السبت 10/11/1445 هـ الموافق 18/05/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
السلطة لا تتخلى عن مصالحها طواعية.... بقلم راسم عبيدات

واهم من يعتقد بأن السلطة تتخلى عن مصالحها بسهولة،او تقدم التنازلات المجانية....وهذا ينطبق على السلطات مكتملة التكوين،فكيف بسلطة غير مكتملة التكوين ...سلطة بدون سلطة.  ...جذر واساس ما وصلنا اليه هو كارثة اوسلو،الذي قسم الأرض والشعب والقضية،وشكل الإنتصار الثاني لدولة الإحتلال بعد النكبة بلغة ثعلب السياسة الإسرائيلية الراحل شمعون بيرس،وما استتبعها من كوارث انقسام  جغرافي ومؤسساتي اداري ...وتحول السلطة من مشروع يفترض ان يكون عام لمصلحة شعب الى مشروع استثماري لمجموعة منتفعة ومستفيدة من "نعم" و"بركات" أوسلو، تسيطر على كل  قدرات ومقدرات هذا الشعب،ومفاصل المشروع،همها الأساس البقاء في هرم السلطة بشكل متنفذ ومهيمن،تتعاطى مع حقوق شعبنا بلغة التجريب والمقامرة،قدسية الأفراد والمؤسسة فوق قدسية الوطن والشعب..قيادة لم تغادر عقلية الإستفراد والإستحواذ والهيمنة  والإستئثار، لا ترى الوطن ومصالحه سوى من زاوية مصالحها وإمتيازاتها ...ولذلك  ابتدعت لنا نظرية "التفاوض من أجل التفاوض"،ولا شيء غير التفاوض مع محتل يبتلع الأرض ويفرض كل يوم وقائع جديدة عليها،وكل من يقول بخيار آخر غير خيار التفاوض مشبوه او يحمل اجندة خارجية هدفها تدمير المشروع الوطني،أي مشروع هذا ..؟؟ الذي أوصلنا الى مرحلة القعر...نستمر في " اجترار" نفس الجمل والمفردات،ونحن ندرك بأنه لا إمكانية لتحول هذه السلطة الى دولة  بإستخدام نفس الشخوص والأدوات للوصول الى نتائج مغايره،وهذا ركض وسير في الإتجاه الخاطىء، لو كانت السلطة تريد أن تغير نهجها واستراتيجياتها لقامت بالإستثمار سياسياً في معركة "سيف القدس"  عبر اشتباك شعبي جماهيري واسع مع المحتل، لا اعتبار أي تحرك شعبي جماهيري أو أي شكل نضالي آخر، تخريب لمشروعها " الوطني" وشكل من اشكال الفوضى  ...الخ.أو محاولة من البعض للإنقضاض على السلطة.

إن الإنفجار الداخلي الفلسطيني  ليس وليد لحظة اغتيال نزار بنات على يد أجهزة أمن السلطة،التي أبدع دايتون في غسل أدمغة الفئة العليا المستفيدة منها،وعمل على " كي" و"تجريف" وعيها،بحيث،بل جملة السياسات والمواقف والممارسات والسلوكيات وردات الفعل التي تقوم بها السلطة،وهي التي كانت تدفع نحو المزيد في تراكم ضعف اداء السلطة واخطائها وسوء إدارتها وتآكل وتراجع هيبتها والثقة بها ..سواء على المستوى الوطني السياسي العام،او على المستوى الحياتي المعيشي الإقتصادي الإجتماعي الخدماتي،وكذلك على صعيد الحريات العامة،حيث القمع والتنكيل وتكميم الأفواه هو من حكم سلوكها ومنهجها  ...التخبط والعشوائية والتجريبية  واستمراء النهج والخيار التفاوضى واعتباره  الخيار الذي لن تحيد عنه السلطة ،وليست مستعدة لكي تفتح الخيار والقرار الفلسطيني على ارحب فضاء عربي- اسلامي،واستمرار الرهان على معسكر التطبيع العربي  الأمريكي....سلطة استمرت تراكم في الأخطاء وضعف الأداء  وفسادها أصبح يزكم الأنوف ورئيسها يقول اعطوني فاسد واحد في هذه السلطة،وهو خير من يعرف أنه من عند  النائب العام السابق وحتى اصغر مؤسسة تتبع السلطة  يتفشى الفساد في أروقتها وجنباتها ....

انفجرت الأوضاع بعد  مجيء حكومة اشتيه،حكومة العناقيد الوهمية والتنمية تحت الإحتلال، حيث لا انجازات سوى " التهريج" الكلامي،وعلى الارض مزيد من الفقر والجوع والبطالة والإرتهان لمؤسسات النهب الدولي..وفي الجانب الوطني السياسي تكرار لازمة السلطة الوطنية، التي لم تعد تتحكم بأي شكل من اشكال السيطرة والسيادة خارج ابواب المقاطعة،ولم تعد أجهزة الأمن الإسرائيلية تقتحم معازل" الف" فقط في المطاردة الساخنة،كما نص عليك اتفاق أوسلو،بل اصبحت " سداح مداح" تدخل وتخرج كيفما تشاء،تعتقل، تقتل،تدمر مؤسسات وتُصدر أوامر عسكرية بإغلاقها ،لجان العمل الصحي نموذجاً.

السلطة راكمت من الأخطاء الكثير الذي جعل الشعب يشبهها بالإدارة المدنية،بل ويترحم على ايام الإدارة المدنية....الغاء انتخابات تشريعية ب"فرمانات" الذي لا ينطق عن الهوى ...لقاحات منتهية الصلاحية..لجان تحقيق للهروب الى الأمام وتمويت القضايا،لجنة رامي الحمد الله رئيس الوزراء السابق،والتي شكلها للتحقيق في تسريب بيت جوده في البلدة القديمة،والتي رحلت معه وغيرها من لجان التحقيق الأخرى...حل المجالس البلدية والقروية وتحويلها للجان تسيير اعمال،تعيين لجان اللون الواحد للقدس وغيرها،تعطيل اجراء انتخابات نقابة المحامين ...الخ،ومن بعدها جاءت القشة التي قسمت ظهر البعير،اغتيال أجهزة أمن السلطة بطريقة وحشية للناشط السياسي والحقوقي نزار بنات،وتشكيل لجنة تحقيق بذلك،لم يقبل أي من مؤسسات المجتمع المدني او الأطباء الخاصين،المشاركة فيها،لتقتصر على وزير عدل السلطة واجهزة استخباراته يحققون،مع أهل ا ل  ش ه يد  والأطباء،والأجهزة الأمنية يحتاجون لإذن للتجقيق معهمنوهذا يحتاج لموافقة وزير الداخلية،والذي هو أيضاً رئيس الوزراء،ولكن لا يمتلك السلطة والسيطرة على أجهزته الأمنية ..والبعض يقول لماذا وصلنا الى ما وصلنا اليه، الفتق والخرق اتسعا على الراتق،ولا بد من اجراء تغييرات جدية وجذرية في الواقع الفلسطيني، تغييرات تطال تغيير حقيقي في طبيعة دور ووظيفة وأداء السلطة،فإما أن تتحول الى سلطة خادمة لكل الشعب الفلسطيني  وتحت مسؤولية المنظمة التي تغولت على صلاحياتها ومؤسساتها،وإما فلترحل غير مأسوف على رحيلها،سلطة في معركة "سيف القدس" شاهدنا العديد من سفرائها، غير مقنعين وغير قادرين عن التعبير عن الموقف وشرح الجرائم التي إرتكبها الإحتلال بحق المدنيين العزل،وبالذات الأطفال الذي قتلوا  تحت الردم والبنايات التي جرى هدمها،ولنصل اليوم الى محافظ،يريد التضامن سلطته، لا يفرق بين القرآن والشعر،وبالأمس يقف رافعاً صورة زعيمه،معلناً تحرير دوار المنارة من "المحتلين"؟؟؟؟.

 

 فلسطين – القدس المحتلة

28/6/2021

 

[email protected]

 

2021-06-30