة أخرى وترفع الغطاء السياسي عنه؟!.

أخيراً،  لو تم الإجابة على كل ما سبق من أسئلة سيعرف الشعب الفلسطيني والعالم أجمع بأن الأزمة الفلسطينية لم تكن أزمة رواتب بل هي أزمة نفسية لقيادة غير شرعية! ، لذلك ماذا لو تم الإعلان عن البدء الفعلي بتنفيذ كل ما سبق فور حصول اي خذلان من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنظومته ، حيال تنفيذ المصالحة الوطنية الفلسطينية بكل جوانبها بما فيها ذهابه إلى قطاع غزة كرئيس يمارس مهامه الطبيعية ويستمع لهموم أبناء شعبه، وليس كضيف عابر سبيل لرفع الحرج عنه فقط؟،.

هل ستواجه حينها هذه المنظومة البائسة الضربة القاضية، وستصبح من التاريخ غير المأسوف عليه تبكي أدواتها على حالهم، وهم يمكثون في قاع مزابل التاريخ، لأن شعبهم الذي يريد أن يعيش بأمن، وأمان، ورخاء وازدهار اقتصادي ، وسلام مع باقي شعوب المنطقة، اكتشف حقيقتهم المرة،  ولم يعد يحتمل التصرفات المجنونة والمشبوهة لزعرانهم المنتشرين حول العالم الذين باتوا يمارسون إرهاباً فكرياً مفضوحاً، فرفضهم وبات يعمل بإصرار على لفظهم، حيث أنه يرفض كل أركان عدوانيتهم وفسادهم وغدرهم؟!، وأن الأمر لم يعد أزمة رواتب تحتاج إلى مصالحة  بل هو أزمة شرعية مفقودة تحتاج إلى تجديد، نتيجة أن هناك أزمة نفسية لأناس غير مؤهلة للقيادة؟!، أم أنهم سيدركون أن هذا هو وطن لشعب حي هم جزء منه وليس مزارع خاصة لهم ولأولادهم، ولبعض الحسناوات اللاتي يأتون بهن من كل حدبٍ وصوب، يذلون فيها من يشاؤون وكيفما يشاؤون، فيتعظون قبل فوات الأوان ؟!.

2017-09-25